Atwasat

جرائم إنسانية مخيفة جراء الحرب في طرابلس

طرابلس - بوابة الوسط، علي مجاهد الإثنين 11 أغسطس 2014, 10:02 مساء
WTV_Frequency

الاشتباكات العنيفة بين التشكيلات المسلَّحة المتصارعة في طرابلس التي اشتعلت منذ شهر استهدفت بالدرجة الأولى المؤسَّسات المدنية الحيوية العامة، مثل المطار والمدارس ومستودعات الوقود والمصانع والمصحات الطبية وغيرها، علاوةً على عشرات الآلاف من المدنيين في أحيائهم السكنية ومزارعهم والذين وجدوا أنفسهم دروعًا بشرية ورهائن لهذه الحرب الكارثية المجنونة، وأغرقت آلاف الأسر الليبية في الدموع والآلام واضطرتهم للنزوح عن بيوتهم، ما يرتقي بحسب المراقبين المستقلين إلى جرائم ضد الإنسانية.

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حذَّرت في وقت سابق «طرفي الصراع» ضد استهداف المدنيين والبنى التحتية للدولة، مؤكدةً أن مثل هذه الأعمال قد ترتقي إلى جرائم حرب وأن مرتكبيها ستتم متابعتهم قضائيًا بما في ذلك أمام محكمة الجنايات الدولية.

معاناة الأهالي
ويشهد حجم الدمار في الأحياء السكنية واضطرار آلاف العائلات لترك بيوتها تحت وطأة القصف الصاروخي والمدفعي الأعمى والعشوائي على المعاناة الشديدة والجحيم الذي عاشه سكان العاصمة طرابلس، وخاصة في المنطقة المحيطة بمطار طرابلس الدولي ومنها منطقة قصر بن غشير وطريق المطار وحي الأكواخ وبو سليم وطريق النهر (جنوب طرابلس)، وطريق السواني على مستوى ما يُعرف بمعسكر 7 أبريل وطريق الكنيسة وجامع البر ومنطقتي السراج وجنزور وبوابة الـ 27 (جنوب غرب وغرب العاصمة)، على شراسة المعارك وترويع المدنيين الآمنين وإلحاق أكبر الأذى بالأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وصل سعر برميل البنزين سعة 20 لترًا إلى 80 دينارًا مقابل ثلاثة دنانير سعره الأصلي

ويضاعف من معاناة المدنيين غلق الطرق بالسواتر الترابية لمنع حرية تنقل المواطنين وخنقهم وإرهابهم والنقص الحاد في البنزين والديزل وغاز الطهي الذي أصبح سلعةً نادرةً ويباع على الطرقات بأسعار خيالية؛ حيث وصل سعر برميل البنزين سعة 20 لترًا إلى 80 دينارًا مقابل ثلاثة دنانير سعره الأصلي، وبلغ ثمن أسطوانة غاز الطهي ما بين 50 و60 دينارًا مقابل 2.5 دينار سعرها الأصلي وذلك كله وسط استمرار توقف العمل في العديد من المصارف لنقص السيولة جرّاء الوضع الأمني المتردّي.

وفي هذا السياق تقف مدرسة الغيران الجنوبي الابتدائية الإعدادية المختلطة (وهي مدرسة نموذجية حديثة في منطقة السراج غرب العاصمة تمت صيانتها مؤخرًا) لتشهد على ضراوة الاقتتال بين وحدات من الجماعات المسلّحة المحسوبة على الزنتان وعناصر منتمين لكتيبة الفرسان المحسوبة على مدينة جنزور والمدعومة بمقاتلين من القوات المتحركة وآخرين محسوبين على تيار الإسلام السياسي.

 

أضرار بالغة
وقال الحاج فرج الشريف المقيم بمنطقة السراج لـ"بوابة الوسط" إنَّ الواجهة الأمامية للمدرسة تضرَّرت بشكل كبير وتناثر الزجاج في كل مكان بعد أنْ أُصيبت بطلقات من مدافع رشاشة.

وأضاف أنه من غير الممكن معرفة حجم الأضرار التي لحقت بالمدرسة والمساكن المجاورة لها بسبب منع الجماعات المسلّحة المتخندقة أمامها أي أحد من الاقتراب من المكان إلا أنه أكَّد أنه على يقين مما شاهده لدى مغادرة مزرعته القريبة من المكان بعد اشتداد عمليات القصف المتبادل بالأسلحة الثقيلة ومنها المدافع أن المدرسة لن تتمكَّن من استقبال طلابها للعام الدراسي القادم حتى وإن حطت هذه الحرب المجنونة وغير المبرر أوزارها غدًا بحسب وصفه.

وأكَّد رمضان الباروني المقيم قرب جامع البر على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات إلى الجنوب من مدرسة الغيران الجنوبي أنه لاحظ دمارًا كبيرًا بالورش والمحلات التجارية ومحلات بيع مواد البناء المنتشرة على جانبي ما يعرف بطريق جامع البر وطريق "الكنيسة" الرابطة بين طريق السواني ومنطقة السراج وذلك عند اضطراره لترك منزله قبل حوالي عشرة أيام واللجوء مع أسرته إلى منزل أخيه في حي غوط الشعال (غرب طرابلس).

طرفي الصراع يمنعان وسائل الإعلام المحلية والدولية من الوصول إلى مناطق الاشتباكات لتصوير آثار الدمار الذي لحق بالأحياء السكنية والمؤسَّسات المدنية

ويبدو أنَّ طرفي الصراع يمنعان وسائل الإعلام المحلية والدولية من الوصول إلى مناطق الاشتباكات لتصوير آثار الدمار الذي لحق بالأحياء السكنية والمؤسَّسات المدنية في الوقت الذي يتواصل فيه حتى اليوم الاثنين سماع دوي انفجارات قوية يتردد صداها في كافة أحياء العاصمة طرابلس في حين سعت أطراف أخرى للسيطرة على المشهد الإعلامي الليبي، وهو ما أكَّده المدير التنفيذي لقناة الوطنية في خطاب استقالته من منصبه.

نقص المواد الغذائية
وفي سياق متصل، لاحظ مراسل لـ«بوابة الوسط» في طرابلس بداية خلو أرفف العديد من محلات بيع المواد الغذائية من أصناف عديدة وبدأت الكثير من الصيدليات تفرض بيع كمية محددة من حليب الأطفال (عبوة واحدة).

وفي سوق الجملة للخضار والفواكه المعروف بـ«سوق الثلاثاء» اضطر العديد من التجار لقفل محلاتهم لعدم وجود ما يعرضونه للبيع نتيجة لوجود ثلاجات الحفظ في مناطق النزاع (جنوب غرب وغرب العاصمة)، وانقطاع الإمدادات من تونس وقفل سوق "الأحد" (جنوب طرابلس) وهو أكبر أسواق الخضار والفواكه في العاصمة الليبية والقريب من منطقة المطار؛ حيث تدور اشتباكات عنيفة منذ ما يزيد على الشهر، في حين أن المعروض حاليًا فيما تبقَّى من المتاجر المفتوحة كان ليرمي في القمامة ولن تمتد إليه أيدي المشترين في زمن آخر ليس ببعيد.

جرائم إنسانية مخيفة جراء الحرب في طرابلس
جرائم إنسانية مخيفة جراء الحرب في طرابلس
جرائم إنسانية مخيفة جراء الحرب في طرابلس

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تكالة يبحث مع أورلاندو مقترحات لإنهاء الجمود السياسي
تكالة يبحث مع أورلاندو مقترحات لإنهاء الجمود السياسي
بالصور: 5 ملفات سياسية واقتصادية في مباحثات الدبيبة وآبي أحمد
بالصور: 5 ملفات سياسية واقتصادية في مباحثات الدبيبة وآبي أحمد
إزالة وصلة غير شرعية على خط النهر الصناعي بمسار أجدابيا - سرت
إزالة وصلة غير شرعية على خط النهر الصناعي بمسار أجدابيا - سرت
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة الدولار «موقتا»
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة ...
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم