Atwasat

محاكمة رموز النظام السابق: هل يسبق السيف العذل؟

طرابلس-بوابة الوسط:على مجاهد الجمعة 31 يوليو 2015, 08:54 مساء
WTV_Frequency

انقسم الشارع الليبي بين معارض ومؤيد لأحكام الإعدام الصادرة ضد بعض رموز النظام السابق إلا أن المراقبين رصدوا أن غالبية الليبيين كانوا غير مبالين على الإطلاق بهذه المحاكمات نتيجة المشاكل والأزمات الخانقة التي تعصف ببلادهم منذ سقوط النظام السابق عام 2011.

وفي هذا السياق يرى الكثير من المحللين المتابعين للشأن الليبي أن المظاهرات التي شهدتها بعض المدن الليبية ضد هذه الأحكام ومنها سبها وسرت والجميل ليست في الواقع سوى ردة فعل عن حالة التهميش التي تعيشها هذه المدن منذ عام 2011 وهي مدن محسوبة على ما يسمى بـ «الموالين للنظام السابق» ولها أبناء في قفص الاتهام بمحكمة استئناف طرابلس التي قضت بإعدامهم يوم الثلاثاء الماضي من خلال محاكمة أثارت الكثير من الجدل وقوبلت بموجة رفض من قبل منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية وشخصيات اعتبارية ورسمية عبر العالم.

سطوة الميليشيات

وقال الكاتب الصحفي محمد الرحيبي، إن هذه الأحكام لا تعني شيئا على الإطلاق في المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الليبي المثقل بالأزمات الخانقة من الصراع المدمر على السلطة إلى «سطوة الميليشيات» المسلحة وعمليات الاغتيال على الهوية والخطف وحرق وتدمير البيوت وعمليات السطو المسلح على المصارف والأفراد وقمع الحريات وانتشار الفساد ونهب المال العام ناهيك عن انتشار سرطان الجماعات الجهادية والإرهابية في طول البلاد وعرضها.

وأضاف الرحيبي: لقد تابعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن البغدادي المحمودي رد على القاضي الذي وجه له تهمة الفساد في إحدى جلسات المحاكمة قائلا: «نحن تركنا 700 مليار دولار للشعب الليبي فماذا يوجد في الخزانة الليبية اليوم»، مشيرا إلى أن ذلك الكلام إن صح وتأكد «يجعل محاكمة رموز النظام السابق بلا أي معنى بالفعل». 

وكانت محكمة استئناف طرابلس قضت ، الثلاثاء، غيابيًا بإعدام سيف الإسلام القذافي، وآخر رئيس وزراء نظام القذافي البغدادي المحمودي ، ورئيس جهاز مخابرات النظام السابق عبد الله السنوسي، ورئيس جهاز الأمن الخارجي السابق أبو زيد دوردة، وآمر الحرس الشعبي السابق منصور ضو وآخرين، فيما حكمت ببراءة وزير الخارجية السابق عبد العاطي العبيدي وثلاثة متهمين آخرين.

المحاكمات ضرورية

ومن جهته أكد الأستاذ الجامعي أبو القاسم مسعود أن هذه المحاكمات كانت ضرورية لتأكيد مبدأ عدم الإفلات من العقاب إلا أنه لاحظ أن كيفية إدارة هذه المحاكمات في الزمان والمكان غير المناسبين أفرغها من أي محتوى.

وأوضح مسعود أن الصراع على السلطة بين حكومتين وبرلمانين، «وسطوة الميليشيات المسلحة» التي لا تخفى على أحد ووقوع القضاء الليبي في عين الإعصار للمشهد المتأزم في ليبيا جعل من محاكمة رموز النظام السابق مجرد مسرحية غاب عنها الجمهور.

وأشار مسعود إلى أنه على يقين وجميع الليبيين بأن القاضي الذي أصدر الأحكام ووكيل الادعاء أو النيابة - حتى وإن كانت أحكامهم صحيحة - ، إلا أنهم لا يملكون أن يحموا مكاتبهم ولا بيوتهم ولا أسرهم مذكرا بعشرات الحالات التي اقتحم فيها مسلحون مكتب المدعي العام وقاعات المحاكم لاطلاق سراح متهمين من رفاقهم أو لقتل متهمين في قفص الاتهام أمام أعين القاضي الذي كان يحاكمهم.

سيادة القانون

ويرى الأستاذ الجامعي أبو القاسم مسعود، أن التعليق الذي جاء على لسان رئيس قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وسيادة القانون لدى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كلاوديو كوردوني، والذي نشرته «بوابة الوسط» يوم الأربعاء ومفاده أن «الإدعاء فوّت فرصة تاريخية لبناء سجل عام بالجرائم التي تم ارتكابها على يد النظام السابق»، يجسد بالفعل أكبر خسارة لجميع الليبيين الذين خرجوا في فبراير 2011 على الظلم والاستبداد والقهر وقمع الحريات وسياسات التجهيل الممنهج ونهب ثرواتهم وتهميشهم.

يشار في هذا الخصوص إلى أن مجلس النواب حذَّر بيان نشره، أمس الأول الأربعاء، مَن وصفهم بـ«الميليشيات المسلحة» من مغبة الإقدام على تنفيذ هذه الأحكام ووعد بمحاسبة «كل مَن تسول له نفسه المساس بأرواح وأملاك وحريات المواطنين دون ضمان المحاكمة العادلة».

وجدَّد المجلس موقفه بأنَّ الوضع في المناطق التي وصفها بـ«المختطفة» لا يسمح بإقامة محاكمات عادلة في ظروف قضائية صحية من شأنها إحقاق الحق ورد المظالم.

وجاء في البيان أن: «الأحكام الصادرة في حق سبعة وثلاثين مواطنًا ليبيًّا يرزحون في سجون خارجة عن سلطة الدولة الشرعية وغير خاضعة لوزارة العدل بالحكومة الليبية المؤقتة هي أحكام باطلة شأنها شأن حكم الدائرة الدستورية الذي تمَّ استصداره تحت الظروف ذاتها» في إشارة إلى الحكم المثير للجدل الذي اتخذته المحكمة الدستورية بحل مجلس النواب. 

جرائم ضد الشعب

ومن جانبه سخر مهندس الاتصالات، عمران الوافي، الذي شدد على ضرورة محاكمة رموز النظام السابق المتورطين في جرائم ضد الشعب الليبي على مدى 40 عاما ، وهي جرائم - بحسب قوله - عديدة ومعقدة منها الاغتيال والتعذيب والقتل والاختفاء القسري والتهجير ونهب المال العام وهتك الأعراض ، بالمناسبة بما يتم الترويج له عن نزاهة القضاء الليبي متسائلا في رده عن سؤال لـ«بوابة الوسط» عن رأيه في هذه الأحكام: «عن أي قضاء نزيه يتكلمون... هل جاءت ثورة 17 فبراير بقضاة من المريخ؟ ثم عن أية دائرة دستورية يتكلمون وليبيا تُحكم بدون دستور منذ انقلاب 69 وحتى تاريخ اليوم من يوليو 2015؟

ويتوقع العديد من المحللين أن تُسيل هذه المحاكمة الكثير من الحبر خلال الأسابيع القادمة غير أنه يخُشى أن يسارع «المحركون لهذا الملف من وراء الكواليس» إلى تنفيذ هذه الأحكام قبل حلحلة الأزمة الليبية وتشكيل حكومة وفاق وطني ويسبق بالتالي السيف العدل.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ضبط شخص حاول سرقة برج كهربائي في الرحيبات
ضبط شخص حاول سرقة برج كهربائي في الرحيبات
عودة السفارة الصربية للعمل من طرابلس
عودة السفارة الصربية للعمل من طرابلس
قادربوه يتحدث عن دور أكاديمية مصرية في مكافحة الفساد
قادربوه يتحدث عن دور أكاديمية مصرية في مكافحة الفساد
ضبط متهمين في وقائع سرقة بالكفرة
ضبط متهمين في وقائع سرقة بالكفرة
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الموازية (الأربعاء 24 أبريل 2024)
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الموازية ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم