Atwasat

100 يوم منذ وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس ما الذي تحقق؟

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 30 يونيو 2016, 08:47 مساء
WTV_Frequency

اليوم يكون المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قد أقفل الـ100 يوم منذ حط به زورق «السدادة» في قاعدة أبي ستة البحرية، في العاصمة طرابلس ليبدأ مهامه من هناك، دون أن يفلح حتى الآن في استرداد مقار الدولة وتسليمها إلى حكومته، التي ظلت حتى اليوم تنتظر منحها الثقة من مجلس النواب، واكتفى وزراؤها بتفويض من المجلس الرئاسي لمباشرة مهامهم، في انتظار أن يفلح النواب في عقد جلسة معلقة منذ ستة أشهر لتعديل الإعلان الدستوري ومنحها الثقة.

الترحيب الذي وجده الرئاسي في انتظاره لدى دخول العاصمة من قبل أهلها وكثير الليبيين، متجسدًا في تظاهرات تأييد الوفاق في ميدان الشهداء، لم يدم طويلاً كما كان متوقعًا، إذ كان في الحقيقة مجرد تعبير عفوي عن التمسك بأمل الخروج من أزمة البلاد، والذي شكل التوقيع على اتفاق الصخيرات، ومخرجاته وعلى رأسها المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني ملمحًا مهمًا.

أزمات متراكمة
لذلك الأمل الذي كان لا بد أن يصطدم مع الواقع، مع أزمات تتراكم منذ الحكومات التي جاءت بعد فبراير، وطالت النواحي الخدمية والمعيشية والأمنية للناس، وتجلت هذه الأزمات في انقطاع قياسي للتيار الكهربائي ونقص حاد في السيولة النقدية، وارتفاع مطرد للأسعار، وانتشار جرائم القتل والخطف، وتدفق غير مسبوق للهجرة غير الشرعية أمام انقسام سياسي، واستمرار سطوة المجموعات المسلحة على العاصمة، لم يفلح المجلس الرئاسي في تقديم خطاب مقنع يطمئن الناس بقرب انفراج الأزمة في البلاد، ناهيك عن قدرته في تقديم حلول عملية لمكونات هذه الأزمة، حتى وإن حاول، حل مشكلة السيولة، مثلاً، فإن المحاولة جاءت لتكشف عن مشكلة أخرى، هي حالة الانقسام التي يعيشها المصرف المركزي، التي خلقت بدورها مشكلة إضافية وهي ما حصل من خلاف حول طباعة العملة، أو ما سُمي بـ«الدينار الروسي» نسبة إلى طبعة روسيا.

للاطلاع على العدد 32 و33 من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

طوال ذلك ظل المجلس وحكومته معلقين مع جلسة النواب المعلقة، التي أدخلت بدورها مجلس النواب في أزمة بانقسام أعضائه بين مؤيد لحكومة الوفاق ومعارض لها، مما أدى إلى فشل عقد جلسة للبرلمان مكتملة النصاب حتى الآن.

تعقيد الأزمة
وما زاد في تعقيد المسألة هو ظهور رئيس المجلس، عقيلة صالح، في أكثر من مناسبة كلاعب سياسي على حدة، متناغمًا في أدائه مع القائد العام للجيش المعين من قبل مجلس النواب الفريق خليفة حفتر، الذي لم يخف موقفه السلبي من المجلس الرئاسي، ومن حكومة الوفاق، ويرى أن الأولوية هي لـ«الحرب ضد الإرهاب» ثم يأتي بعدها الحديث عن الحكومة، وفي سياق الخلاف والتمسك بالمواقف والاستقطاب الجهوي والإقليمي، يعمد بعض الأطراف إلى تحويل الخلاف حول الاتفاق السياسي ومخرجاته إلى خلاف شرق–غرب، وتسويقه سياسيًا على هذا النحو.

فيما استمر أيضًا خلط الأوراق للتأثير على طبيعة الأزمة الليبية وتوصيفها، فهي مرة سياسية وأخرى قانونية وثالثة أمنية، وثمة من يحاول إعادة صياغتها قبليًا، وهو اتجاه يقوده الآن بشكل معلن رئيس البرلمان، عقيلة صالح، وعلى أساسها كانت زيارته اليومين الماضيين إلى سلطنة عمان رفقة وفد يمثل قبائل المنطقة الشرقية، وما واكبها من تصريحات تؤكد دور القبائل في حل الأزمة الليبية.

مغامرة الحرب على «داعش»
إلى ذلك غامر المجلس الرئاسي بدخول «الحرب على داعش» في سرت وغير سرت، وشكل رئيسه غرفًا عسكرية لقيادتها، باعتباره القائد الأعلى للجيش، قبل أن يظهر هذا الجيش الذي يقصده إلى الواقع، ويبدو أنه ليس الجيش نفسه الذي يعتبر رئيس مجلس النواب قائده الأعلى والفريق حفتر قائده العام، بما يحمل ذلك من حقيقة انقسام الجيش أيضًا، في انتظار إلى ما ستؤول إليه الأمور بعد سباق حسم الحرب في كل من بنغازي وسرت.

أمام كل هذا وما أدى إليه من جمود في العملية السياسية بلغ حد الانسداد السياسي في الغالب، بدأت أصوات محلية وإقليمية ودولية تدعو إلى توسيع العملية السياسية في ليبيا، بل إن وزير خارجية فرنسا ذهب إلى حد الطلب من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج تقديم «تنازلات»، وصاحب ذلك موجة انتقادات في الداخل والخارج لأسلوب أداء السراج ومجلسه، مع المعلومات التي ترد بين حين وآخر عن انعدام التجانس بين رئيس المجلس وأعضائه وبين الأعضاء أنفسهم، وتداعيات ذلك السلبية على أداء المجلس وحكومة الوفاق.

احتمال إعادة النظر في تشكيل المجلس الرئاسي
كل هذا أدى إلى ظهور تكهنات باحتمال أن يصار إلى إعادة النظر في تشكيلة المجلس أسماء وصلاحيات، والتركيز على رئيسه تحديدًا، وثمة من حول هذه التكهنات إلى معلومات تداولتها بعضها مواقع التواصل الاجتماعي الليبية، وجلسات السياسيين والمتابعين للشأن الليبي، لم تستبعد وجود اتصالات تحتية محلية وخارجية حول إعادة تشكيل رئاسة المجلس برئاسة شخصية أخرى، ترجح هذه المعلومات أن يكون النائب الأول لرئيس البرلمان رئيس لجنة الحوار عن النواب، إمحمد شعيب، وربما اعتماد نائبين فقط له.

وقيل إن هذا الاتجاه يلقى قبولاً من الفريق المعارض لحكومة الوفاق في مجلس النواب ومن رئيسه عقيلة نفسه، في انتظار ما سيسفر عنه أيضًا اجتماع متوقع للجنة الحوار السياسي، باعتبارها مرجع ومالك الاتفاق السياسي الذي جاء بالمجلس الرئاسي وحكومته.

ظهور لاعب جديد
في هذه الأثناء يظهر لاعب جديد قديم في مشهد ما بعد فبراير 2011، رجل الأعمال الليبي المهاجر باسط إقطيط، الذي فاجأ الكثيرين قبل ثلاث سنوات عندما طرح نفسه بقوة مرشحًا منافسًا لرئيس الحكومة الأسبق علي زيدان، في جو دعائي لافت، يعود اليوم ليطرح فجأة ما أطلق عليه «ميثاق التعايش» يدعو فيه إلى وقف إطلاق النار في كل من بنغازي ودرنة وإجدابيا والمضي نحو مصالحة شاملة، ويتمكن من الحصول على توقيعي عقيلة صالح والفريق خليفة حفتر بصفتيهما، مما جعل كثيرين يشككون في الواقعة، قبل أن يؤكد إقطيط نفسه في حواره مع «الوسط» صحتها ويؤكد أيضًا لقاءه بكل من عقيلة وحفتر وممثل عن «مجلس شورى مجاهدي درنة».

ميثاق إقطيط لم يشر من قريب أو بعيد إلى الاتفاق السياسي، ولا إلى حكومة الوفاق، ويقول صاحبه إنه مقدمة إلى اتفاق أكثر شمولاً، فهل يفتح كل ما تقدم الباب أمام إعادة الاتفاق السياسي إلى طاولة التفاوض كخطوة قد تسبق أو تلحق إعادة تركيبة المجلس الرئاسي، بعد بلوغه 100 يوم من العمر قضاها مجبرًا داخل قاعدة عسكرية.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«ميدل إيست إيكونوميك»: الدبيبة أزاح عون للمضي قدما في صفقة «توتال - كونوكو»
«ميدل إيست إيكونوميك»: الدبيبة أزاح عون للمضي قدما في صفقة «توتال...
«الأميركية للتنمية» تناقش مع سلطات محلية دعم المشاريع الريادية
«الأميركية للتنمية» تناقش مع سلطات محلية دعم المشاريع الريادية
النيابة العامة تعلن استرداد عقارات مملوكة للدولة في سرت
النيابة العامة تعلن استرداد عقارات مملوكة للدولة في سرت
جريدة «الوسط»: «ستيفاني 2» تباشر سد الفراغ الأممي في ليبيا
جريدة «الوسط»: «ستيفاني 2» تباشر سد الفراغ الأممي في ليبيا
في اليوم الوطني للمرأة الليبية.. «مكاسب نسبية» في معركة الحقوق
في اليوم الوطني للمرأة الليبية.. «مكاسب نسبية» في معركة الحقوق
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم