كشف الدكتور فؤاد سيالة الخبير في مجال الطاقات المتجددة، في حوار لجريدة «الوسط»، عن قدرة ليبيا على توفير 20 % من قدراتها الكهربائية التي تُقدر بحوالي 7 آلاف ميجاوات عن طريق الطاقات البديلة لاسيما الطاقة الشمسية، لافتًا إلى أن قدرات توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة لا تزيد على 1 % من إجمالي قدرة التوليد الحالية في ليبيا، منوهًا بأن معدلات الطاقة الشمسية التي تتوفر سنويا في ليبيا من أعلى المعدلات بالعالم.

وبينما أشار إلى أن ثلث الكهرباء في ليبيا يستخدم بمجال سخانات المياه، شدد على أن إقامة مشروعات السخانات الشمسية يوفر عوائد اقتصادية ضخمة للبلاد، بالنظر إلى أن كمية الطاقة الشمسية التي تسقط على ليبيا سنويًا تعادل 1000 مرة كمية الطاقة من إنتاج النفط يوميًا.وأضاف الخبير بمجال الطاقات المتجددة في حوار مع «الوسط»، أن استغلال الحكومة الليبية لحوالي 0.1 % من مساحة البلاد يجعلها تنتج طاقة شمسية تعادل 5 مرات إنتاج النفط الليبي يوميًا، وإلى نص الحوار:

بداية، كم يبلغ حجم إنتاج الطاقة من المصادر البديلة في ليبيا؟
- إنتاج ليبيا من الطاقات المتجددة كان ضئيلاً جدًا رغم الإمكانات الطبيعية المتاحة، فمجموع قدرات توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة حاليًا لا تزيد على 1 % من إجمالي قدرة التوليد الموجودة بليبيا، وهو ما يرجع لاعتبارات عدة على رأسها كون ليبيا أحد البلاد المهمة المصدرة للنفط والغاز، وبدأ استخدام الطاقات البديلة منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتحديدًا لدى استخدام الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء عبر الشركة العامة للبريد التي استخدمت الخلايا الشمسية لتغذية المحطات موجات السنتمترية.

لماذا لم تستخدم الطاقات المتجددة في ليبيا لتوفير الكهرباء بالمناطق النائية؟
- ليبيا في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات استثمرت أموالاً هائلة في نشر شبكة الكهرباء المركزية، وبالتالي غاب مفهوم المناطق النائية الفقيرة بالكهرباء، ولذلك لم يكن ثمة دافع لنمو الطاقات المتجددة.

لكن مع ظهور الهاتف النقال والذي يحتاج إلى هوائيات خاصة في مناطق نائية كقمة جبل أو منطقة صحراوية، جعل من الصعب تغذيتها بشبكة الكهرباء أو مولدات ديزل، وبالتالي بدأ استخدام الخلايا الشمسية وهو أكبر للطاقات الشمسية في مجال شبكات الهاتف النقال.

واحدة من المشاكل هي طبيعة الطاقات المتجدة التي يكون إنتاجها غير ثابت

هل يمكن أن تمثل محطة الفتائح في درنة نواة لاستخدام أوسع للطاقة البديلة؟
- بالتأكيد، محطة الفتائح التي تستهدف إنتاج 60 ميجاوات، ومشروع منطقة الجفرة الذي يستهدف 15 ميجاوات من خلايا شمسية، ومشروع سبها الذي يستهدف 40 ميجاوات، بمثابة خطوات أولية ونواة لإمكانية استخدام الطاقات المتجددة على نطاق أوسع في البلاد.

السلطات الليبية مطالبة بتفعيل تلك المشروعات، التي تسفر عن استفادة واسعة من خلال تدريب الكوادر الوطنية سواء خلال عمليات الإنشاء أو التشغيل.

لكن ما العوائق أمام اقتحام هذا المجال؟
- واحدة من المشاكل هي طبيعة الطاقات المتجدة، التي يكون إنتاجها غير ثابت، فهي مرتبطة بالمناخ وتقلبات الجو سواء الرياح أو الشمس، على عكس المحطات الغازية.

ما الجدوى الاقتصادية من إدخال الطاقات البديلة ليبيا؟
- أولاً الجدوى الاقتصادية متغيرة وليست ثابتة، فثلث إنتاج الكهرباء في ليبيا سنويًا يستخدم بمجال سخانات المياه، وفي حال استخدام الطاقة الشمسية في تسخين المياه يعني توفير كميات إضافية من الغاز والنفط للتصدير إلى الخارج وهو ما يوفر عوائد مالية لإيرادات الدولة، فضلاً عن أن سعر الخلايا الشمسية أصبح منخفضًا، وبالتالي ارتفاع الجدوى الاقتصادية.

ثانيًا محطات التوليد الشمسية ليست مركزية، وبإمكان كل مواطن أن يولد كهرباء من خلال خلايا شمسية فوق بيته، ويقوم ببيع القمية المتبقية بعد الاستهلاك الشخصي.

أقترح أن تتكفل الدولة بحوالي 40% من ثمن السخان ودعم النسبة المتبقية وهي الـ60% عبر قروض ميسرة

وما العائق أمام تلك الخطوة؟
- هناك عائق أساسي يتمثل في شراء السخان الذي يعمل بالخلايا الشمسية تكلفة وهو أعلى بكثير من تكلفة شراء سخان كهربائي، بالإضافة إلى أن تكلفة الاستهلاك أقل بالنظر إلى أن الكهرباء مدعومة بحوالي 90 % من قبل الدولة، وبالتالي المواطن لن يلجأ للسخانات الشمسية لأنه يحصل على الطاقة بأسعار منخفضة جدًا، وهو ما يفرض على الدولة تغيير السياسات، بالإضافة إلى تغيير الدولة لسياستها حيث كان ممنوعًا قانونيًا أن يُولّد أحدًا كهرباء ويقوم بتغذيتها على الشبكة العامة للكهرباء.

أقترح أن تتكفل الدولة بحوالي 40% من ثمن السخان ودعم النسبة المتبقية وهي الـ60% عبر قروض ميسرة.

البعض يدفع بأن اتجاه ليبيا للطاقات المتجددة يؤثر على تصدير النفط؟
- هذا تفكير غير سليم، فالنفط يستخدم في جوانب لا يمكن فيها استخدام الطاقات المتجددة، كقطاع النقل وبالتالي نفترض جدلاً أن ليبيا استطاعت توليد الكهرباء من طاقات متجددة ولديها نفط تقوم بتصديره للخارج.

مدى ملائمة ليبيا للطاقات البديلة؟
- ليبيا تقع في منطقة من أغنى المناطق بالطاقات البديلة، خاصة الطاقة الشمسية، فمعدلات الطاقة الشمسية التي تتوفر سنوية في ليبيا من أعلى المعدلات بالعالم.كمية الطاقة الشمسية التي تسقط على كامل مساحة ليبيا سنويًا تعادل تقريبًا ألف مرة كمية الطاقة التي نحصل عليها من إنتاج النفط يوميًا وقتما كان إنتاج ليبيا من النفط مليون ونصف المليون برميل يوميًا.

ما المعدل المتوقع حال استغلت ليبيا إمكاناتها من الطاقة الشمسية؟
- لو استغلت الحكومة الليبية حوالي 0.1 % من مساحة ليبيا، بإمكانها أن ننتج من الطاقة الشمسية ما يعادل 5 مرات إنتاج النفط الليبي يوميًا، فليبيا متاح لها كميات مهولة من الطاقات المتجددة، فالطاقة الشمسية يجب استغلالها الاستغلال الأمثل لما لها من فوائد اقتصادية وبيئية.

وما المعدل الكلي المتوقع إنتاجه من الطاقات البديلة في ليبيا؟
- هذا الأمر تحكمه عوامل ومحددات فنية، وفي تقديري فإن ليبيا تستطيع إنتاج حوالي 20% من الطاقات البديلة، من قدرات التوليد الحالية التي تصل إلى حوالي 7 آلاف ميجاوات.

ماذا يجب على الحكومة الليبية للاستغلال الأمثل للطاقات البديلة؟
- أولا يجب توافر الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي حتى تستطيع خوض تجربة الطاقات المتجددة، وعندما يتحقق ذلك يجب على الدولة وضع السياسات الملائمة والمناسبة لنمو استخدام الطاقة المتجددة، عن طريق أولاً تغيير القوانين التي تحصر توليد الكهرباء على جهة واحدة، وثالنيًا إعادة النظر في سياسة دعم أسعار الطاقة بالبلاد.