Atwasat

لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟

سبها – بوابة الوسط: رمضان كرنفودة السبت 11 يوليو 2015, 03:09 مساء
WTV_Frequency

انتظر سكان مدينة سبها شهر رمضان آملين كعادتهم كل عام أن يكون شهرًا للتراحم تهدأ فيه النفوس وهواجس الخوف من تداعيات الانفلات الأمني، إلا أنهم لم يتوقعوا أن يرتبط رمضان بارتفاع معدل العنف والجريمة ليسجل خلال أسابيعه الثلاثة الماضية أكثر من 30 جريمة قتل، فضلاً عن جرائم الخطف والسطو والسرقة، ضحاياها ليبيون وأجانب مقيمون في المدينة.

ضعف الدولة وغيابها
محمد البوسيفي -موظف حكومي- من سبها يرى أن ضعف الدولة وعدم تفعيل القضاء وإصلاح المؤسسات، وعلى رأسها الجيش والشرطة سببًا أساسيًا في انتشار الجريمة، هذا بجانب بعض المفاهيم الخاطئة لدور القبيلة التي كانت في عدد من الحالات تقوم بدور الحامي للمجرم لمجرد أنه ينتمي إليها، إذ حدث أن تم القبض على أفراد اعترفوا بجرائمهم، إلا أن عدم تفعيل القضاء والنيابة وترك الكتائب القبلية تتحرك وتتصرف بحرية ساهما في تفاقم المشكلة.

تفعيل جهاز القضاء والنيابة وتقصي الحقائق وحصر الانتهاكات والقصاص وإصلاح المؤسسات الاجتماعية

ويقترح البوسيفي تفعيل جهاز القضاء والنيابة وتقصي الحقائق وحصر الانتهاكات والقصاص وإصلاح المؤسسات الاجتماعية وتوفير إمكانات المجلس البلدي للتخفيف من ظاهرة ارتفاع معدل الجريمة.

لكن محمود سعد -ناشط اجتماعي- يلقي بمسؤولية تدهور الوضع الأمني على كاهل الأجهزة الأمنية الموجودة في سبها كافة، سواء أجهزة الدولة أو الموازية لها.

ففي رأيه أن «الأجهزة المكلفة رسميًا من الدولة لم تقم بالحد الأدنى من واجباتها، والحجة دائمًا هي الخوف من مشاكل اجتماعية قد تُجر إليها تلك القوات»، ويعتقد سعد أن التشكيلات المسلحة الموازية للدولة تقف عائقًا أمام تأدية الأجهزة الأمنية المكلفة رسميًا واجباتها.

ويرجع المواطن إبراهيم بن مشيش -موظف- أسباب ارتفاع معدل الجريمة إلى توافر المناخ المناسب للجريمة بكامل معداتها وأساليب تطورها التقنية الحديثة وبأيسر الطرق وأرخص الأثمان، مؤكدًا أن «كل سكان سبها مساهمون في الانفلات الأمني، ومن أسباب ذلك أنهم لم يحسنوا اختيار أعضاء مجلسهم البلدي أو اختيار أعضاء البرلمان، والمؤتمر سابقًا»، ويرى أن هناك قصورًا كبيرًا من جانب أئمة المساجد في تقديم النصح للعامة وتوضيح كيفية محاربة الحرابة، إلى جانب قصور الإعلاميين في القيام بدورهم التوعوي التنويري.

وتشير فادية معقيل -معلمة- إلى أن حالة الأمن في سبها تثبت أن «الدولة غائبة بكل المقاييس، ومؤسساتها أضعف من الميليشيات ولا حوافز لها، زد على ذلك الانقسام السياسي في البلاد، الذي انعكس على أداء أجهزة الدولة».

وينتقد إسماعيل الهاروج -ناشط اجتماعي- وضع الجهاز الأمني وتركيبته في المدينة «إذ يغيب أفراد الأمن عن أعمالهم رغم تقاضيهم رواتبهم، هذا فضلاً عن انتماء معظم أفراد الأمن إلى نفوذ قبيلة وجهة واحدة»، مضيفًا أن ابن أخيه كان من بين ضحايا جرائم القتل ولم يضبط قاتليه رغم أنهم معروفون وتم التبليغ عنهم، ملقيًا اللوم على المجلس البلدي لانشغاله بأمور السياسة على حساب دوره الخدمي.

المسؤول عن تدهور الوضع الأمني هو كافة الأجهزة سواء التابعة للدولة أو الموازية لها

ويؤكد جمعة التباوي -ناشط سياسي- أن الانفلات الأمني هو جزء من المشكلة وهو نتيجة حتمية لعدم التجانس الاجتماعي لدي فئة واسعة من سكان الجنوب نتيجة لما حدث في السابق من اقتتال قبلي متعدد الأطراف والجهات، ويضيف أن الحل يكمن في إعادة النظر في البنية التركيبية في المدينة اجتماعيًا وإداريًا، والجلوس إلى طاولة حوار تجمع كل الأطراف للوصول إلى ترتيبات جديدة متفق عليها، ترتكز على إعادة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية بطريقة مهنية بعيدًا عن القبلية، والعناصر الإجرامية وصولاً إلى إعادة تنظيم المؤسسات الإدارية والخدمية، وتمكين الكفاءات وأصحاب خبرة من تسيير هذه الإدارات وهيئات وإبعاد السرّاق والفاسدين والمجرمين من هذه القطاعات.

ويحمل التباوي الإعلام مسؤولية أساسية لما آلت إليه الأمور لأنه «مشوه أصبح لا يمثل الجنوب ولا مشاكله ولم يقدم أي شيء سوى الفتنة وتأجيج الأوضاع، والدفع بالمدينة إلى الهاوية».

ويرى بلقاسم الأصفر -كاتب وناشط- أن وضع سبها خاص وصعب جدًا، وأن أهم أسباب الخلل الأمني هو التبدل الذي طرأ على أخلاق الناس الذين أصبحت لدى بعضهم ميول إجرامية وعدوانية، فضلاً عن غياب الدولة بمعناها الحقيقي في المنطقة، حيث اكتفت القوة الثالثة الممثلة لقوة الدولة بالمراقبة الخارجية دون المشاركة في فرض الأمن.

ويضيف: «إن فساد بعض رجال شرطة الجنوب وضعفهم بصفة عامة، وعدم وجود قيادات اجتماعية وعجز المتصدرين المشهد عن فعل أي شيء للمجرمين، بل إن بعضهم يخضع لتنفيذ مطالبهم مقابل تهدئة بعض الأحداث ساهم في تصاعد معدل الجريمة وانفلات الوضع الأمني، زد عليه انتشار السلاح العامل الأكبر لانتشار الجريمة».

الحل يكمن في إعادة النظر في البنية التركيبية في المدينة اجتماعيًا وإداريًا، والجلوس إلى طاولة حوار تجمع كل الأطراف

ويعتقد صلاح زائد -محام- أن سبب ارتفاع الجريمة هو غياب الدولة بأجهزتها الرسمية من شرطة وبحث جنائي وأمن داخلي، ويشير إلى أن عناصر العصابات الإجرامية تنتمي إلى أغلب قبائل سبها، مما يُحمل جميع سكان سبها وقبائلها مسؤولية توحيد الجهود والاتفاق على ميثاق شرف حقيقي يرفع الغطاء الاجتماعي عن المجرمين.

ويلفت مصباح دومة، عضو مجلس النواب عن سبها إلى أن الوضع الحالي في سبها أسبابه كثيرة، منها عدم تعاون الجهات المختصة في سبها أثر سلبًا على دعم الجهات الأمنية، وكذلك وجود حالة ازدواجية السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعدم بسط الحكومة الموقتة سيطرتها على الجنوب، والمشاكل والصراعات بين بعض مكونات وأطياف المنطقة، والتهميش شبه المتعمد الممارس في المنطقة، والنزاعات بين شرق البلاد وغربها، وإهمال المنظمات الدولية، خاصة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الجنوب.

مديرية الأمن ومشكلاتها
ويشكو النقيب محمد أدعابو، الناطق الرسمي باسم مديرية أمن سبها عزوف عدد كبير من أفراد الشرطة عن الالتحاق بالغرفة الأمنية التي شُكلت لضبط الأمن خاصة خلال شهر رمضان، ويرجع أسباب هذا العزوف إلى عدم صرف الرواتب نتيجة أخطاء تتعلق بالرقم الوطني أو الأسماء، إلى جانب نقص الإمكانات الحاد الذي تعانيه مديرية الأمن، وفرار نحو 275 سجينًا منذ العام 2013، وعدم وجود دور لوزارة العدل في سبها.

رأي علم الاجتماع
الدكتور المبروك أبو سبيحة، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة سبها يرجع أسباب ميل الشباب نحو الجريمة إلى التفكك الأسري الناجم عن الطلاق، وتربية الأطفال بعيدًا عن الوالدين، والحاجة إلى المادة، إلى جانب انحراف سلوكيات الأطفال والفقر وعدم مراقبة الأسر لأبنائهم، والوسط الذي يرتبطون به، إضافةً إلى غزو الفضائيات وبثها مسلسلات العصابات المنظمة والسرقة والقتل وغيرها، مما يجعل تطبيق هذه السلوكيات في بيئة ينتشر فيها السلاح أمرًا سهلاً، مع عدم وجود مصلحة تأهيل وإصلاح أو دار لرعاية الشباب ضحايا التفكك الأسري، مما يتسبب في ضياعهم واتجاههم إلى طريق غير صحيح بعد أن يتم استغلالهم في ارتكاب جرائم.

عناصر العصابات الإجرامية تنتمي إلى أغلب قبائل سبها، مما يُحمل جميع سكان المدينة المسؤولية

ويضيف الدكتور أبو سبيحة أن العامل السياسي في البلد له أيضًا دور فيما يحدث، مشيرًا إلى بعض الجرائم التي قد تكون ارتكبت لأسباب سياسية، مؤكدًا أهمية وجود قاعدة بيانات صحيحة للأسر الفقيرة والشباب والأطفال الذين لا أهل لهم لإعداد بحوث اجتماعية تساعد جهات الاختصاص في العمل على توجيههم إلى الطريق الصحيح.

عضو البلدية: الأزمة في المواطنين
وأمام هذه الاتهامات بتقصير المجلس البلدي والأجهزة الأمنية، يلقي أبو سيف الأحول، عضو المجلس البلدي لبلدية سبها ومسؤول الملف الأمني بها التهم على القبائل نفسها، قائلاً: إن المجلس البلدي أسس غرفة أمنية تتكون من جميع الجهات الأمنية بالمنطقة رغم قلة الإمكانات.

وأشار إلى إطلاق مشروع ميثاق شرف لكل القبائل والمكونات الاجتماعية في مدينة سبها في 16 مارس 2015 لرفع الغطاء الاجتماعي عن كل مجرم ينتمي إلى أي قبيلة، لكنه أكد أنه لم توقع على الميثاق سوى قبيلتين فقط، رغم توزيع الميثاق على كل قبائل المنطقة.

وشكا الأحول من سلبية الأهالي، قائلاً: إن رجال الغرفة الأمنية منذ أن انتشروا خلال شهر رمضان في شوارع المدينة ليلاً تراجعت نسبة جرائم القتل والسطو المسلح، إلا أنها ظلت في معدلاتها العالية خلال فترات النهار، التي لا نستطيع تغطيتها بسبب عدم توافر العدد الكافي من الأفراد.

وأضاف أن سلبية سكان وأهالي المدينة تساعد مرتكبي الجرائم، الذين يقومون ببعض الجرائم البسيطة أمام أعين المواطنين دون أن يقابلوا بأي رد فعل، داعيًا إلى تشكيل لجان شعبية تطوعية تحمى الأحياء في الليل والنهار.

 

لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟
لماذا تزايد معدل العنف والجريمة في سبها خلال رمضان؟

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم