احتلت الأوضاع داخل ليبيا جانبًا مهمًا في تغطية الصحف العربية الصادرة اليوم السبت، والتي تابعت آخر المستجدات السياسية خاصة نتائج تحرك رئيس ما يعرف باسم «حكومة الإنقاذ» خليفة الغويل للسيطرة على مجمع القصور الرئاسية حيث مقر مجلس الدولة، إضافة إلى ما استجد على العمليات العسكرية في مدينة سرت.

محاولة لتفادي الخلافات مع حفتر
تطرقت جريدة «الشرق الأوسط» إلى البيان الختامي لمتلقى ضباط الجيش ولفتت إلى قرار المجلس الرئاسي حذف أي فقرة تنص على اعتبار قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر «مجرم حرب»، فيما وصفته الجريدة بـ«محاولة لتفادي حدوث توتر أكبر في العلاقات مع حفتر».

وخلا البيان الختامي لملتقى ضباط الجيش من أي إشارة إلى حفتر رغم «أن البث المباشر لفعاليات الملتقى أطره اتفاق المشاركون على اعتبار حفتر مجرم حرب بسبب المعارك التي يخوضها في مدينة بنغازي منذ نحو أربع سنوات».

ومن جانبه رأى المفتي الصادق الغرياني أن «بيان الملتقى جرى تحريفه من قبل حكومة الوفاق على صفحتها وحذفت منه إدانة الجيش لحفتر».
وأصدر ملتقى الضباط بيانًا توضيحيًا أكد فيه أن الملتقى عقد بمبادرة من بعض المناطق العسكرية في غرب البلاد ولا علاقة له بالتجاذبات السياسية، واستهدف تقديم مقترحات حول معايير تولي المناصب القيادية بالجيش.

وكان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ألقى كلمة أمام الحضور دعا إلى توحيد المؤسسة العسكرية تحت مظلة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، دون إقصاء أو تهميش.

وبدوره التزم الجيش والمشير حفتر بالصمت تجاه تلك الاتهامات ولم يصدر أي بيان رسمي، فيما اعتبر عضو المجلس الرئاسي، على القطراني، المؤتمر «ملتقى لمجموعات مسلحة خارجة عن القانون وسرعية المؤسسة العسكرية».

وتابعت الجريدة أيضًا سير العمليات العسكرية في مدينة سرت ضد تنظيم «داعش»، ونقلت عن قوات «البنيان المرصوص» أنها حققت ما وصفته بـ«تقدم مهم» في منطقة عمارات الستمائة، وسيطرت على مساحة واسعة في منطقة العمارات.

وقالت قوات «البنيان المرصوص»، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، إنها ألحقت أضرارًا فادحة في صفوف التنظيم، وأوقت 20 قتيلاً في صفوفه ونجحت في تحرير خمسة من الأسرى الأجانب بينهم اثنان من تركيا واثنان من الهند وبنغالي.

العودة إلى «مربع صفر»
وفي تقرير آخر تابعت فيه المستجدات السياسية، قالت «الشرق الأوسط» إن محاولات التوصل إلى توافق بين الفصائل الليبية عادت إلى «المربع صفر»، مع إعلان «حكومة الإنقاذ» العودة لمباشرة عملها والسيطرة على مقر مجلس الدولة بل رفض شرعية حكومة الوفاق في أكبر تحدٍ للمجلس الرئاسي.

وتشهد العاصمة طرابلس استنفارًا أمنيًا بين المجموعات المسلحة الموالية للمجلس الرئاسي وتلك الموالية لخليفة الغويل، معتبرة ما قامت به الأخيرة «انقلابًا».

وفي شرق ليبيا، قالت الجريدة: «يبدو أنه لا توجد بعد ثقة كاملة في قدرة خليفة الغويل على بسط سيطرته كاملة على طرابلس»، خاصة بعد الجولة التي أجراها السراج في طرابلس التقى خلالها عددًا من الشخصيات الأمنية والعسكرية أكد خلالها أنه مستمر في مباشرة عمله، وأنه سيتخذ إجراءات سريعة لإثبات وجود حكومته في العاصمة والتواصل مع باقي الخصوم، هذا إلى جانب الدعم الدولي الذي حظى به خاصة من دول جوار ليبيا.

وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق، الطيب الصافي، في تصريحات إلى «الشرق الأوسط» إنه «ينبغي على رئيس مجلس النواب عقيلة صالح التدخل بشكل عاجل لتوحيد المؤسسات الليبية من الحكومة إلى مؤسسات النفط والبنك المركزي».
وبدوره رأى رئيس لجنة العدل والمصالحة في البرلمان، إبراهيم عميش، أن «مرحلة اتفاق الصخيرات انتهت، وإن «الحوار الليبي - ­الليبي بدأ، وأنا مستعد للمغادرة إلى طرابلس لبحث الأمر مع المؤتمر الوطني (جماعة الغويل)».

ورأت الجريدة أن السراج ارتكب عددًا من الأخطاء أدت إلى عودة الغويل أهمها تركه الأمور في طرابلس بما فيها من هشاشة دون حسم الموضوع منذ البداية. ونقلت عن مصادر في المجلس الرئاسي أن الغويل التقي دبلوماسيين أجانب في العاصمة باعتباره رئيس «حكومة الإنقاذ» رغم الدعم الدولي لحكومة السراج، إلى جانب عدم حسم قضية المجموعات المسلحة في طرابلس، من مجموعات دعمت عودة الغويل بعد أن كان الاعتقاد يسود بأنها موالية للسراج.

ورغم التربص والتحركات المريبة لكثير من المجموعات التي تمتلئ بها طرابلس، يبدو السراج متماسكًا، وأنه ما زال يسيطر وما زال يدير الأمور، إلا أن هذا يدفع كلاً من جماعة «المؤتمر الوطني العام» والبرلمان للضرب بقوة من أجل استثمار العاصفة التي أثارها الغويل. ويقول عميش: «يكفينا أنه أصبح يوجد تغير في السياسة الدولية فيما يتعلق بعدة ترتيبات لم تكن مطروحة من قبل».

وفي ظل تلك التجاذبات السياسية، يبدو أن البلاد تسير في حلقة مفرغة، أثرت بالسلب على الحالة الأمنية المنفلتة، خاصة عقب اقتحام مقر المخابرات في طرابلس على يد إحدى المجموعات المسلحة، وانتشار حالات الخطف والتصفية الجسدية في الشارع. وأثرت هذه الأوضاع بالسلب على حالة الاقتصاد. ورغم تعدد الحكومات، فإن معظم المواطنين لا يجدون الأموال في المصارف، والرواتب تتأخر لعدة أشهر، بالإضافة إلى نقص حاد في السلع الأساسية والخدمات، مثل الكهرباء والمياه وغيرها.

نواب يدعمون مشروع حكومة الوحدة الوطنية
وإلى جريدة «البيان» الإماراتية التي أوردت إعلان ثلاثة من أعضاء مجلس النواب دعم مساعي كل من رئيس الحكومة الموقتة عبد الله الثني ورئيس «حكومة الإنقاذ» خليفة الغويل تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بمحاربة الإرهاب والتطرف، وتدعم المؤسسات العسكرية والأمنية، في وقت قال الثني، إنّه لن يقبل سيطرة جماعة «الإخوان» على البلاد.

وطالب النواب إبراهيم عميش ونصر الدين مهني، وزياد دغيم في بيان تلقت «البيان» نسخة منه أن تتم المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفقًا للإعلان الدستوري، وتحت شرعية مجلس النواب في ظل برنامج وطني متكامل يستوعب الجميع دون استثناء لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ووحدة التراب الليبي، مؤكدين أن موقفهم يأتي استجابة لمعطيات الواقع وتفعيلاً للقيم الدستورية المؤسسة لقيام الدولة، وانطلاقًا من الثوابت الوطنية وإرادة الشعب الحرة الداعمة لكل ما من شأنه توحيد الكلمة في مواجهة الحسابات الحزبية الضيقة والاستقواء بالعنصر الأجنبي.

وبدوره قال الثني إن حكومته باركت دعوة الغويل تشكيل حكومة وحدة وطنية، موضحًا أن أملهم كان في أن يحقق المجلس الرئاسي شيئًا على الأرض: «لكن أملنا خاب، وفي هذا الإطار نحن مع أي خطوة تخرج البلاد مما هي فيه، وتسهم في توحد جهود الليبيين».
ونقلت الجريدة أيضًا تصريحات الناطق باسم القوات المسلحة العقيد أحمد المسماري قال فيها إن توقيت عقد ملتقى ضباط القوات الموازية بطرابلس جاء «كردة فعل على تصريحات المبعوث الأممي مارتن كوبلر، والتي دعا من خلالها إلى توحيد الجيش بقيادة خليفة حفتر»، لافتًا لوجود قناعة عالمية لدى الرأي العام العالمي بضرورة توحيد الجيش تحت قيادة حفتر.

وبيَّن المسماري أنّ غياب عبدالسلام جاد الله الذي يمثل رئاسة أركان «حكومة الإنقاذ» عن الملتقى دليل واضح على وجود انقسام وانشقاق في بعض الأماكن في طرابلس، مضيفًا أنه خلال الفترة القادمة ستشهد الأطراف صدامًا وانشقاقات عدة بطرابلس.

وعلى الصعيد العسكري في بنغازي نقلت «البيان» تصريحات مدير أمن بنغازي العقيد صلاح هويدي على وجود خلايا نائمة في المدينة تحاول اغتيال أي شخص ينشق عن الجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى أن الـ14 جثة التي وجدت مقيدة الأيدي بجوار مقر صندوق الضمان الاجتماعي ببنغازي في يوليو الماضي، جرى اغتيالهم من قبل الجماعات الإرهابية.
«المؤتمر الوطني» يرتب لانتخابات جديدة
أما جريدة «الخليج» فنقلت تصريحات نائب رئيس «المؤتمر الوطني العام»، عوض عبدالصادق أعلن فيها المؤتمر إجراء انتخابات جديدة في أقرب فرصة، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة ستشهد بدء اجتماعات البرلمان بعد توجيه دعوات بذلك للأعضاء كافة، الذين انضموا لـ«مجلس الدولة غير الدستوري».

وقال عبدالصادق في حديثه لقناة «التناصح»: «إن استرجاع مقر برلمان الميليشيات من مجلس الدولة عن طريق شباب الأمن الرئاسي جرى بوصف البرلمان مؤسسة شرعية، وبعد أن فطن الشباب إلى ما آلت إليه الظروف بعد دخول المجلس غير الدستوري».

من جهة أخرى، قالت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، «إن بلادها لن تتدخل عسكريًا في النزاع القائم حاليًا في ليبيا».

وأوضحت بينوتي في تصريحات للإذاعة الحكومية الإيطالية أنه لن يكون هناك أي تدخل عسكري إيطالي في ليبيا لا الآن ولا في المستقبل لفض النزاع، وهذا ما اتفقت عليه مع جميع الأطراف الليبية التي تحاورت معها حتى الآن.

وشددت بينوتي على أن الشعب الليبي منقسم على نفسه، لكنه يشعر بالفخر جدًا بقدراته، ويؤمن أن إدارة الأمن على أراضيه يجب أن تتم عن طريق أجهزته وعسكرييه.