روى مهاجرون أفارقة لجريدة «ذا تلغراف» البريطانية شهاداتهم عن تجربة مرورهم في ليبيا، باعتبارها إحدى محطات الهروب إلى السواحل الإيطالية بوابة العبور إلى القارة الأوروبية.

وذكرت «ذا تلغراف» أن عشرات المهاجرين الذين التقتهم «ذا تلغراف» رسموا بلا استثناء صورة مقلقة عن الوضع في ليبيا، ولفتوا إلى أن البلاد تنزلق إلى الفوضى أكثر من أي وقت مضى.

عنف وسرقة
وكانت الجريدة التقت هؤلاء المهاجرين في مركز إيواء لهم بجزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حيث لفتت إلى أنه بعد مرور أربع سنوات على انتهاء حكم معمر القذافي أصبح العنف في ليبيا عشوائيًا.

وتحدث المهاجرون كافة عن أنهم كانوا عُرضة للعنف، ليس فقط من أفراد، ولكن أيضًا من ميليشيات، وأفراد بدوا كمواطنين عاديين، لكنهم كانوا يصرون على سرقة الأموال القليلة من هؤلاء المهاجرين أو التي تحصلوا عليها بالكاد، إما بالكسب من العمل أو عن طريق الاقتراض من أسرهم لتمويل سعيهم للوصول إلى أوروبا.

دجيبي ديوب (20 عامًا، من السنغال) يقول: «الجميع في ليبيا مسلح الآن»، موضحًا أنه قضى ثلاثة أشهر في ليبيا كان خلالها يهرب من المسلحين.

وتابع ديوب: «كل رجل من عمري لديه بندقية، إذا لم تطعهم فيما يطلبونه منك، فسوف يتم إطلاق النار عليك.. وإن لم تعط لهم كل أموالك، فسوف يطلق النار عليك.. أو يطلق النار عليك لمجرد التسلية.. وفي حالات أخرى يمكن أن يتم احتجازك، ووقتها سيتعين عليك دفع 400 دينار (بما يُعادل 296 دولارًا) للحصول على الإفراج».فوضى متزايدة
وأوضح المهاجر السنغالي أنه وصل إلى جزيرة لامبيدوزا في جوف الليل يوم الثلاثاء الماضي، بعدما أنقذه خفر السواحل الإيطالية في وسط البحر المتوسط، مشيرًا إلى أن رحلة الهجرة كانت صعبة للغاية، مع «تعبئة» 90 شخصًا في قارب صغير، وعدم توافر أي غذاء على الإطلاق، وزاد من الأمر سوءًا توقف المحرك أسفل القارب، وعندها فقد المهاجرون الأمل في الحياة، حتى أنقذهم خفر السواحل ووصلوا إلى إيطاليا.

ويحكي سيكو بالدي (20 عامًا)، شهادة حية عن الفوضى المتزايدة والوحشية التي تجتاح ليبيا، حيث كشف عن 6 طعنات بالسكين في جسده، بعد أن هاجمته عصابة من أربعة أشخاص يرتدون زيًا عسكريًا طلبوا منه أموالًا بعد مداهمتهم المنزل الذي أقام فيه قرب طرابلس، حيث كان يعيش حياة عصيبة مع مهاجرين أفارقة آخرين.

وقال بالدي إن المسلحين قالوا له: «أين أموالك؟»، فأخبرهم أنه لا مال لديه، بعدها هاجمه المسلحون الأربعة، وأوضح أن المسلحين أنفسهم داهموا منزله يومًا في الصباح، وتم قتل أخيه أمام عينيه، وكذا اثنين من أصدقائه.ومع ذلك أوضحت «ذا تلغراف» أنه لم يقل أحد من اللاجئين إنهم التقوا عناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي في ليبيا، حيث كان أغلبهم في غرب ليبيا، بينما يتركز أعضاء «داعش» في شرق البلاد، لوا سيّما حول موانئ درنة وسرت.

وأضافت أن أعداد المهاجرين تزداد عبر البحر المتوسط رغم برودة الطقس، ويتوافد على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية كثير من المهاجرين الذين يهربون من الاضطهاد والحرب في سورية والعراق والساحل والقرن الأفريقي.

وبحسب جريدة «ذا تلغراف»، فإن ليبيا تعد نقطة انطلاق كبرى للذين يهربون عبر البحر المتوسط، حيث تكون القوارب مليئة بمئات الأشخاص الذين يهربون من الأوضاع المأساوية بشكل يومي، ووصلت أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء في إيطاليا منذ بداية العام 2015 حتى الآن بنحو ثمانية آلاف لاجئ.