وَصَفَ تقريرٌ بجريدة «واشنطن بوست» الأميركية سياسة الولايات المتحدة في مساعدة ليبيا لبناء جيشها بعد ثورة العام 2011 مع دول عضوة بحلف «ناتو» بأنَّها تجسيدٌ لقصور خطط الغرب تجاه ليبيا ما بعد الثورة.

وأضاف التقرير أنَّ برنامج مساعدة ليبيا ما بعد الثورة كشف الفراغ المؤسسي الذي تعانيه مؤسسات ليبيا، بالإضافة إلى عمل أجزاء مختلفة من الحكومة الأميركية بشكل متضاد، متسببة في فشل المشروع الذي سعى له الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ووفق التقرير، الذي نُشر أمس الأربعاء، فإنَّ خطة بناء جيش ليبيا التي نُظر إليها كوسيلة قليلة التكلفة وقليلة المخاطر لإعادة الاستقرار إلى ليبيا أصبحت دليلاً على حدود قوة أميركا في ما يتعلق بتشكيل الأحداث عقب موجة ثورات الربيع العربي.

وأكد التقرير أنَّ الخطة لم تستطع أن تعوِّض نقاط الضعف العديدة في الديمقراطية الليبية الناشئة أو إيجاد طرق فعالة جديدة لتدريب وتسليح الأفراد. وبدأت الخطة لإعادة بناء الجيش الليبي في الخفوت تدريجيًّا بسبب عنف التشكيلات المسلحة، وفق التقرير.

تعلم الدرس
وذكر التقرير أنَّ صور جثة السفير الأميركي السابق لدى ليبيا، كريس ستيفنز، عقب مقتله في حادث الهجوم على مجمع السفارة الأميركية في بنغازي العام 2012 كانت نقطة تحول إذ أظهرت مخاطر المسار الذي اتخذته ليبيا بعد الثورة.

وتغيَّرت الأمور بعد الهجوم، إذ جمَّدت أميركا برامجها الدبلوماسية أشهرًا وأعادت معظم ممثليها إلى أميركا وقيَّدت حركتهم مما أعاق لقاءاتهم مع مسؤولين ليبيين لتسيير برامج المساعدة لليبيا.

وأكد التقرير أنَّ الدرس الأهم الذي تعلمته أميركا كان أن «مساعدة ليبيا لتحقيق قدر من الأمان هو أمر ذو أهمية قصوى».

وأشار التقرير إلى عدد من المشاكل التي واجهتها خطة التدريب حول هوية وانتماء المتدربين والجهة التي كان من المفترض أن تكون مسؤولة عنهم عقب عودتهم إلى ليبيا.

مصاعب البدء
ورصد التقرير مراحل فشل التوجه الأميركي لإعادة بناء الجيش الليبي منذ القرار المساعدة وحتى أن قررت أميركا أن تتخلى عن دورها في الصدارة خوفًا من خسارة مزيد من الأميركيين في ليبيا.

وأشار التقرير لصعوبة جذب العدد اللازم من المتدربين لعدم وجود عدد كافٍ من المعتادين على الحياة العسكرية، بالإضافة إلى أنَّ التشكيلات المسلحة توفر مزيدًا من الأموال والحرية من الثكنات العسكرية. وأردات أميركا إشراك 500 فرد في كل مخيم تدريبي. كما انسحب ما يقرب من نصف المتدربين في تدريب تركيا في عامي 2013 و 2014.

ومن بين الصعوبات التي لفت إليها التقرير عدم قدرة المسؤولين الأميركيين على معرفة هوية المسؤولين الليبيين المخولين باتخاذ القرار وتوقيع المستندات وتنفيذ خطوات في البرنامج التدريبي بعد الثورة. وتناول التقرير محاولات رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان إنجاح مهمة بناء الجيش الليبي.

فشل متكرر
وأشار التقرير لعدم اكتمال التدريب في دول متعددة منها بريطانيا وإيطاليا. واستقبلت بريطانيا في صيف العام 2014 300 ليبي بدأوا تدريبهم في قاعدة باسينغبورن العسكرية تم إرسال ثلثهم إلى ليبيا في الأشهر الأولى، وطلب البعض الآخر اللجوء، فيما تمَّت إعادة البقية إلى ليبيا بعد أن تورَّط عددٌ من المتدربين في وقائع سكر واعتداء جنسي اعترف بها بعضهم.

وتدرب في إيطاليا حوالي 250 جنديًّا في فترة بلغت 24 أسبوعًا في العام 2014. وأكد مصدر عسكري إيطالي أنَّ إيطاليا حاولت توفير الراحة للمتدربين، إلا أنَّه قال إنَّه لا يدري ماذا حدث لهم بعد العودة إلى ليبيا، كما انسحب عددٌ كبيرٌ من المتدربين في تركيا بين العامين 2013 و2014.