أكّد سفير ليبيا في مصر محمد فايز جبريل أن طلب الحكومة التدخل الدولي لوقف الاقتتال بين التشكيلات المسلحة المتناحرة يحتاج إلى نوع من الإيضاح، فالتدخل الأجنبي سواء أكان دوليًا أو غير دولي هو وسيلة جيدة للدول أو المجتمعات التي فقدت السيطرة على أراضيها وتحتاج إلى طرف ثالث. وأشار جبريل لصحيفة الزمان، في عددها أمس الأربعاء، إلى أن الإنسانية على مدار تاريخها المنظور عقب الحرب العالمية الثانية وظهور منظمات لحفظ السلم والأمن مليء بالعديد من الأمثلة التي تدخلت فيها القوات الدولية بالعديد من البلدان تحت شعار السلم والأمن بدلاً من اللجوء إلى تدخلات إقليمية تشعل الصراعات لتمتد إلى أطراف أخرى.

وأوضح جبريل أنه من الطبيعي أن تنحاز التدخلات الإقليمية إلى أحد الأطراف فتتسع رقعة النزاع لتشمل المنطقة، مهددة السلم والأمن الدوليين. وشدد على أنه حال تم تطبيق ذلك على الحالة الليبية، وبغض النظر عن المسميات الحقيقية لهذا الصراع بين منطقتين تتصارع بينهما تحالفات صغيرة، فإن تلك الصراعات قد تشتعل بسبب تدخل قوى متربصة بالثورة، أو قوى خارجية تريد أن يكون لها موضع قدم في ليبيا، في الوقت الذي توجد فيه قوى وطنية تشكل الغالبية، ولكنها لا تمتلك السلاح فإنه يصبح لا مفر من اللجوء إلى الأمم المتحدة لغرض السلام، والدخول بين الأطراف المتصارعة بشرط أن يكون هذا التدخل مشروطًا بوقت وعمليات محددة، حتى تنتفي شبهة التدخل في الشأن الداخلي، خاصة أن هذا الصراع حال استمر فإنه يمكن أن يذهب بمقدرات الشعب والوطن.

وذكر جبريل أن الأزمة تتجسد في أن اللواء حفتر قام بمعركته ضد قوى التطرف والإرهاب دون التفاف القوى السياسية والوطنية، المنشغلة في قضاياها السياسية، لافتًا إلى أن القيام بأي عمل عسكري يقتضي تحقيق استقرار سياسي، والتفاف من كل القوى وأن يكون في إطار الدولة والحكومة، فضلاً عن وجود جهد استخباراتي لمعرفة حجم الخصم ومصادر حصوله على تلك الأسلحة. وأوضح أن توقف العمليات العسكرية لا بد أن يصاحبه إنجاز، وهذا يقتضي تحديد توقيت المعركة لأنها تدور داخل المدن، ويتضرر منها مواطنون وهو ما يجعل احتمالية أن تنقلب تلك القضية من الحق إلى الباطل.

وأكد جبريل أن تلك الاعتبارات لم يراعها الجنرال حفتر عند بدء معركته، كما أنه يجب أن يأخذ في الاعتبار أن المجموعة المتطرفة كان يجب حصرها عن التيارات الإسلامية الأخرى، لأن تلك المجموعة إذا اختلت فسوف تبني تحالفات أخرى، منوهًا بأن ذلك يعقد المعركة ليس فقط عسكريًا بل أيضًا سياسيًا لأنها تعطي أبعادًا اجتماعية، وتعطي لقوى التطرف الفرصة للاندساس والهروب داخل المجتمع والبحث عن حلفاء جدد.

وأشار إلى أن هذا يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع، واصفًا التفاوض بعد ذلك مع الإرهابيين بـ«كارثة»، قائلاً: «كان ينبغي أن تكون المعركة معركة الدولة ومعركة الحكومة الرسمية والجسم الشرعي المنتخب للأمة الليبية». وحول تدخل الناتو في ليبيا والمشاكل التي خلفها قال جبريل إن تدخل الناتو كان أداة اختارها المجتمع الدولي بناء على طلب المجلس الانتقالي، والذي كان ممثلاً للشعب الليبي في ذلك الوقت في سبيل تطلعه إلى الحرية للتخلص من حكم القذافي، فكان لابد للمجتمع الدولي أن يتدخل واختار الناتو كأداة لهذا التدخل، بناء على اختيار الاتحاد الأوروبي، وكان هذا التدخل محمودًا حيث وضعت ليبيا تحت البند السابع، والذي ينص على حماية المدنيين بعد اختيار حكومة تمتلك السلاح، وبالفعل تمكنت الحكومة الانتقالية من جمع السلاح، منوهًا بأن ذلك مكّن المجتمع الدولي من مساعدة الحكومة الجديدة على فرض سيطرتها على العنف، ومن ثم حماية المدنيين وإسقاط القذافي الذي هدد حياة هؤلاء المدنيين.

وحول علاقة التدخل بالأطماع الأجنبية في ليبيا قال جبريل: «ليس في الثقافة السياسية ما يسمى أطماع لأننا نحن الذين نخرب أوطاننا بأيدينا، حتى لو كان ذلك بتخطيط وإيعاز من القوى الاستعمارية، فعندما يوسوس الشيطان للإنسان بالخطيئة، وينساق الإنسان وراءه فإن المخطئ هو الإنسان وليس الشيطان».