Atwasat

حوار الطرشان الحوار الوطني

أحمد الفيتوري الإثنين 08 ديسمبر 2014, 03:13 مساء
أحمد الفيتوري

«أهم ما في الأمر، أن تشن هجومًا ساحقًا على العدو منذ البداية، لا مجال هنا للتوقف لدراسة بنود المعاهدات ولا أية اعتبارات أخلاقية ولتأملات حول الخير والشر»– أدولف هتلر

كتب إسماعيل القريتلي عدة مرات بصحف الإخوان في ليبيا منظرًا لسياسة السيطرة على الأرض وفرض الأمر الواقع، موكدًا أن من يقبض زمام الأمر يفرض شروطه، كان هذا قبل إعلان معركة القسورة بفترة ليست قصيرة، وكأنما يمهد لإعلان حرب لا تبقي ولا تذر، حين سيطرت مليشيات على طرابلس كانت بنغازي في قبضة مليشيات دينية متطرفة منها جماعة تدعى أنصار الشريعة، وادّعت مليشيات قسورة أنّها تحارب الأزلام أي أتباع القذافي دون أن تبين هي نفسها ما حيثيتها وهل يدعون مثلا بأعداء الأزلام؟.

منذ قيام ثورة فبراير 2011 والجميع يسمى نفسه الثوار هم استعاروا هذه التسمية دون تحديد لماهية الثورة وهوية الثوار، بل مما زاد الطين بله أن الإخوان الليبيين ينكرون أنهم من الإخوان، وأن الكثير منهم يقول أن القتل والاغتيالات يقوم بها الأزلام، وبهذا غدا كل من هو ليس هم من الأزلام، وعندهم الأمر تحصحص: هم الثوار والآخرون الأزلام الذين أمسوا هوية للآخر، لا أحد يعقل أن تسمية يطلقها امرؤ على نفسه يمكن أن تمنحه هوية وبالتالي مشروعًا سياسيًا.

في هذا الخضم كانت مدينة قد اُتخِذت مثابة لأعداء الأزلام، فيما كانت مدينة أخرى قد اختفت من حسابات الدولة الليبية، درنة مدينة حية وفاعلة في الدولة الليبية، لكن عقب ثورة فبراير سُلبت من هذه الدولة دون أن يفصح السالبون عن هويتهم ولا عدوا من الأزلام، هذا التعبير الغامض بات كما الغول، لم يهتم أحد حتى بالإشارة لتوضيح ما حدث ولا كيف أن الأزلام لم يقوموا بهذا، رغم أنهم تغولوا وصاروا أقوى وأعظم وأهم من النظام الذي أسقطه الثوار، في حين عجزوا عن إسقاط أتباعه من تبين أنهم لا حصر لهم وأنهم قوة غيبية كما غول درنة.

في المرحلة الأولى كان العدو يسمى محمود جبريل من عندهم لا قوة له ولا جماعة لكنه يخيفهم فجعلوا منه أيقونة الشيطان، ومن خلال عدائهم منحوه دورا ومهمة المستحيل

إذًا ليبيا تساوى ليبيا الثوار في مقابل الأزلام لكن ليس ثمة حيثية لكليهما حسب نظرة ينظر لها إسماعيل القريتلي وغيره، ممن ينكرون أنهم من الإخوان و أنهم ليسوا من أي قوى أخرى. وكأنما قسورة عملية حربية لهزيمة مهزوم من قبل قوة غامضة والله وحده يعرف ماهيتها. وبهذا سيطلعون علينا في حيثية من يعرف ما لا يريد لكنه لا يعرف ما يريد، من يعرف عدوه لكنه لا يعرف نفسه، وبهذا سيتطوع البعض لعداوة عدوهم- من حيثيته ظاهرة – تزلفا وطمعا وانتهازية وخوفا.

في المرحلة الأولى كان العدو يسمى محمود جبريل من عندهم لا قوة له ولا جماعة لكنه يخيفهم فجعلوا منه أيقونة الشيطان، ومن خلال عدائهم منحوه دورا ومهمة المستحيل، كما لو كانوا هم أعداء محمود جبريل ليس إلا، في المرحلة التالية أبرزوا اللواء المتقاعد خليفة حفتر لقد استعاروه من مصر: فوبيا السيسي. وبذا صاروا ثوار ليبيا في مواجهة اللواء المتقاعد، ورهنوا ليبيا لهذا القناع.

إنها معضلة المعضلات أن قسورة حملة حربية تستعير مبرراتها من بقايا الماضي كما لو كانت كابوسا تشكل من أحلام تبددت، بهذا تكون المغالاة والمغالبة حالة سيكولوجية أكثر منها نتيجة لفعل على الأرض، وغيابا للعقل من نتائجه حالة شمشونية يتم فيها هدم الوطن أولا وأخيرًا.

منذ قيام ثورة فبراير 2011 والجميع يسمى نفسه الثوار هم استعاروا هذه التسمية دون تحديد لماهية الثورة وهوية الثوار

فمع من سيتحاورون وهم دون قيادة ودون حيثية وحتى دون أهداف واضحة جلية لهم هم قبل أي أحد آخر، ولعل هذا هو المشكل في المسألة الليبية الذي صدع رؤوس ثلاثة مندوبين للأمم المتحدة: الخصم الذي يرى نفسه القوى على الأرض لا يعرف نفسه، وتتعدد رؤوسه وأطرافه كما تنين يطلق النار فيحرق العشب ما يقتات به، وكذلك ينكر وجود خصمه.

مرة قيل أن الفرق بين العرب والغرب نقطة، لكن أية نقطة، كذلك الفرق بين ليبيا ولبنان حرف لكن أي حرف، في لبنان حرب أهلية لها قيادات ومبررات عقيمة لكنها كالشمس،وفي ليبيا ثمة خصوم دون خصومة وخصومة دون خصوم كما سراب الصحراء ليس للخصم من خصم، أقول على الفرقاء أن يجلسوا قبل أمام مرآتهم كي يروا أنفسهم وينسقوا أغراضهم وأهدافهم ما يغيبون عن النفس وما يوهمون النفس بغيرها:( ليبيا دولة نفطية) هذا هو المحك عند كل الأطراف قال مناضل سابق الحل الفردى هو الحل!!.

سيلتقي من يلتقي في غدامس وتتوالي الأيام، ولكل فم دون أذن واحدة، وكل على حق كما عدوهم السابق معمر القذافي، وسيأتي من كل فج من الوطن عنده فقط هو البنك الوطني، وستعري الوطن التغطية الأخبارية، ويكون ثمة ساعتها من يذبح بسم الله ومن عراه هذا الوطن المذبحة حتى من جلده، فلتكن الطاولة المستديرة مع النفس قبل لأنه قبل ذلك الحوار الوطني مجرد حوار طرشان.