Atwasat

«الذين هبطوا من السماء» في ليبيا:العالمُ يخترعُ داعش العَدو المُشترك

أحمد الفيتوري الأربعاء 25 نوفمبر 2015, 12:46 مساء
أحمد الفيتوري

ليس للبشريةِ من عدوٍ مُشترك غير الموت، الطبيعة إذا ما زلزلت زلزالها، وما وراء الطبيعة القارعة وما أدراك ما القارعة، لكنَّ عدوا من البشر واحداً ومشتركاً لم يتسنَّ للبشرية ذلك، من جينكز خان حتى هتلر تعددتِ المشاربُ والمحن واختلف البشر، وفي فترات انتشرت بضاعة تحديد عام نهاية العالم، وفي فترات أخيرة ظهرت صرعة الغزو من الفضاء وروجت مخابرات الدول الكبرى خرافة الأطباق الطائرة، وأثناء الحرب الباردة خرج دعاة السلام ضد السلاح النووي وظهر الخضر للمحافظة على البيئة، وكان الأوربيون والأمريكيون الشماليون حينها في خطر الانقسام، ما ظهر بين الحلفاء عقب الحرب العالمية الثانية وجعلهما معسكرين مُدججين بالسلاح النووي، انقسم الحلفاء المنتصرون إلى حلف الناتو وحلف وارسو.

وقد نجح حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة في إنهاء حلف وارسو من الوجود في نهاية ثمانينات القرن الماضي، كان من عوالم حسم المعركة المليشيات الإسلامية في الحرب السوفيتية في أفغانستان. هذه المليشيات هي عصا موسي التي نظر مستشار الأمن الأمريكي بريجينسكي لتوظيفها، واستعادة الحرب الدينية في مواجهة وثنية العصر"الشيوعية"، ولأجل هذه الحرب المُقدسة تم توظيف البترودولار وجُعِلت السعودية الإمام.

المُتغير الجديد أن هذا الاختراع الجديد"داعش" قد وحد العالم في حرب كونية لأول مرة في تاريخ البشرية يخُوضُها كافة البشر ضده

إن هذا الثعبان استخدم من قبل آلهته في اللعب به خاصة في بلد العرب والشرق الأوسط، وكانت الجماعات الإسلامية التي تمارس الإرهاب في العقود الماضية تجد المأوى وأحيانا المحامي في لندنستان وميونخ وحتى باريس وواشنطن دي سي، وكل التفاصيل معروفة ومكررة في الخصوص بيد أن المطلوب الآن النسيان، لكن سرعان ما انقلب هذا السحرُ على الساحر، من وُلد الثعبان في ردنيهما عاد ولدغهما، ومنذ عقدين والحركات الإسلامية والقاعدة وأخواتها وهي تمارس الإرهاب في عقر أوروبا وفي غزوة نيويورك، بل توفرت- للمُريد الانضواء فيها- السُبل كي يجتمع وينطلق من الإقليم القاعدة"سوريا" فترة الغزو الأمريكي للعراق، وكان وقود هذه الجماعات يأتي من ليبيا القذافي ومن تونس بن علي ومن مصر مبارك، ومن غيرهم وعلى الملأ، ودون رادع، وإن طال الإرهاب"الإسلامي" أركان الدنيا، لكن لم يتسن له أن يطال دولة السلام والأمان"إسرائيل".

بغتة، أو فجاءة، أو دون إنذار، طلعت أزهار الشر"داعش"، وفي أيام أعلنت أول دولة في التاريخ دون مقدمات وعلى الأرض، وظهر خليفة المسلمين وتقاطر عليه المُبايعون، وفي نفس الوقت انبثق تحالفٌ دولي من أركان الأرض لمواجهة الدولة الأعظم في تاريخ البشرية، ووكد لنا زعيم العالم الحر"أوباما" ووزير حربيته ووزير خارجيته أن هذه الدولة تحتاج جيلا حربا كي تزول، ثم وكد ذلك سعود الفيصل وزير خارجية السعودية من بقي وزيرا للخارجية لأربعين عاما. ومن جهتي وطنتُ النفس أني لن أعيش زوال هتلر القرن الواحد والعشرين"البغدادي"، رغم أن هتلر القرن العشرين احتاج لأربعة أعوام لدحره، وكان زعيم ألمانيا ومعه دول وزعماء، فيما البغدادي لا حليف له وليس له حتى بلاد حقيقية.

البشر تمكنوا أخيرا من التوحد، وبدلا من الوحدة الوطنية ما قسمتهم، نجحوا أخيرا وتحققت دعاوى الفلاسفة والمفكرين الإنسانيين في لمِّ شمل الإنسانية

المُتغير الجديد أن هذا الاختراع الجديد"داعش" قد وحد العالم في حرب كونية لأول مرة في تاريخ البشرية يخُوضُها كافة البشر ضده اإا حفنة"إرهابيين إسلاميين"، ولأول مرة تتجاور في سماء الأرض القوات الجوية السعودية والإمارتية والإسرائيلية والأمريكية والروسية والفرنسية والألمانية والنروجية والأردنية والمغربية البريطانية ..... إلخ، ولأول مرة يتوحد البشر في حرب ضد دولة لم يعترف بها أحد، لا ملامح لها، وليست مثل أي شيء في تاريخ البشر، لهذا يمكن القول إنهم"الذين هبطوا من السماء"، خاصة وهناك تخرصات جمعها الصحفي المصري"أنيس منصور" في كتاب بنفس الإسم، ذكر فيه أن سكان جبل تاسيلي في ليبيا أي"قوم الجبارين" هم"الذين هبطوا من السماء" ولكن قبل آلاف السنين، لعل وعسى أنهم ودولة البغدادي دولة سلفية هم أحفاد أولئك، وقد توزعوا قبل في فيافي الأرض والآن و"العود أبدي"-حسب نيتشه- قد جاء زمنهم وقد ظهر المهدى المنتظر.
وهذا الإجماع وهذا التحالف يقوم بمهمة أخرى منح"بوكو حرام" فرصة لتطوير القارة الأفقر وأم العالم بدون أي إزعاج.

المهم، ومُجمل القول، هو أن البشر تمكنوا أخيرا من التوحد، وبدلا من الوحدة الوطنية ما قسمتهم، نجحوا أخيرا وتحققت دعاوى الفلاسفة والمفكرين الإنسانيين في لمِّ شمل الإنسانية، وأفلحوا بعد الربيع العربي في أن يتخذوه مُتغيرا كونيا يجمعُ ولا يُفرق، ولا فرح دون دموع ولا ميلاد دون دم.

يا إرهابي العالم اندحروا وعاشت الأمةُ الإنسانية والوحدة الإنسانية