أمضى سكان منطقة السراج (الضاحية الغربية لطرابلس) مساء الأحد أربع ساعات من الرعب، من حوالي الرابعة مساء إلى الثامنة مساء، نتيجة الاشتباكات العنيفة التي جرت بمختلف أنواع الأسلحة منها الرشاشات الثقيلة والمدافع والقذائف الصاروخية وصواريخ "غراد"، بين مسلحين تابعين لكتيبة الفرسان المتمركزة في مدينة جنزور (12 كلم غرب طرابلس)، وعناصر تابعين للواء القعقاع المحسوب على مدينة الزنتان.

وأسفرت هذه الاشتباكات، علاوة على ترويع السكان الآمنين، عن سقوط ثلاثة قتلى لم تحدد هويتهم في صفوف المتناحرين وأكثر من 18 جريحًا بحسب إحصائيات غير رسمية، وإلحاق أضرار كبيرة بممتلكات المواطنين وبخاصة المساكن والمتاجر والمساجد والورش الخدمية في هذه المنطقة التي يقطنها قرابة 40 ألف نسمة.

ودارت هذه الاشتباكات في إطار ما بات يعرف بالمحاور المرتبطة بمعركة السيطرة على مطار طرابلس الدولي التي اشتعلت قبل ثمانية أيام، ومنها محور الحي الصناعي ومقر جمعية الدعوة الإسلامية وحي الأكواخ وطريق المطار ومنطقتي السواني وقصر بن غشير (جنوب غرب وجنوب العاصمة الليبية).

وأبلغ علي عمران (55 سنة - رب عائلة من خمسة أشخاص وصاحب مزرعة في منطقة السراج ) "بوابة الوسط" أن قذيفة "آر بي جي" صاروخية أصابت الواجهة الأمامية للمبنى التجاري السكني المقام في واجهة مزرعته ما ألحق أضرارًا كبيرة بالمبنى إلا أنه أشار إلى أن تلك الأضرار المادية يمكن تجاوزها إذا ما قورنت بحالة الصدمة والخوف التي أصابت أسرته وبخاصة أحفاده الذين تصادف تواجدهم في بيته.

وقال رجب عمار الباروني (45 عامًا وأحد جيران على عمران) إن السور الخارجي لمزرعته تضرر بسبب سقوط عدة قذائف وشكر الله أن البيت الذي يقيم فيه بنفس المزرعة مع زوجته وأمه وبناته الثلاث لم يصب إلا بشضية طالت الشرفة الخلفية.

إصابة مسجد "إبراهيم الخليل"
وغير بعيد عن هاتين المزرعتين لاحظ مراسل "بوابة الوسط" في طرابلس اليوم الاثنين إصابة مسجد "إبراهيم الخليل" بثلاث قذائف صاروخية على الأقل ألحقت به أضرارًا كبيرة في حين أكد سكان المنطقة المجاورة للمسجد أنهم لم يستطيعوا أداء صلاة القيام الرمضانية الليلة الماضية في مسجدهم بسبب هذه الأضرار والخوف من تجدد القصف.

وأصابت قذيفة صاروخية بالحي نفسه واجهة مبنى يستخدم قاعة للأفراح وألحقت به أضرارًا كبيرة فيما دمرت النيران الناجمة عن التراشق برشاشات ثقيلة بحسب سكان المنطقة ورشة نجارة ووكالة عقارية.

ومن جهة أخرى أصابت عدة قذائف صاروخية وطلقات رشاشات ثقيلة الواجهة الأمامية لمدرسة الغيران الجنوبي في منطقة السراج حيث أكد شهود عيان سقوط قتيلين وعدة جرحى أمام المدرسة. ولم يتسن معرفة ما إذا كانت الواجهة الأمامية للمدرسة ستصمد نتيجة التشققات الكبيرة التي سببتها الإصابات المباشرة.

وأفاد شهود عيان أن أضرارًا كبيرة لحقت أيضًا بورش الميكانيكا وورش تصنيع الأبواب والنوافذ وورش الحدادة ومحلات بيع مواد البناء والأخشاب والمواد الكهربائية المنتشرة على ما يعرف بطريق "الكنيسة" الرابطة بين منطقة السراج وطريق السواني، فيما أكد آخرون حدوث أضرار كبيرة وعمليات سطو على مستوى محلات البيع بالجملة للمواد الغذائية بمنطقة الكريمية (جنوب غرب العاصمة) المتاخمة لمنطقة السراج نتيجة هذه الاشتباكات التي استمرت زهاء الأربع ساعات.

يشار إلى أن منطقة مطار طرابلس الدولي والمناطق المحيطة به جنوب، وجنوب غرب العاصمة، تشهد عمليات عسكرية واسعة منذ ثمانية أيام ألحقت أضرارًا فادحة بمباني المطار ودمرت 90% من الطائرات الرابضة على أرضه بحسب بيان رسمي للحكومة الليبية الموقتة، في حين شهدت الأحياء القريبة من قلب العاصمة، خاصة حي الأكواخ وحي بوسليم وطريق المطار، اشتباكات مُتقعطة بين وحدات من لواء القعقاع والصواعق المحسوبة على مدينة الزنتان ووحدات محسوبة على مدينة مصراتة، أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين المتناحرين، كما أودت بحياة عدد من المدنيين جراء القصف العشوائي بمختلف الأسلحة الثقيلة الذي طال منازلهم.

وانتقلت هذه الاشتباكات إلى أحياء غرب العاصمة طرابلس على مستوى منطقة السراج والمدينة السياحية ومدينة جنزور ما ينذر، بحسب المراقبين، بانزلاق البلاد في حرب أهلية شاملة خاصة على ضوء الترتيبات والتحالفات القبلية التي بدأت تبرز على السطح بشكل واضح، قبل ثمانية أيام، بحجة إخراج الوحدات المسلحة المحسوبة على مدينة الزنتان من مطار طرابلس الدولي إلا أن مراقبين للشأن الليبي يعتقدون أن الخلفية الكبرى لهذه المعارك تنسجم مع ما يدور في الشارع الليبي من محاولة بعض القوى عرقلة المسار السياسي في البلاد وتعطيل تسليم السلطة لمجلس النواب المنتخب حديثًا.