Atwasat

مفاضلة بين رأس ذبابة ومؤخرة فيل"مقولات تشرنوميردين المضحكة"

محمد الطاهر الحفيان الأربعاء 19 أغسطس 2015, 09:06 صباحا
محمد الطاهر الحفيان

دفعت الديموقراطية الوليدة في روسيا بداية التسعينيات بكوكبة من الشخصيات المتنوعة إلى الصدارة. وحاز بعض رجالات تلك الحقبة على شهرة واسعة جعلت منهم نجوما في وسائل الإعلام لتميز لغتهم وأفكارهم بغرابة فاقعة.

ويمكن القول إن شيخ هذا النوع من الساسة الكبار هو فيكتور ستيبانوفيتش تشيرنوميردين الذي تولى رئاسة الحكومة الروسية بين عامي 1993 – 1998.

من بين أكثر العبارات طرافة قول رئيس الحكومة الروسية الأسبق في أحد تصريحاته:"هذا الأمر لم يحدث بتاتا من قبل، وها هو يتكرر من جديد!".

كما تفتقت قريحة تشيرنوميردين ذات مرة عن حكمة تنص على أنه"من الأفضل أن تكون رأس ذابة على أن تكون مؤخرة فيل!".

وقال أيضا بصوت عال وبنبرة جادة مخاطبا مواطنيه:"عاش الشعب وهو سوف يعيش"، مشيرا بكل جدية إلى أنه"يجب التفكير فيما يُفهم!".

ومن عباراته الطريفة الغرائبية قوله:"من تنمنم يداه، فليحك في مكان آخر!"، ويزيد من غرائبية الصورة التعبيرية بقوله:"نحن حتى الآن نحاول حلب أولئك الذين يستلقون أصلا لذلك"، وبمعنى آخر يحتمله الفعل المستخدم باللغة الروسية الذين"يكذبون".

ويعلن تشيرنوميردين مستبشرا ذات مرة"نحن نفذنا كل النقاط من A إلى B"، وليغرق لاحقا في معنى أكثر تعقيدا وغرائبية فحواه أن"بعض المبادئ التي كانت في السابق مبدئية إلا أنها فعليا لم تكن مبدئية!".

وصدرت عن رئيس الوزراء الروسي السابق تعابير تشبه تلك التي يلوكها بعض ساستنا الجدد الطارئين الذين قذفت بهم رياح الفوضى إلى الصدارة، على شاكلة"النجاحات قليلة في العموم، لكن الأهم أنه توجد حكومة"، وأيضا قوله:"لو أنني بُحتُ بكل ما لدي، لكنتم نحتم هنا"، ماضيا في سرد عباراته الطريفة الملغومة"سوف نصر على هذا، كي لا نسمح به"، ليصدّر في موقف آخر وعوده بطريقة مشابهة لبعض ساستنا"سوف نعيش هكذا، بحيث يحسدنا أحفادنا!".

وتشبه بعض تعبيرات تشيرنوميردين الطريفة الأمثال الشعبية بشكل ما، مثل"لا يزال هناك وقت للحفاظ على الوجه. بعد ذلك يتعين الحفاظ على بقية أجزاء الجسم".

وتتميز تصريحات السياسي الروسي الراحل بتنوع موضوعاتها وتفاصيلها من ذلك قوله في معرض الحديث عن ضيق وقته:"النساء الجميلات أتمكن من لمحهن فقط ليس أكثر!".

ومن تعبيراته اللامعة أيضا قوله:"النبيذ ضروري لصحتنا، والصحة ضرورية لنا كي نحتسي الفودكا!".

وتتوهج عبارات تشرنوميردين بشكل خاص حين تتناول أوضاع البلاد ومسؤولياته تجاهها من ذلك قوله:"حين تكون بلادي بلادنا في مثل هذه الحالة، سأعمل كل شيء وأقول كل شيء"، ليسترسل في نبرة جادة مصحوبة بتقاطيع وجهه الحازمة المتناقضة مع أجواء أحاديثه"حين أعلم أن هذا الأمر يساعد، فلن أحتفظ به وراء ظهري".

تولى تشرنوميردين رئاسة حكومة بلاده في فترة حالكة، انهار فيها اقتصادها وانتشرت الجريمة بشكل وبائي، وفقدت الدولة هيبتها، وكانت على شفا الإفلاس. ولعل أنسب ما يمكن أن يقال عن تلك الحقبة ما صدر عن رئيس الحكومة الروسية الراحل نفسه في قوله:"على قدم نقف وعلى الأخرى نستلقي".

ويختصر السياسي الروسي الراحل مشكلة بلاده في جملة جامعة تقول:"أي مؤسسة عامة نقيم، نحصل في النهاية على اللجنة المركزية للحزب الشيوعي!".

كان تشيرنوميردين يعرف ما تحمله كلماته من معان غريبة وطريفة يتبادلها المواطنون الروس في تلك الحقبة الكئيبة ضاحكين ساخرين ولذلك قال ذات مرة:"سوف لن أتحدث كثيرا، حتى لا أقول ما لا تحمد عقباه".

ولد فيكتور ستيبانوفيتش تشيرنوميردين عام 1938، وتولى رئاسة الحكومة الروسية لمدة 5 سنوات في عهد بوريس يلتسن، أول رئيس لروسيا بعد انحلال الاتحاد السوفيتي، ثم أصبح سفيرا لبلاده لدى أوكرانيا بين عامي 2001 – 2009، في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، وتوفاه الأجل في عام 2010.

يذكر أن هجوم مسلحين من الشيشان على مستشفى واحتجاز نحو 2000 من الرهائن في مدينة بوديونفسكي جنوب البلاد عام 1995 يعد من أهم الأحداث التي جرت أثناء توليه رئاسة الحكومة الروسية، حيث تفاوض هاتفيا وبشكل علني مع شامل باسايف قائد المسلحين الشيشان ونجح في تحرير الرهائن، إلا أن المهاجمين تمكنوا من الإفلات والهرب إلى المناطق الجبلية من الشيشان. وقُتل في هذه المأساة الكبيرة نحو 180 شخصا.