قالت جريدة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن تطور العمليات التي ينفذها تنظيم «داعش» داخل ليبيا دليل على قدرته على النمو والتكيف، حتى مع زيادة الحملة العسكرية ضده في العراق وسورية من قبل التحالف الدولي بقيادة واشنطن والضربات الروسية، مشيرةً إلى أن لمدينة سرت أهمية خاصة عند التنظيم لقربها من حقول نفطية رئيسة ومصافٍ شرق ليبيا، فضلاً عن موقعها من السواحل الإيطالية، إذ يمكنه العبور منها إلى الاتحاد الأوروبي.

وقدَّرت الجريدة في تقريرها الأحد أعداد المقاتلين التابعين لتنظيم «داعش» في مدينة سرت بنحو خمسة آلاف مقاتل، لافتة إلى محاولات التنظيم جذب المقاتلين المهرة في تشغيل المنشآت النفطية، وتمكن من التغلب على التحديات التي يفرضها وجود التشكيلات المسلحة التابعة للحكومة.

وأشارت إلى وصول عدد كبير من المقاتلين الأجانب وعائلاتهم إلى سرت، في دليل آخر على عزم التنظيم تقوية وجوده داخل المدينة، وكان التنظيم دعا المقاتلين إلى التوجه إلى ليبيا بدلاً عن سورية، بل أرسل عددًا من قياداته ومقاتليه إلى ليبيا.

ونقلت الجريدة عن مسؤولين ليبيين إنها «فقط مسألة وقت قبل أن يحاول التنظيم السيطرة على مزيد من المنشآت النفطية والمصافي قرب مدينة سرت لزيادة مصادر الدخل والتمويل الخاصة به، والتي تمكنه من تمويل عملياته في الشرق الأوسط وأوروبا»، وأوردت عن مسؤول في الاستخبارات العسكرية بليبيا: «لقد أعلنوا نيتهم صراحة، يريدون نقل معركتهم إلى روما».

ويروج «داعش» عبر محطات الراديو الخاصة به في سرت أن «المدينة لن تكون أقل أهمية من مدينة الرقة». وقالت الجريدة إن محاولات التنظيم للنمو داخل ليبيا بدأت مباشرة عقب رحيل القذافي.

وأكدت الجريدة أن التنظيم استطاع استغلال الانقسامات الشديدة داخل ليبيا والاشتباكات بين الفصائل المختلفة لإنشاء معاقل له قرب شواطئ البحر المتوسط وقرب إيطاليا، لافتة إلى تحقيق التنظيم عدة انتصارات أمام جماعات مسلحة مختلفة بينها مصراتة.

ونقلت الجريدة عن قائد ميداني بالكتيبة 166 عبد الله النجار: «دون اتفاق سياسي لن نصل إلى إجراءات حقيقية لمواجهة التنظيم»، ويقول عدد من أعضاء التشكيلات المسلحة في مصراتة إنهم يفتقدون الدعم اللازم لشن هجوم شامل ضد «داعش».

وتسببت زيادة خطر «داعش» داخل ليبيا في زيادة مخاوف الدول المجاورة، إذ أعلنت تونس إغلاق حدودها البرية مع ليبيا، وبناء حائط أمني على امتداد ثلث الحدود لمنع مرور المتشددين إليها.

الأوضاع داخل سرت
أما عن الأوضاع داخل المدينة فتقول الجريدة إن التنظيم يجد صعوبات كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان، إذ خلت محطات الوقود من الوقود ولجأ السكان إلى تهريب الوقود من خارج المدينة.

وبالمثل، خلت مستشفيات المدينة والمراكز الصحية من الأطقم الطبية بسبب القوانين التي فرضها التنظيم من الفصل بين السيدات والرجال، ولهذا يضطر المرضى إلى السفر مسافات طويلة لمدن أخرى للحصول على العلاج، في رحلة تستغرق وقتًا طويلاً بسبب نقاط التفتيش الصارمة التي أنشأها التنظيم.

ونقلت الجريدة عن مهندس مدني فرَّ من المدينة يدعى عمر: «لا توجد خدمات في المدينة فقط عقاب، سرت غرقت في الظلام».

ورأت الجريدة أنه رغم التحديات التي يواجهها التنظيم، فإن «داعش» يستعد بخطط كبيرة لسرت، وظهر ذلك في حوار نشرته مجلة «دابق» الإلكترونية التابعة للتنظيم مع أبو مغير القحطاني والذي تعهد «باستغلال موقع ليبيا الجغرافي ومواردها النفطية لمهاجمة أمن واقتصاد أوروبا».