Atwasat

أهالي «الجبل الأخضر» يهربون إلى المتنزهات أثناء الصيام (تقرير)

البيضاء - بوابة الوسط: يزيد الحبل الأحد 26 يونيو 2016, 03:40 مساء
WTV_Frequency

بين واقع الحياة الصعبة في شهر رمضان، والمحاولات البائسة في التغلب عليها بارتياد المتنزهات والمواقع الأثرية، يعيش المواطنون في منطقة «الجبل الأخضر» كغيرهم في المدن الليبية الأخرى، ظروفًا معيشية عصيبة، وعلى الرغم من أن بعض من استقرأت «الوسط» آراءهم في المشهد القاتم، يؤكدون إصرار الليبيين على الالتزام بالعادات الرمضانية، يرى فريق آخر أن الظروف الاقتصادية، وما تحمله من غلاء في الأسعار، ونقص السيولة، وانقطاع التيار الكهربائي لمدة تربو على 15 ساعة يوميًا، والافتقار إلى المواد التموينية، تجعل شهر الصيام الحالي هو الأصعب من نوعه منذ سنوات خلت.

وفيما يعتب فريق ثالث على الحكومة ويعلن ترقبه الحذر لما قد يؤول إليه أداؤها في المستقبل المنظور، يلقي المستطلعة آراؤهم الضوء على ما وصفوه بـ«الوعود الزائفة»، التي يطلقها المسؤولون بين الفينة والأخرى، ويرون أنها في مجملها بعيدة عن الواقع، وتتعمد الفضائيات في الجانب الآخر غض طرف المواطنين عن قتامة المشهد.«الوسط» في محاولة لقياس نبض الجماهير وآراء وشريحة كبيرة من الإعلاميين، تجولت في الأسواق والمحلات التجارية، واستطلعت الآراء حول الأجواء الرمضانية لهذا العام.

معاناة مستمرة
يقول المواطن فتح الله عبدالحميد (من البيضاء)، إن المعاناة ما زالت مستمرة وارتفاع أسعار الخضراوات والمواد الغذائية واللحوم «غير مقبول»، فلم يكترث المواطنون هذا العام بالطقوس الرمضانية المعتادة في السابق، لا سيما أن السيولة القليلة التي تحصلوا عليها مطلع الشهر، ذهب معظمها في تسديد الديون بدلاً من شراء الأغراض اليومية».

على الرغم من ذلك يرى الإعلامي عبدالسلام عياد أن أجواء رمضان من ناحية الشعائر الدينية والطقوس الرمضانية البسيطة ما برحت مكانها في البيت الليبي، بل إن الليبيين ما زالوا يحافظون عليها هربًا من الواقع المرتبك في البلاد.

رمضان العام الجاري يشهد ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية إلا أن المواطن مصر على توفير احتياجاته

وتابع: «أما الأجواء الرمضانية المرتبطة بالناحية الاقتصادية فاختفت تمامًا في ظل غلاء الأسعار الفاحش، وما يترتب عليه من مشاكل وضيق نفس المارة، نظرًا لعدم قدرة المواطنين على تلبية جميع احتياجاتهم الرمضانية من السلع والخضراوات والفواكه أيضًا، إضافة إلى الهاجس الذي بات مرافقًا لحال المواطن بأن غدًا أسوأ من اليوم ومن الأمس، خاصة في ظل المحاولة الفاشلة في الحصول على أكبر قدر من السيولة المالية من المصارف».

الناشط صلاح بونباء يتفق مع الإعلامي عياد في الرأي، ويزيد أن أجواء رمضان هذا العام لم تختلف عن نفس أجواء العام الماضي وربما في السنوات الماضية، لكن رمضان الحالي «يشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الغذائية واللحوم والأسماك والخضراوات، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار وعدم وجود سيولة إلا أن المواطن الليبي مصر على توفير احتياجاته، وما زالت الموائد الرمضانية متنوعة بكافة الأطعمة».

وأشار بونباء إلى أن المواطن الليبي في حالة ترقب للحكومة، آملاً في تحسن أدائها لتوفير احتياجاته وتحسين الخدمات العامة.

أما المواطنة غالية عبدالكريم (من البيضاء) فتقول إنها لم تستطع شراء احتياجاتها بشكل كامل خلال شهر رمضان، وأوضحت: «زوجي متوفى ولدي أطفال صغار ومنذ أشهر لم أتحصل على راتب، وعندما وصلت السيولة ذهب جل راتبي في تسديد الديون، فأطفالي حرموا من الكثير خلال هذا العام».

العام الأصعب
ويرى الإعلامي محمد بوعجيلة أن رمضان هذا العام هو الأصعب على مر أربعة عقود ماضية من حيث ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأزمات التي تتخبط بالبلاد، وأبرزها نقص السيولة والكهرباء والسلع التموينية، وغيرها، فالمواطن البسيط لا يملك سوى أن يستمع إلى وعود «زائفة» من الحكومات الثلاثة الشرعية منها وغير الشرعية وينتظر متى تتحقق تلك الوعود.وأضاف: «الناس اعتادوا أن يعيشوا كل رمضان بنفس الروتين، ويصعب عليهم تغيير عادات وتقاليد السفرة الليبية، إضافة إلى أن بعض القنوات الإعلامية منذ بداية رمضان، وحتى يومنا هذا لم تناقش الواقع الليبي بجدية، وتكتفي بالأعمال الدرامية «البعيدة عن الواقع»، وتتجاهل البرامج المؤثرة والواقعية التي تعكس نبض الشارع الليبي، كما تتفادى الفضائيات ذاتها استضافة المسؤولين، ومناقشتهم في الأمر الواقع حتى يفهم الشارع ما الذي يحدث».

ويشكو الكثير من المواطنين تأخرًا في توزيع السلع التموينية، واصفين الحكومة بتقديم وعود «زائفة»، وذلك على الرغم من أن شحنات السلع التموينية المدعومة بدأت في الوصول إلى المنطقة الشرقية في 30 من مايو الماضي، وأعلنت وزارة الاقتصاد في حينه أنه سيجري توزيع السلع في الجمعيات على دفعتين خلال شهر رمضان، الدفعة الأولى يوم 10 رمضان، أما الدفعة الثانية 20 رمضان.

محطات رمضانية
وعلى الرغم من قتامة المشهد إلا أن المواطنين في منطقة الجبل الأخضر يرتادون الكثير من الأماكن في المدينة، ويتخذونها محطة، يقضون فيها بعض الوقت ربما هربًا من الواقع المرير، ومن هذه الأماكن ميناء سوسة البحري والمواقع الأثرية شحات وحدائق الأطفال.

«الوسط» تجولت في موقع قوريني الأثري والتقطت الحديث من المواطنين الذين يتقاطرون يوميًا على نبع أبولو هربًا من شدة حرارة الطقس.

الوضع لم يعد يُطاق فمن نقص السيولة وعدم وجود سلع تموينية بالجمعيات الاستهلاكية إلى طوابير الخبز وحرارة الطقس

وفي إسهاب متعمد لوصف أوضاع المواطنين في شهر رمضان، يقول المواطن علي مفتاح الحاسي إن الوضع لم يعد يُطاق، فمن نقص السيولة وعدم وجود سلع تموينية بالجمعيات الاستهلاكية، إلى طوابير الخبز وحرارة الطقس، مضيفًا «أحرص على زيارة هذا المكان أنا وأسرتي، لنضع أجسامنا في المياه الباردة، أملاً في التخلص من المعاناة؛ إذ إنه لم تعد هناك قدرة على تحمل فكرة البقاء في البيت، لا سيما في ظل ارتفاع درجة الحرارة، وما يقابلها من انقطاع للتيار الكهربائي لأكثر من 15 ساعة يوميًا، وهو ما يحول دون تشغيل المبردات».

ومن نبع أبولو إلى حديقة مجموعة الشجرة المكتظة بالأطفال، وما قاله منسق مجموعة الشجرة لحماية الأشجار والموروث الثقافي، بوالمنفي، وتأكيده أن الأطفال يأتون للعب بالحديقة والاستمتاع بالطبيعة، موضحًا أن المجموعة لم تأخذ رسوم على الملاهي طيلة شهر رمضان، وأنها تمنح معدات الشواء والمقاعد مجانًا بمناسبة الشهر الكريم. وأشار بوالمنفي إلى أن المجموعة تتطلع إلى توسيع عملها؛ حيث تستهدف خلال هذه الفترة «الأوغرا الأثري»، إذ «تسلمت المجموعة من مراقبة الآثار الموقع، ويجري حاليًّا تنظيمه ومن ثم ترميمه من قبل مختصين، وحمايته إلى حين استقرار الدولة وتسليمه إلى الجهات الرسمية».

أنشطة رمضانية
في المقابل وفي محاولة للتغلب على الواقع الدراماتيكي، أطلقت عدة مؤسسات بمنطقة الجبل الأخضر أنشطة رمضانية لهذا العام، ففي مدينة البيضاء، انطلقت فعاليات الأنشطة الرمضانية بمفوضية كشاف ومرشدات الجبل الأخضر.وقال مفوض الإعلام محمد إمحاوش لـ«الوسط»، إن الأنشطة للعام الجاري جرى تقسيمها إلى خمسة جوانب، وهي الديني والثقافي والرياضي والفني والكشفي، موضحًا أن كل جانب منها يتضمن مجموعة من المسابقات والبرامج الشيقة والممتعة طيلة شهر رمضان المبارك.

وأضاف إمحاوش أن من سيحصد نقاطًا أكثر في جميع الأنشطة السابقة سيتحصل على كأس النشاط نهاية شهر رمضان. ويعد النشاط الرمضاني بمثابة عرف كشفي تقيمه مفوضية الكشاف ومرشدات الجبل الأخضر في شهر رمضان من كل عام.

ومن مفوضية الكشاف إلى جمعية «السلفيوم» للتصوير الفوتوغرافي بمدينة شحات؛ حيث تقيم معرضها بالتعاون مع نادي الصداقة والمجلس البلدي للمدينة. ويقول مُدير الجمعية على الساعدي في تصريح إلى «الوسط»، إن فكرة المعرض جاءت من قبل إدارة نادي الصداقة تشجيعًا لمصوري الجمعية ولإثراء النشاط الثقافي خلال شهر رمضان.

وذكر أن المعرض يضم حوالي 125 صورة لثمانية مصورين من الجمعية، وهي صورة متنوعة منها الفنية والسياحية. وتابع: «تجسد الصور معالم الدولة وهي دعوة للسياحة وأيضًا نوع من توعية المجتمع لحماية المواقع الأثرية والمحافظة عليها فهي تعد الموروث الثقافي للبلاد».

وأوضح الساعدي أن المصورين المشاركين بالمعرض هُم: على الساعدي وناصر العنابي وجمال بوبكر ومصطفى أكريم وحسن إمداوي ونصر لترك وقاسم القطعاني وعلية شعيب.

إلى ذلك يُنظم فرع الهلال الأحمر الليبي بشحات مائدة للرحمن سنويًا بالتعاون مع أهالي المدينة. ويقول الإعلامي بالفرع أحمد زيدان لـ«الوسط»، إن الفرع وزع المدينة إلى 30 مربعًا خلال الـ30 يومًا من رمضان؛ حيث يقدم الأهالي الوجبات لعابري السبيل والأسر المحتاجة.

وأضاف أن الفرع وجبات يقدم بمقره في المدينة، وأيضًا يقوم بتوزيع الوجبات الغذائية للأسر المحتاجة والنازحة في البلدة، مشيرًا إلى أن الأمانة العامة للهلال الأحمر الليبي قدّمت سلالاً رمضانية لأكثر من 110 أسر نازحة من بنغازي وسرت ببلدة شحات.

وأثنى زيدان على جهود تشاركية رياض السلام بمستشفى البيضاء، لتقديمه وجبات يومية لصالح مائدة الرحمن. وأضاف أن الفرع يقيم إلى جانب المائدة سهرات رمضانية ونشاط عام في جميع الجوانب الرياضي والاجتماعي والثقافي.
للاطلاع على العدد 31 من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

أهالي «الجبل الأخضر» يهربون إلى المتنزهات أثناء الصيام (تقرير)
أهالي «الجبل الأخضر» يهربون إلى المتنزهات أثناء الصيام (تقرير)
أهالي «الجبل الأخضر» يهربون إلى المتنزهات أثناء الصيام (تقرير)
أهالي «الجبل الأخضر» يهربون إلى المتنزهات أثناء الصيام (تقرير)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
إزالة وصلة غير شرعية على خط النهر الصناعي بمسار أجدابيا - سرت
إزالة وصلة غير شرعية على خط النهر الصناعي بمسار أجدابيا - سرت
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة الدولار «موقتا»
الحكم الثاني في 24 ساعة.. «استئناف مصراتة» توقف قرار ضريبة ...
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
بالصور: تبادل الخبرات بين الشركات الليبية والمالطية
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 25 أبريل 2024)
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 25 ...
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
«رأس اجدير» في مكالمة هاتفية بين الطرابلسي ونظيره التونسي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم