يسعى المسؤولون في مؤسَّسات الاتحاد الأوروبي وفي مختلف عواصم الدول الأعضاء إلى تجاوز الدور البريطاني الأميركي الذي يرونه يعرقل سير العملية السياسية في ليبيا في وقت تتنامى فيه مخاوف قطاعات واسعة من الأوروبيين من خطر تنظيم «داعش» المُحدق بالشواطئ الجنوبية للقارة.

مشاورات بين الأوروبيين
يواصل المسؤولون الأوروبيون اتصالاتهم ومشاوراتهم للمساهمة في احتواء الأزمة المتفاعلة في ليبيا وسيطرة تنظيم «داعش» على عددٍ من مدن البلاد وسط تعثر مساعي المبعوث الدولي برناردينو ليون لجمع فرقاء الأزمة حول مائدة الحوار.

وقال مصدر في المجلس الأوروبي في بروكسل إنَّ رئيس مجلس الاتحاد دونالد توسك اتصل هاتفيًا برئيس وزراء إيطاليا مايتو رينزي؛ حيث تم التطرُّق إلى الوضع الليبي من ضمن حزمة من المسائل الرئيسة الأخرى.

القادة الأوروبيين سيناقشون الملف الليبي خلال قمتهم المزمع عقدها في 19 مارس المقبل

وأضاف المصدر أنَّ الاتحاد الأوروبي يُتابع «بحذر كبير» تطور الوضع الليبي، وأن رئيس مجلس الاتحاد قرر نقل الملف أمام قادة الاتحاد خلال قمتهم في بروكسل المقررة يوم 19 مارس المقبل.

تخوف إيطالي من الهجرة و«داعش»
وتتعرَّض الدوائر الأوروبية إلى ضغوط متصاعدة من إيطاليا التي تخشى تدفق المهاجرين إلى أراضيها وتسلل عناصر «داعش» في صفوفهم.

وتطالب إيطاليا ومالطا رسميًا بتفعيل ما يُعرف بـ«بند الحماية الأوروبية» لتقاسم أعباء المهاجرين الوافدين وهي مسألة حساسة وحيوية في إطار تعامل مؤسسات الاتحاد.

وقالت الناطقة باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين راي، من جهتها، الإثنين، إنَّ تنظيم «داعش» موجود في ليبيا ويمثِّل خطرًا جسيمًا على استقرار هذا البلد، ويُعَدُّ عاملاً من عوامل انعدام استقرار ليبيا الرئيسية حاليًا.

تمسك بمهمة ليون
وجددت الناطقة تمسك الاتحاد بدعم الحوار الذي يرعاه المبعوث الأممي برنارينو ليون وسعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا. وقالت «إنّه الإطار الأمثل الذي نؤيِّده للخروج من الأزمة ونريد إقناع مختلف الأطراف بذلك».

ويقر الدبلوماسيون في بروكسل بصعوبة حالة الأزمة الليبية وربما صعوبة تسجيل ثغرة في الفترة القليلة المقبلة.

لا وجود لتصور أوروبي لحل الأزمة
وقال دبلوماسي في بروكسل يُتابع الأزمة الليبية، إنَّ الاتحاد الأوروبي لا يمتلك تصوره الخاص للخروج من الأزمة وليس له مبادرة خاصة به وهما نقطتا ضعفه.

وأشار ضمنًا إلى الهيمنة الأميركية البريطانية في إدارة الملف الليبي وسعي واشنطن ولندن إلى تهميش الجيش الليبي واحتواء الدور المصري، وإلى إشراك أطراف سياسية معينة لم تكسب الانتخابات في عملية تقاسم السلطة من خلال الحوار.

وأكد الدبلوماسي الأوروبي أن إستراتيجية لندن وواشنطن لن تنجح على الأرض ولن تصمد أمام تقدم «داعش» واتضاح تقدم المتطرِّفين في طرابلس على حساب ما كان يتعقد أنهم معتدلون.

وقال «إنَّ صفوف «داعش» في ليبيا تكبر يومًا بعد يوم ولا يمكن للأوروبيين غض الطرف والتظاهر كما أن لا شيء يحدث أمامهم».

الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا لن تقبل طويلاً بالرواية الأنجلو- أميركية حول ليبيا بعد تهديدات «داعش» لإيطاليا

وأضاف إنَّ دولاً مثل فرنسا وإيطاليا لن تقبل طويلاً بالرواية الأنجلو- أميركية بعد تهديدات «داعش» لإيطاليا بشكل مباشر ومع اقتراب الموسم السياحي في دول المتوسط.

ولم تعلِّق الأوساط الأوروبية في بروكسل على قرار مجلس النواب الليبي في طبرق بتعليق الحوار الذي يرعاه ليون.

ولكن المصدر الدبلوماسي اعتبره «طبيعيًا ومتوقعًا» حتى وإنه كان قرارًا موقتًا. وتقوم الدوائر الأوروبية بجمع مختلف المعطيات عن منتسبي تنظيم «داعش» في ليبيا، ورسم خريطة تنقلهم من صفوف ميليشيات مصراتة وصبراتة وفجر لبيبا ومن صفوف أنصار الشريعة إلى صفوف «داعش» وفق خبراء الأمن في بروكسل.

إقرار رسمي بمخاطر داعش
وبعد فترة من التردد وتحت ضغط إيطالي واضح بات المسؤولون الأوروبيون يقرون بمخاطر «داعش» في ليبيا بشكل رسمي، ويشيرون إلى ما يسمونه «انهيار مقومات الدولة وتدفق السلاح وفقدن السيطرة على الموارد الطبيعية».

وقالت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية في حديث تلفزيوني نهار أمس الأحد، في روما إنها سعت إلى إشراك روسيا في معاينة مقتربة مشتركة للوضع الليبي وتحدثت مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، كما أنها تعتبر أنَّ لإيطاليا دورًا هامًا يمكنها أن تضطلع به.

وتقول المسؤولة الأوروبية إنَّ مصير ليبيا سيكون رهن أيام هذه المرة وليس رهن أسابيع.