تناول عددٌ من الصحف الأجنبية التظاهرات التي اجتاحت إقليم هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة، حيث يطالب سكان الإقليم بمزيد من الديموقراطية في الانتخابات المقرر عقدها وقد قوبلت المطالبات برفض من الحكومة الصينية وحدوث اشتباكات مع قوات الشرطة وعمليات اعتقال واسعة.

«إيكونومست»: الصين بحاجة إلى هونغ كونغ
يرى مقال بموقع صحيفة «ذا إيكونومست» البريطانية، أنَّه رغم توتر العلاقات بين إقليم هونغ كونغ وبين الحكومة الصينية واندلاع عدد من التظاهرات بسبب رفض الحكومة توفير مزيد من الديموقراطية قبيل الانتخابات المقبلة، فإن إقليم هونغ كونغ يُشكِّل أهمية كبيرة بالنسبة للاقتصاد الصيني ولا يمكن الاستغناء عنه. فدور هونغ كونغ في المجال المالي الصيني أصبح أكثر قوة وصلابة في السنوات الأخيرة، فهو من أكثر الأقاليم الصينية ملاءمة لتمويل أسهم رأس المال، ومنذ العام 2012 ضخت الشركات الصينية ما يقرب من 43 مليار دولار في الأسواق في هونغ كونغ مقارنة بـ 25 مليار دولار فقط في المدن الأخرى، ولعب الإقليم دور الوسيط بين الشركات الصينية والأسواق العالمية للحصول على السندات والقروض التمويلية، فضلاً عن وجود ثلثي الاستثمارات الأجنبية في هذا الاقليم.

وأضاف التقرير أنَّ الشركات والمستثمرين الأجانب يعتمدون على هونغ كونغ لدخول الأسواق الصينية لأنَّ الإقليم يوفِّر بيئة استثمارية ثابتة ونظامًا قضائيًّا عادلاً ونزيهًا قائمًا على تطبيق القوانين وهو ما لا توفره المدن الصينية الأخرى.

ولا يقتصر الأمر على الاستثمارات الأجنبية فقط، بل اعتمدت الحكومات الصينية في الأعوام الخمسة السابقة على الإقليم لاختبار عدد من الإصلاحات الاقتصادية، ولهذا تعتقد الصحيفة أنَّ إقليم هونغ كونغ ذو أهمية كبيرة لبقاء الاقتصاد الصيني وأية أضرار تقع على الإقليم ستؤثر بالضرورة على الصين، وفقًا لما ذكرته الصحيفة.

«إندبندنت»: الرئيس الصيني أمام خيارين
في افتتاحيتها، الثلاثاء، ترى «ذا إندبندنت» البريطانية أنَّ التظاهرات، التي وصفتها بأنَّها لم يسبق لها مثيل في الصين، تدل على توتر العلاقات بين الصين وهونغ كونغ واقترابها إلى مرحلة خطرة، مضيفة أنَّ هذه التوترات لن تؤثر في الصين فقط، بل ستؤثر في الاقتصاد العالمي وستزيد من الأزمات التي اجتاحت كثيرًا من الدول من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

وترى الصحيفة أنَّ الرئيس الصيني شي جين بينغ يواجه مأزقًا كبيرًا، فعليه أن يختار بين أمرين أولهما هو الاستجابة لمطالب سكان هونغ كونغ وإعطاؤهم الحقوق الديموقراطية التي يطالبون بها، وبالتالي يخاطر بتشجيع احتجاجات مماثلة من قبل حركات معارضة في الصين نفسها، ويرى الرئيس الصيني أنَّ تقديم أية تنازلات سيدل على ضعف الحكومة والرئيس.

والأمر الثاني هو الاستمرار في قمع التظاهرات ورفض مطالبها مما يهدد قمة «أبيك» المقرر عقدها خلال نوفمبر في بكين، ويضر بالاقتصاد الصيني ويشكل ضربة كبيرة للصين التي تُعد من أكبر الاقتصادات في العالم، فضلاً عن الأضرار بعلاقات الصين مع الدول الغربية والقضاء على أية فرصة لضم تايوان.

وتتابع الافتتاحية أنَّ الرئيس الصيني يميل إلى الاختيار الثاني، مثلما فعل مع الانفصاليين في الإيجور والنشطاء في التبت. وفي حالة لم تُقدِّم الحكومة الصينية أية تنازلات سيكون على المجتمع الدولي دعم مطالب المتظاهرين في إقامة النظام الذي يفضِّلون، وفقًا للصحيفة.

«واشنطن بوست»: النمو الاقتصادي عبء على هونغ كونغ
وفي صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، يرى الكاتب مات أوبراين أنَّ هناك أسبابًا اقتصادية للتظاهرات التي اجتاحت إقليم هونغ كونغ بجانب الأسباب السياسية. فالنمو الاقتصادي الذي حققته الصين في السنوات الأخيرة شكَّل عبئًا كبيرًا على المواطنين في هونغ كونغ لأنَّه رفع من مستوى معيشة الملايين من الصينيين مما جعلهم يتحوَّلون إلى هونغ كونغ لشراء العقارات والشقق والبضائع مما أدى إلى زيادة الأسعار وتضاعفها بشكل كبير منذ العام 2009، وزادت الأسعار بنسبة 26 % في الأعوام الأخيرة مما شكل عبئًا ماليًّا كبيرًا على سكان الإقليم.

بالإضافة إلى أنَّ السلطات الصينية قامت بإعفاء هونغ كونغ من الضرائب التي فرضتها على المدن الصينية الأخرى، فزاد من عدد الصينيين الذين يزورون هونغ كونغ سنويًّا ووصلت أعدادهم إلى 50 مليون نسمة، لشراء المنتجات والعقارات.

ولهذا لجأت السلطات المالية في هونغ كونغ إلى اتخاذ إجراءات لمنع الصينيين من شراء العقارات والبضائع في محاولة لإعادة خفض الأسعار وتقليل الاستهلاك، وفقًا للصحيفة.