Atwasat

اجدابيا بين حفتر والجضران وداعش

عمر الكدي الأربعاء 06 يناير 2016, 10:30 صباحا
عمر الكدي

كشف تنظيم داعش عن نواياه بالاستيلاء على منطقة الهلال النفطي، حيث توجد أكبر الموانيء النفطية في البلاد، كما يوجد أكبر مركب للبتروكيماويات في رأس لانوف، عندما هاجم بوابة السدرة يوم الاثنين الماضي بسيارتين مفخختين، إلا أن جهاز حرس المنشآت النفطية نجح في صد الهجوم الذي لن يكون الأخير، وبعد صد الهجوم شن رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى إبراهيم الجضران هجوما على الفريق حفتر، واصفا إياه بأنه وتنظيم داعش"وجهان لعملة واحدة".

وقال الجضران يوم الاثنين الماضي على قناة برقة الفضائية"إن حفتر يسعى إلى خراب إجدابيا كما فعل ببنغازي، ولذلك لم يتدخل جهاز حرس المنشآت في المعارك التي شهدتها المدينة الأيام الماضية". ووصف الجضران تنظيم داعش بالعدو، كما وصف من يسعى إلى إعادة الحكم العسكري كذلك بالعدو، مشيرًا إلى أنه مع إقامة دولة مؤسسات ديمقراطية يسودها القانون.

الجضران صاحب السوابق ومهرب السلاح بين ليبيا وتشاد يصبح أمل المجلس الرئاسي في إيقاف طموحات داعش في الهلال النفطي بينما يتحول حفتر إلى شوكة في حلق المجلس

تبدو معركة اجدابيا غامضة غموض المدينة التي تعصف بها الرياح دائما، ففي حين تؤكد قيادة الجيش على وجود تنظيم داعش داخل المدينة، ينفي سكان المدينة وجود التنظيم بينهم، وإنما توجد تنظيمات سلفية ارتبط اسمها باسم مواقع تواجدها خارج المدينة مثل إمارة الكيلو متر 18، بالرغم من وجود"بريك المصرية" داخل المدينة، وثمة من ينظر لهذه المعركة باعتبارها امتدادا للصراع التقليدي بين برقة الحمراء وبرقة البيضاء، خاصة وأن الجضران لم يشارك في هذه المعارك لا مع الجيش ولا مع سكان اجدابيا، وتصرف بمنطق استراتيجي أفضل من استراتيجية حفتر الذي لم يفصل منذ البداية بين الدروع وبين أنصار الشريعة، فجعل معركة بنغازي تستمر بلا نهاية.

الجضران الذي استولى على منطقة الهلال النفطي من حكومة زيدان، قبل أن تمنحه الحكومة أكثر من 300 مليون دينار، اعتبر أن منطقة الهلال النفطي هي الخاصرة الرخوة لليبيا، ووجوده هناك يجعله يقيم تحالفات دولية مع الشركات الأجنبية المساهمة في إنتاج النفط الليبي وفي مقدمتها شركة إيني الإيطالية، وأن انسحابه باتجاه اجدابيا سيترك الهلال"الخصيب" لمغول داعش، ويوم الاثنين حيا المجلس الرئاسي"الدور البطولي الذي يقوم به حرس المنشآت النفطية"، وأعلن في بيان له أنه في حالة انعقاد دائم لمتابعة ما يجري في الهلال النفطي عن كثب، بينما فجرت المادة 8 من الاتفاق السياسي خلافا حادا في اجتماعات المجلس الرئاسي التي تنص على أن المناصب السيادية العليا بما فيها العسكرية والأمنية ستصبح شاغرة بعد عشرين يوما من توقيع الاتفاق، مما جعل نائبي الرئيس فتحي المجبري وعلي القطراني يهددان بالانسحاب من الجلسة، وتعليق عضويتهما في المجلس إذا لم تجمد هذه المادة، وبالطبع فهما، وخاصة القطراني، الذي عينه حفتر لا يدافعان إلا على شخص واحد هو حفتر.

فُجاءة تغير كل شيء. الجضران، صاحب السوابق ومهرب السلاح بين ليبيا وتشاد، يصبح أمل المجلس الرئاسي في إيقاف طموحات داعش في الهلال النفطي، بينما يتحول القائد العام للجيش الليبي إلى شوكة في حلق المجلس، وليس أمامه إلا نقل جميع صلاحيات المناصب السيادية إليه، أو كما سرب عضو مجلس النواب علي التكبالي أن المجلس الرئاسي قد يعين حفتر وزيرا للدفاع، وهو حل ذكي يشبه الركل إلى أعلى، فتعيين حفتر وزيرا للدفاع يجبره على نزع بدلته العسكرية، وعندها سيعود منصب رئيس الأركان أعلى منصب عسكري في البلاد.

معركة الجضران وحفتر ليست فقط معركة بين شخصين ارتبطت أقدارهما بتشاد، وإنما هي معركة خارج السياقات التاريخية والاجتماعية لبرقة، معركة بين طموحين مكبوتين أتاحت ثورة 17 فبراير لهما التنفس خارج أحلام اليقظة، فالجضران ينظر إلى حفتر باعتباره مجرد أسير في تشاد عاد مثل الكونت دي مونتي كريستو لينتقم ممن تسبب في أسره ونفيه، بغض النظر عما ستأول إليه أحوال البلاد سواء نجح أم فشل، بينما ينظر حفتر إلى الجضران باعتباره "تشادي" ظهر له فجاءة في اجدابيا والهلال النفطي، مثلما ظهر التشادي عبد الله قجة في اجدابيا عندما تولى إدريس السنوسي القيادة بدلا من أحمد الشريف، فانصاع له شيخ المغاربة والزوية.