Atwasat

شاهد على ثورة فبراير: عملت مع نظام القذافي وتراجعت عن المهمة بعد اكتشاف الفخ

القاهرة - بوابة الوسط: (ترجمة - هبة هشام) الخميس 08 ديسمبر 2016, 09:37 مساء
WTV_Frequency

كلفه النظام السابق بمهام لمراقبة الثوار، لكنه تراجع عن المهمة حينما فطن إلى حقيقة الخداع الذي سقط في شراكه. رصد جميع التطورات التي أفضت إلى الإطاحة بالقذافي، إلا أنه لم يستنكف التأكيد على أن المجموعات الثورية قتلت هي الأخرى مئات ممن سموهم «خونة أو موالين للقذافي». وفي حين كان حضوره راسخًا وسط أحداث جسام، لم يتنح عن وجهات نظره السياسية ورأى أن «عودة الحكم الملكي هي الحل الأفضل أمام ليبيا»، مشيرًا إلى أن ليبيا ستصبح أمة موحدة تحت عرش ملك للبلاد.

الشاب المصراتي مجدي المنقوش اختارته جريدة «نيويورك تايمز»، واعتبرته شاهدًا على ما جرى قبل وإبان وبعد ثورة فبراير. وعلى الرغم من حداثة سنه (30 عامًا)، إلا أن الجريدة الأميركية اعتمدت شهادته، نظرًا لوجوده في عمق الحدث، إذ كان خلال الثورة متدربًا في عامه الثالث بالأكاديمية الوطنية الجوية جنوب غرب مصراتة، وكان يسعى للحصول على شهادة في هندسة الاتصالات، وخلال هذا التوقيت تابع من داخل الأكاديمية وخارجها تطورات ثورتي تونس ومصر، إلا أنه كان يستبعد حينئذ احتمالات هبوب الرياح الثائرة إلى ليبيا.

للاطلاع على العدد (55) من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

عاد المنقوش إلى اليوم الذي نعته بـ«نقطة تحول في الشارع الليبي»، مؤكدًا أنه شاهد عمال البلدية في مدينة مصراتة وهم يزيلون صور القذافي «التي كانت تملأ الشوارع، وتلف أعمدة الإنارة داخل المدينة»؛ حيث أراد القذافي إضفاء وجه آخر «أكثر لطفًا» لحكومته، ليتم تقبله من قبل الولايات المتحدة والغرب.

ألعاب نارية
ويقول المنقوش: «في مساء السبت 19 فبراير سمعنا أصوات أعيرة نارية قريبة، ظننا في البداية أنها ألعاب نارية لكن تأكدنا أنها أصوات طلقات نارية، وجاءت الأوامر بوقف الدراسة والتأهب. سيطر رجال مسلحون يرتدون الزي العسكري على أبراج المراقبة حول الأكاديمية، وعندها بات لدينا يقين بأن حدثًا جللاً في الطريق إلينا، إلا أن أحدًا لم يخبرنا بماهية الحدث المنتظر. واستمرت أصوات الطلقات النارية بشكل متقطع على مدار الأيام التي تلت».

وتابع: «اتضحت الأمور يوم 22 فبراير مع الخطاب الذي ألقاه معمر القذافي، والذي تعهد فيه بتحرير ليبيا (بيت بيت، حارة حارة، زنقة زنقة)، وعقب الخطاب تصاعدت حدة الطلقات النارية في مصراتة كأن رجال الأمن كانوا في انتظار الأوامر الصادرة عنه، فبعد انتهاء الخطاب فتحت القوات الأمنية النيران على كل مكان».

وظل المنقوش ورفاقه 580 داخل جدران الأكاديمية، غير مسموح لهم بالخروج أو التواصل مع أي أفراد خارج المبنى، في مسعى لإبقائهم بعيدًا عن سير الأحداث. واستمر الوضع حتى 25 فبراير مع قدوم جنود الكتيبة 32 نخبة من طرابلس لنقل الطلاب إلى العاصمة. وهنا يقول المنقوش: «أخبرونا أن أعمال الشغب سببها مرتزقة أجانب، استأجرهم أعداء ليبيا من القوى الغربية. ومع هذا التفسير لم أتفاجأ من مشاهدة طائرات التحالف الدولي فوق طرابلس وهي تقصف مواقع قوات القذافي». وشهدت مدينتا بنغازي ومصراتة أسوأ المعارك وأعمال العنف خلال تلك الفترة.

تقصي حقائق
وجاء شهادة المنقوش في إطار عدد «نيويورك تايمز» الأخير الذي خصصته بالكامل لتقصي حقائق ما جرى في منطقة الشرق الأوسط على مدار 13 عامًا الماضية، والخسائر التي تكبدتها دول المنطقة نتيجة الاضطرابات والإرهاب والأعمال العسكرية. وأجرت الجريدة الأميركية تحقيقها على مدار 18 شهرًا متواصلاً، أفردت فيه مساحة واسعة لشهادات وروايات ست شخصيات عايشت الأحداث في ست دول، جاء في طليعتها إلى جانب ليبيا: مصر وسورية والعراق وكردستان العراق.

هذه تفاصيل مذبحة متدربي الأكاديمية الجوية خلال الأيام الأولى للثورة

وفي شهادته كشف المنقوش عن قيام مخابرات القذافي بتجنيده في طرابلس وإيفاده إلى مصراتة مرة أخرى، للتعرف على قيادات الثوار بالمدينة، والوصول إلى عدد الأهالي الذين انضموا إلى الحركة الثورية. وقال: «حظينا بثقة نظام القذافي وتم نقل مجموعة كبيرة منا إلى قاعدة عسكرية للتدريب على استخدام أنظمة الصواريخ الموجهة. ولاحقًا تم اختياري للانخراط في التدريبات نفسها».

واستطرد المنقوش قائلاً: «بدلاً من أن يتم نقلي إلى طرابلس ذهبت إلى مدينة الدافنية قرب مصراتة؛ حيث أخبرني أحد ضباط المخابرات، يدعى محمد، عن مهمتي التي أوجزها في معرفة قيادة الثوار من أهالي مدينة مصراتة، ومن يعمل على مساعدتهم ودعمهم، وتحديد مواقعهم وتحركاتهم بدقة». وبالفعل تحرك المنقوش صوب مصراتة حيث اعتقد أنه يقوم بدور بطولي لـ«إنقاذ بلاده من الأجانب المرتزقة». لكن مع تطور الأحداث قرر المنقوش تسليم نفسه إلى المجلس العسكري للثوار، وكشف المهمة التي وُكل بها، وأرشد عن مسؤول المخابرات التابع له ليتم القبض عليه لاحقًا في أحد فنادق المدينة.

رحلة علاجية
وتابع: «بعد أيام من تلك التطورات سافرت إلى تونس؛ حيث توجه والداي في رحلة علاجية وأرادا مني البقاء هناك، لكني كنت على يقين بأن دوري في الحرب لم ينته بعد، فالدوائر العسكرية في الجيش كذبوا علينا وخدعونا والحرب لم تصل نهايتها، وما زال الليبيون يقاتلون، ولم يكن لدي خيار آخر سوى العودة». ولدى عودته مصراتة نشط المنقوش في إحدى التشكيلات المسلحة بالمدينة.

وكشف المنقوش خلال شهادته عما وصفه بالمذبحة التي ارتكبها نظام القذافي في حق متدربي الأكاديمية الجوية خلال عمليات القتال، قائلاً: «طلبة الأكاديمية في طرابلس، بينهم صديقي جلال، تم إرسالهم إلى مصراتة بذريعة المساعدة في تمشيط الطريق إلى المدينة ومساعدة الصفوف الأمامية. لكن ما حدث هو أن نظام القذافي استخدم المتدربين كطعم؛ حيث يتم إرسالهم إلى الأراضي المفتوحة ليتم إصابتهم بمدافع الطائرات أو رصاص الثوار، وحتى تتمكن قوات القذافي من تحديد مواقع تمركز الثوار في الجهة المقابلة. وأعدم النظام طلبة آخرين لمحاولتهم الذهاب إلى مدنهم وعائلاتهم». وأضاف: «حاول صديقي الهرب لكن تم الإيقاع به وتسليمه مرة أخرى إلى قيادات الجيش وإرساله مجددًا إلى تلك المواقع. وبالفعل في إحدى المرات أصابته شظية في رأسه لقي حتفه على إثرها».

قال المنقوش إن المجموعات الثورية قتلت مئات ممن سموهم «خونة أو موالين للقذافي»

مجرد طلبة
وعلى الجانب الآخر للثورة قال المنقوش إن المجموعات الثورية أيضًا قتلت هي الأخرى مئات ممن أسموهم «خونة أو موالين للقذافي»، والمتدربين الذين نجوا من تلك المجازر، إما تم اعتقلاهم وإيداعهم سجون الثورة وإما عاشوا مختبئين، «لقد كنا مجرد طلبة، كلا الفريقين ذبحونا واستغلونا».

وعلى الرغم مما شاهده طوال الحرب ظل المنقوش متفائلاً حيال مستقبل بلاده، معتقدًا أن ثورة ليبيا النفطية وجهود الأهالي ستضمن لهم مستقبلاً أفضل، لكن الأحداث التي تلت أثبت عكس ذلك، ففي نظره جاء قرار «المجلس الانتقالي الوطني» دفع رواتب لكل من حارب ضد القذافي الخطأ الأول في سلسلة الأخطاء التي تلت، إذ تضاعف أعداد «الثوار» من 20 ألف شخص إلى 250 ألفًا في غضون أسابيع، بل ومثل القرار حافزًا لتشكيل مجموعات مسلحة جديدة ظلت خارج سيطرة أي حكومة مركزية.

وعانت مدينة مصراتة حصارًا طويلاً من قبل قوات القذافي، واعتمد السكان على مخزونهم القليل من المواد الغذائية والطبية والدواء. وشهدت المدينة قتالاً عنيفًا وموجات من قصف المدفعية. ولم ينحسر الحصار سوى مع بدء الضربات الجوية للقوى الغربية نهاية مارس، بحسب «نيويورك تايمز».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الحويج: «الاقتصاد» تستهدف رفع إيرادات الدولة غير النفطية لـ60%
الحويج: «الاقتصاد» تستهدف رفع إيرادات الدولة غير النفطية لـ60%
جريدة «الوسط»: قطاع النفط الليبي على صفيح ساخن
جريدة «الوسط»: قطاع النفط الليبي على صفيح ساخن
مصادرة كمية كبيرة من الوقود مخزنة في أرض فضاء ببنغازي
مصادرة كمية كبيرة من الوقود مخزنة في أرض فضاء ببنغازي
سكون سياسي في رمضان.. والقيادة تعلق المشاركة في «المصالحة»
سكون سياسي في رمضان.. والقيادة تعلق المشاركة في «المصالحة»
إطفاء حريق في نفايات قرب مستودع للغاز بالبيضاء
إطفاء حريق في نفايات قرب مستودع للغاز بالبيضاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم