Atwasat

محور السياسة الخارجية بعد أوباما

القاهرة - بوابة الوسط السبت 24 يناير 2015, 06:53 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

واشنطن – غضب الرئيس أوباما لعدة أشهر من فكرة أنه رئيس عاجز. وهذا أحد أسباب إظهاره القوة خلال فترة التحضير لخطاب "حالة الاتحاد". يصر مساعدو أوباما على أنه يبذل قصارى جهده خلال الربع الأخير من فترته، ويريدون منه إنهاءها بكل قوة، بدءًا من الانفتاح مع إيران وانتهاءً بإغلاق معتقل غوانتانامو.

يحظى أوباما بسياسة خارجية لمدة عامين آخرين. ويقدم الشرق الأوسط، الذي ظل يلازم كل خطاب "حالة اتحاد" بقدر ما تسعفني الذاكرة، فرصًا جديدةً لتحقيق تقدم دبلوماسي أو إطلاق صراع كارثي. ومن الممكن لطريقة معالجة أوباما للقضية النووية الإيرانية، على وجه الخصوص، أن تحدِّد الفترة المتبقية من رئاسته.

ولكن بدأت العدسة السياسية بالفعل في الانتقال من أوباما إلى السياسيين الثلاثة الذين، وفقًا لاستطلاعات الرأي، يفضل الناس ترشّحهم للرئاسة في عام 2016 وهما: الجمهوريَّان ميت رومني وجيب بوش، والديمقراطية هيلاري كلينتون. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي بي إس" هذا الأسبوع أن 59 في المئة من الجمهوريِّين يعتقدون بضرورة ترشح رومني بينما يريد 50 في المئة أنْ يترشّح بوش. وهناك نسبة مذهلة من الديمقراطيين بلغت 85 في المئة ممن يريدون رؤية كلينتون في السباق.

المثير للاهتمام في سباق 2016 أنَّ المرشّحِين الجمهوريين والديمقراطيين عازمون على مقاومة سياسات أوباما الخارجية. ويأتي هذا جزئيًا كرد فعل حتمي بعد الرئاسة لولايتَيْن؛ فلا يريد أي مرشّح أنْ يَعِد بتقديم المزيد من سياسته الخارجية ذاتها. لكن الأمر أكبر من ذلك. فهناك انتقادات عنيفة لأوباما، وسوف تخيّم على المشهد السياسي خلال العامَيْن المقبلَيْن.

وتُعتبر أفضل حجة لرومني في السياسة الخارجية هي أنه كان على حق بشأن عودة تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وتُعتبر أفضل حجة لرومني في السياسة الخارجية هي أنه كان على حق بشأن عودة تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة. في المناظرة التي جرت في 22 أكتوبر 2012، أطلق أوباما تعليقات مرحة حول الطريقة التي "قضت" على القيادة الأساسية لتنظيم القاعدة، ولكن رومني كان على حق تمامًا في تعليقاته القاتمة: "لم يهرب التنظيم فعليًا. ومن المؤكد أنه لم يختفِ. فهذه الجماعة توجد الآن في 10 أو 12 دولة، وتشكّل تهديدًا هائلًا لأصدقائنا وللعالم ولأميركا على المدى الطويل، ويجب أن تكون لدينا استراتيجية شاملة للمساعدة في طرد هذا النوع من التطرف".

لقد كان حوارًا صادمًا، بعد فوات الأوان. وزاد الطين بلّة الادعاء السطحي لأوباما بأنه كان على حق في سحب القوات الأميركية من العراق في عام 2011: "الأمر الذي لم أكن لأفعله هو ترك 10 آلاف جندي في العراق ليقيّدون حركتنا. فهذا لن يساعدنا في الشرق الأوسط بكل تأكيد". يمكننا أن نرى الآن أن أوباما كان مخطئًا. فقد اضطر إلى الدفع بآلاف من القوات إلى العراق للتعامل مع أزمة كان من الممكن تفاديها في حال كان تم اتباع سياسات أكثر حكمة.

وعلى الرغم من أن رومني كان محقًّا بشأن تنظيم القاعدة، فإنه كان مخطئًا بشأن إيران. فقد رفض استراتيجية أوباما في التعامل معها، وقال إنه لن يحتاج تفويضًا من الكونغرس لضرب إيران عسكريًّا، وحذّر من التهديد الذي يشكّله أي سلاح نووي إيراني قائلًا: "لا يسعنا الانتظار لفترة أطول من ذلك، ولا يمكننا بكل تأكيد أن نتحمل الانتظار لأربع سنوات أخرى من إدارة أوباما. وعندئذ سيكون قد فات الأوان". كانت هذه الرؤية تحمل طابعًا عسكريًّا مفرطًا. وفي المناظرة الأخيرة، خفّف رومني من لهجته لكنه استمر في استلهام سياسته على ما يبدو من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويبدو أيضًا أن كلينتون مستعدة لمقاومة بعض الجوانب في السياسة الخارجية لأوباما.

ويبدو أيضًا أن كلينتون مستعدة لمقاومة بعض الجوانب في السياسة الخارجية لأوباما. وقد أبدى بعض المسؤولين في البيت الأبيض غضبهم من تصريحها بذلك في مذكراتها التي صدرت في عام 2014 بعنوان "خيارات صعبة". عندما سطرت مقالًا نقديًّا عن كتابها العام الماضي، قمت بعرض سلسلة من القضايا التي أبدت فيها "كلينتون حكمًا طيبًا بوصفها وزيرًا للخارجية، وقد سبقت رئيسها أوباما في فهم بعض القضايا الهامة".

ومن بين اللحظات التي تمتعت فيها كلينتون بنفاذ البصيرة: قبولها في وقت مبكر من عام 2009 ما أصبح يمثّل "محور" آسيا؛ وتحذيرها من إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك في مصر في عام 2011؛ وتأييدها لتسليح المعارضة السورية في عام 2012 بعد انهيار جهود الوساطة للأمم المتحدة؛ وتحذيرها المبكر في عام 2013 من توقع حدوث مشكلات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وغني عن القول أنّ هذه القائمة المطوّلة للطريقة الصحيحة التي أدركت بها كلينتون هذه الأمور لم تسعد البيت الأبيض بقيادة أوباما.

أخيرًا، هناك مشكلة خاصة تتعلّق بجيب بوش. فإذا حصل على ترشيح الحزب الجمهوري، فقد يضطر إلى العمل ضد السياسات الخارجية لكل من أوباما وشقيقه جورج دبليو بوش. ونظرًا لأنّ غزو بوش للعراق في عام 2003 يُحكم عليه الآن على نطاق واسع بأنه كان عملًا خاطئًا، فسيكون على رأس أولويات أخيه أن يُطَمْئِن البلاد بأنه لن يكون متهورًا مثله.

ألقى أوباما خطابه ليلة الثلاثاء. ولكن سيزداد السؤال حول ما سيقدمه بعد ذلك.

(خدمة واشنطن بوست)