Atwasat

الحل الكوري للأزمة الليبية

عمر الكدي الأربعاء 02 مارس 2016, 11:57 صباحا
عمر الكدي

أمام انسداد الأفق وتعثر التصويت على حكومة الوفاق الوطني، وتمسك كل طرف بمطالبه كاملة دون أي تنازل، والتهديدات التي تواجه نواب الشعب سواء كانوا في طرابلس أو في طبرق، ليس هناك إلا حلاً واحداً للأزمة الليبية، على طريقة الحل النهائي والوحيد.

ذات يوم بعيد اقترح رئيس شركة «داوو» الكورية على القذافي تسليم ليبيا لشركته، وخلال خمس سنوات ستصبح ليبيا واحدة من أكثر الدول ازدهاراً في العالم.

سيصبح لكل مواطن بيت حديث مؤثث بالكامل وأمامه سيارة كورية، وستشَق الطرق في كل أنحاء البلاد، بالإضافة إلى السكك الحديدية، كما ستصبح المطارات الليبية من أحدث المطارات في المنطقة، وستجذب البلاد ملايين السواح الذين يرغبون السباحة في مياه «المتوسط» ورؤية الصحراء، وستتحول البلاد إلى تجارة الترانزيت مع أوروبا وأفريقيا وآسيا، كما ستفتح الشركة فروعاً لمصانعها في ليبيا، وتتولى تدريب الشباب على تجميع وصناعة المنتجات الكورية، وفي خلال خمس سنوات سيقل الاعتماد على النفط والغاز، عندما تزدهر الصناعة والتجارة والسياحة، ولكن القذافي، الذي عمل كل شيء لتنغيص حياة شعبه، رفض العرض المغري.

إذا منحنا هذا الامتياز للأوروبيين أو الأميركان سيلتهمون كل شيء ويغادرون البلاد، أما الكوريون فهم يفكرون في الغزو الناعم

لماذا لا نعرض على الكوريين حل الأزمة في ليبيا، طالما أن ابنهم بان كي مون لا يزال الأمين العام للأمم المتحدة، ولأنهم شعب مسالم لم يغز في تاريخه أي أمة أخرى، بل هم مَن كان ضحية الاستعمار الياباني خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن علينا التخلي عن كل هذه الأسلحة والميليشيات، وبدلاً من القوات المسلحة سنكتفي بقوات أمن مدربة ومجهزة بشكل جيد، ونسلم كل ما له علاقة بالنفط والغاز للشركات الكورية ونريح حرس المنشآت النفطية من حرارة الشمس وقذائف «داعش»، الذي سيختفي من البلاد عندما تدور عجلة المصانع الكورية فيجد أعضاء «داعش» من الليبيين والتونسيين فرصة للعمل في المصانع، وسنصبر بقية المدة حتى نرى السواح يشترون خزف غريان وتمور الواحات وسعف تاورغاء وخضراوات درنة ودلاع طبرق.

طوال هذه المدة يجب أن لا نفكر في انتخاب مجلس النواب، ليصوت بدوره على حكومة الوفاق، فكلما اختفت هذه الأجسام قلَّت سرقة الأموال، التي سيعرف الكوريون كيف ينفقونها، وسنعيد كل السفراء والقناصل والموظفين الذين يعملون في سفارات وهم لا يجيدون أية لغة غير اللهجة الليبية. سنقرر اللغة الكورية في المناهج التعليمية لنأمن شرهم، ولنتعلم منهم كيف تمكنوا في سنوات قليلة من الانتقال من أفقر بلدان العالم إلى أكثرها ازدهاراً.

سنتعلم منهم التواضع والأدب والتفاني في العمل والأمانة، وهي قيم صارت من ميراث أجدادنا، وسيتولوا علاجنا من الأمراض النفسية والاجتماعية التي كانت مكبوتة وتفشت بعد 17 فبراير. سيتحول مصنع الحديد والصلب في مصراته إلى أكبر مصنع للسيارات الكورية في شمال أفريقيا، بينما سيتحول ميناء الخمس وميناء درنة إلى أكبر حوضين لبناء السفن في المنطقة.

سننسى النفط والغاز لأن الكوريين قادرون على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وعندها يمكن لليبيا أن تصدِّر الطاقة النظيفة إلى أوروبا، بدلاً من تصدير اللاجئين غير الشرعيين، وقد يبني الكوريون سوراً يحيط بليبيا من جهاتها الثلاث لمنع اللاجئين من دخول البلاد.

انتظرنا خمس سنوات عجاف بعد 17 فبراير فلماذا لا ننتظر خمس سنوات سمان؟، إذا منحنا هذا الامتياز للأوروبيين أو الأميركان سيلتهمون كل شيء ويغادرون البلاد، أما الكوريون فهم يفكرون في الغزو الناعم عندما يشتري العالم منتجاتهم المتقنة يدخلون كل بيت من بيوت الكوكب، بالإضافة إلى أنهم لا يمانعون من الزواج من الغرباء، وهكذا لن تدخل منتوجاتهم فقط بيوتنا وإنما أيضاً نساؤهم، وعندها سنتعلم أكل «الكمشي» الحار مع البازين وتنخفض أوزاننا وضغطنا المرتفع، وحتى إذا تخاصم كوري وليبي تكفي مقولة: «صل على النبي يا كوري» لإنهاء الخلاف، بينما سيتعلم الكوري مقولة «الله غالب».