Atwasat

بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»

طرابلس - بوابة الوسط: علي مجاهد الثلاثاء 17 فبراير 2015, 06:13 مساء
WTV_Frequency

تحل اليوم الذكرى الرابعة لثورة 17 فبراير التي أطاحت نظام القذافي عام 2011، وسط أجواء غير متفائلة في خروج البلاد، قريبًا من الأزمة الخانقة التي تعصف بها سياسيًا واقتصاديًّا وعسكريًّا واجتماعيًّا.

ويُرجع مراقبون للشأن الليبي إخفاق البلاد إلى «خطأ» في ترجمة المبادئ التي قامت عليها ثورة 17 فبراير قبل أربع سنوات، وهو ما تمثل في عدة عوامل أبرزها: تعنت أطراف النزاع الليبي، وغياب أي مشروع عنوانه «ليبيا» في كافة برامج «أمراء الحرب» وقادة التشكيلات المسلحة، وزعماء الأحزاب السياسية التي تصدرت المشهد الليبي، دون قواعد شعبية لها، فضلًأ عن التدخل الخارجي في الشأن الليبي.

إن شعار الثورة الليبية التي انتفضت على أربعة عقود ونيف من حكم خنق الحريات الأساسية كافة: «مطلبنا الحرية» هو شعار ينطبق بامتياز على الحالة الليبية، فلم تكن ثورة الليبيين من أجل الخبز أوالماء أو الكهرباء على غرار ثورات «الربيع العربي» الأخرى - فقد حرص نظام القذافي على توفير «الدقيق» لليبيين منذ ثمانينات القرن الماضي، على حساب التعليم والصحة وهما القطاعان اللذان كانا الأكثر تضررًا خلال سنوات الجمر، ولا يزالان بعد أربع سنوات من إطاحة ذلك النظام بشهادة العديد من العاملين في هذين القطاعين، لا يستجيبان لأبسط المعايير الإقليمية والدولية.

التعليم ما زال «محتشمًا»
يقول الأستاذ الجامعي أبو القاسم عمر، إن حضور الطلبة لا يزال «محتشمًا» والتحصيل العلمي في أدنى مستوياته، وأرجع ذلك إلى عمليات النزوح والتهجير القسري لآلاف المواطنين بسبب الاقتتال وانخراط عدد كبير من الطلبة في جبهات القتال مدفوعين بالإغراءات المالية.

وقال محمد الحامدي (48 سنة ) مهندس اتصالات «لقد ثرنا ضد النظام الدكتاتوري من أجل الحرية، غير أننا اليوم فقدنا الخبز والكهرباء والأمن، وضاعت حريتنا تحت حراب البنادق وفي السجون غير الشرعية، والاغتيالات والاعتقالات والقتل على الهوية وتكميم الأفواه».

لقد سجلت الثورة الليبية في بداياتها نجاحات باهرة، تجسدت في انتخابات يوليو 2012 غير أن الحكومات المتعاقبة فشلت في معالجة الملف الأمني، وجمع السلاح بسبب تغول الجماعات المسلحة، وانعدام الخبرة لدى الكثير من الوزراء الذين تم فرضهم إما بقوة السلاح أو عن طريق المحاصصة القبلية والمناطقية والجهوية، علاوة على ارتهان القرار الليبي لأجندات خارجية، بحسب المراقبين.

فشل الحكومات المتعاقبة
ويرى الكاتب الصحفي والناشط السياسي محمد الرحيبي، أن المجلس الانتقالي والحكومات المتعاقبة أنتجوا منظومة فاشلة مبنية على الفساد، «بعد تغوّل الجماعات المسلحة التي سيطرت على المشهد السياسي الليبي، مدفوعة بتوجهات قبلية وعرقية وأخرى مؤدلجة تعمل في العلن والخفاء».

الرحيبي: انتخاب البرلمان قبل إقرار دستور للبلاد كان كوضع العربة أمام الحصان

ويذهب الرحيبي في تحليله إلى أبعد من ذلك، إذ يعتقد أن انتخاب البرلمان قبل إقرار دستور للبلاد كان كمن وضع العربة أمام الحصان، علاوة على أنه - بحسب قوله- استنساخ لتجربة المؤتمر الوطني العام، الذي سيطر على كافة السلطات التشريعية والتنفيذية، وخضع لإرادة الكتل والجماعات المسلحة الداعمة لها، وضرب مثلاً على ذلك بإصدار قانون العزل السياسي المثير للجدل، والذي يقول إنه اتخذ تحت تهديد السلاح على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

جرائم مثبتة
من جانبه يرى الناشط السياسي ج. م. اشتيوي، أن القتل على الهوية وتهجير الآلاف من المواطنين من بيوتهم، واغتيال الصحفيين ورجال الأمن والجيش والناشطين السياسيين، ناهيك عن انتشار الفساد ونهب المال العام هي جرائم مثبتة سجلتها المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وقال لقد «فاقت الجرائم التي قام بها النظام السابق على مدى أربعة عقود، مما يؤشر بحسب قوله، على سرقة الثورة وانزلاق البلاد نحو المجهول».

ويعتقد الباحث الأكاديمي محمد أبوبكر، أن الصراع الحالي على السلطة ومحاولات السيطرة على النفط يعتبر أمرًا هينًا، رغم ما سببه من إراقة للدماء وتهجير لآلاف العائلات وتدمير للبنية التحتية، وتعطيل للدراسة وعرقلة كافة محاولات المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، أمام ما ينتظر البلاد من سعي التنظيمات المتشددة من أمثال «أنصار الشريعة»، وأتباع ما يعرف بتنظيم «داعش» للسيطرة على المشهد الليبي.

تحذيرات غربية
ويرى مراقبون أنّ فرنسا دقت بالفعل ناقوس الخطر في هذا الشأن منذ نوفمبر الماضي، وأنشأت قاعدة في شمال النيجر لضرب هذه التنظيمات، لارتباطها الوثيق مع تنظيمات مماثلة تنتشر في منطقة الساحل الإفريقي حيث توجد مصالح حيوية لباريس.

أما إيطاليا فقد ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ أعلنت في مناسبات عديدة استعدادها لقيادة عمل عسكري في ليبيا، تحت راية الأمم المتحدة لمحاربة من تصفهم بالمتطرفين على حدودها.

جاءت آخر هذه التلميحات الإيطالية يوم 13 فبراير الجاري على لسان وزير الخارجية باولو جنتيلوني، الذي قال إن إيطاليا ستكون مستعدة للانضمام إلى قوة تقودها الأمم المتحدة لمكافحة، «تهديد إرهابي فعلي بعد التقدم الذي حققه فصيل في ليبيا بايع تنظيم داعش المتطرف».

وشدد المسؤول الإيطالي في تصريحات نقلتها الصحافة العالمية، على أنه «إذا فشلت المحادثات فإن إيطاليا مستعدة للقتال في إطار بعثة دولية».

وأضاف «لا يمكننا أن نقبل فكرة أن خطرًا إرهابيًا فعليًا موجود على بعد بضع ساعات بالقارب من إيطاليا».

وفي تطور يثير العديد من التساؤلات أقدمت إيطاليا الأحد الماضي على إغلاق سفارتها في طرابلس، وهي آخر السفارات الغربية العاملة في البلاد وأجلت زهاء 100 من رعاياها لا يزالون يعملون في ليبيا، ما يؤشر بحسب المراقبين إلى أن التلميحات الإيطالية بقيادة عمل عسكري ما في ليبيا بات أمرًا وشيكًا.

وقال جنتيلوني: «إن الوضع في ليبيا (الفوضوي بالفعل) يتدهور» مضيفًا أن ايطاليا «لا يمكنها أن تقلل» من احتمال هجوم يشنه متشددو «داعش».

مخاوف من الإفلاس
على صعيد آخر يعكس التحذير الأخير الصادر عن دول غربية من بينها الولايات المتحدة بشأن مخاطر الإفلاس التي تهدد ليبيا، بسبب انخفاض إنتاج النفط الذي هوى إلى 350 ألف برميل يوميًا مع انخفاض سعر البرميل في السوق الدولية إلى أقل من 50 دولار، الآثار السلبية للانفلات الأمني المستمر في البلاد، رغم مبادرة الحوار بين أطراف الأزمة تحت رعاية الأمم المتحدة بقصد التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية.

ويعاني قطاع النفط المصدر الوحيد للعملة الصعبة في ليبيا، بعد أربع سنوات من إطاحة نظام القذافي من الفوضى التي تتخبط فيها البلاد، إذ تنتشر الأسلحة وتغيب الأجهزة الأمنية الحكومية التي يناط بها عادة إرساء النظام والأمن.

النفط طموح «داعش»
وبعد أكثر من ثمانية أشهر من الأزمة النفطية بسبب غلق المرافئ النفطية الرئيسية في شرق البلاد على خلفية النزاع بين حرس المنشآت النفطية والحكومة في طرابلس، هبط الإنتاج إلى أدنى مستوى له ليبلغ أقل من 200 ألف برميل يوميًا.

وشنّت عملية «الشروق» المتفرعة عن قوات «فجر ليبيا» هجومًا جديدًا الأسبوع الماضي بعد الهجوم العام الذي أطلقته في 13 ديسمبر، بهدف السيطرة على المرافئ النفطية في منطقة الهلال النفطي التي تحتضن المرافئ الرئيسية: السدرة، ورأس لانوف، والبريقة المغلقة حاليًا بسبب المواجهات المسلحة.

ويرى مراقبون أن النفط الليبي بات يواجه تهديدًا آخر أكثر ضراوة، يرتبط بالطموح المتزايد لعناصر تنظيم «داعش» الذي أخذ يتمدد في البلاد بعد أن كان نشاطه منحصرًا في المنطقة الشرقية، غير أنه بات اليوم يعزز حضوره في صبراتة وطرابلس (غرب) التي قام فيها بأعمال استعراضية مثل الهجوم الدامي على فندق كورينثيا.

وتبنى التنظيم كذلك الهجوم على حقل «المبروك» النفطي في جنوب غرب سرت (450 كلم شرق طرابلس) الذي تستغله شركة توتال الفرنسية والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مما أدى إلى مقتل 13 شخصًا من عماله.

وضع اقتصادي متدهور
على صعيد آخر أعلن صندوق النقد الدولي مؤخرًا، أن العجز التجاري في ليبيا سيتفاقم سنة 2015، مفسرًا هذا الوضع المتسم بتهاوي أسعار النفط في السوق الدولية واضطراب إنتاج الخام في ليبيا بسبب الفوضى الأمنية.

وأضاف الصندوق في تقريره ، أن ليبيا ستسجل أعلى عجز موازنة على مستوى الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، إذ قد يبلغ 37.1% من الناتج المحلي الخام في عام 2015، وهذا العجز ناجم عن انخفاض أسعار النفط وتراجع الصادرات النفطية للبلاد.

أما مصرف ليبيا المركزي فقد أعلن أن موازنة عام 2014 شهدت عجزًا خطيرًا بسبب هبوط الإيرادات النفطية إلى حوالي 15 مليار دولار بين يناير ونوفمبر، مقابل 45 مليار دولار قبل عام.

ونسب المصرف الليبي هذا التراجع لهبوط سعر النفط بنحو 40 في المائة منذ يونيو الماضي وعجز الدولة الليبية عن جباية الرسوم الجمركية، حيث انخفض سعر النفط بأكثر من 50 في المائة مقارنة مع سعره في يونيو 2014، ليقترب من أدنى مستوياته منذ ست سنوات، بعد أن كان يباع قبل بضعة أشهر بأكثر من 100 دولار.

وفي مؤشر على خطورة الوضع الاقتصادي في البلاد، حذر المصرف الدولي من مخاطر نفاد احتياطات النقد الأجنبي في ليبيا في غضون أربع سنوات، إذا استمر عدم الاستقرار السياسي في البلاد، مشيرًا إلى أن احتياطات النقد الأجنبي تراجعت إلى 100 مليار دولار في أغسطس الماضي، أي بانخفاض 20 في المائة منذ بداية سنة 2014.

وأضاف المصرف الدولي في تقرير الحصيلة الاقتصادية لربع السنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي نُشر مؤخرًا، أن ثمن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف الليبية سيكون باهظًا، بالنظر إلى أن معدل إنتاج النفط في الوقت الراهن تراجع بقوة مقارنة مع الوضع السابق على تفاقم الوضع في ليبيا، إذ كان متوسط الإنتاج النفطي 1.6 مليون برميل يوميًا، ما أدى إلى تراجع إيرادات النفط وأجبر الحكومة على اللجوء للاحتياطات من النقد الأجنبي.

بعد 4 سنوات من ثورة 17 فبراير الإرهاب والفوضى أبرز التحديات التي تواجه ليبيا

وبيّنت الوثيقة أن انخفاض سعر النفط وصادرات النفط في ليبيا، بسبب استمرار القتال حول حقول النفط، تمخض عن ضغط قوي على الدينار الليبي، مضيفة أن قيمة العملة الليبية هبطت في الأسواق الدولية بأكثر من 20 في المائة.

وبحسب المصرف الدولي فإنه على افتراض استقرار سعر النفط عند 65 دولار للبرميل خلال سنة 2015، وبقاء المستوى الحالي من إنتاج النفط في ليبيا، أي حوالي 400 ألف برميل يوميًا، فسيرتفع العجز الميزاني إلى 31 في المائة من الناتج المحلي الخام مقابل 11 في المائة خلال عام 2014.

لا أمل يلوح في الأفق
ومن هنا يعتقد مراقبون أن الأمل في إصلاح البيت الليبي بأيدي ليبية قد تلاشى بعد الفوضى التي عمت البلاد طيلة الأربع سنوات الماضية من عمر الثورة نتيجة الانفلات الأمني وانتشار السلاح والصراع الشرس على السلطة والموارد النفطية، بل وتجاوزته الأحداث خاصة بعد تكشير تنظيم «داعش» في ليبيا على أنيابه وإقدامه على إعدام 21 قبطيا مصريًا الأمر الذي عزز مخاوف الدول الأوروبية من أن التنظيم بات على حدودها الجنوبية ولا بد لها من التحرك قبل فوات الأوان.

بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»
بعد 4 سنوات من الثورة..غياب أي مشروع عنوانه «ليبيا»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج وتفعيل «ماستر كارد» و«فيزا»
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج...
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم