Atwasat

طرابلس بين خيار عسكري وآخر سياسي

عيسى عبدالقيوم الخميس 27 نوفمبر 2014, 03:14 مساء
عيسى عبدالقيوم

بين إعلان الجيش الوطني نقله جزءاَ من معركته ضد من يصفها بالتشكيلات المسلحة، والتي نعتها مجلس النواب فى قراره بـ"الإرهابية" الخارجة عن القانون، وبين دعوات الحوار والبحث عن مخارج سياسية تجنب المنطقة الغربية احتمالات الدمار، في حال نشوب قتال لتحريرها، تعيش المنطقة الغربية حالة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري، وعدم التناغم بين أذرعها السياسية والعسكرية والدينية.

فنجد على المستوى العسكري؛ غرفة عمليات وقوات تابعة لقسورة، وغرفة عمليات وقوات تابعة لفجر ليبيا، وغرفة عمليات وقوات تابعة لهيئة تصحيح المسار، وقوات وقيادة تابعة للمقاتلة والإخوان، وتشكيلات أقرب إلى قيادة مفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني، وأخيرا بقايا غرفة ثوار ليبيا، في مقابل ما يعرف بجيش القبائل المتهم بالولاء للنظام السابق، وقوات تابعة للزنتان"الصواعق والقعقاع والمدني"، وغرف عمليات الجيش الوطني في المنطقة الوسطى وبني وليد والوطية.

هذه المجموعات، العاملة بلا غطاء شرعي من الدولة، مجهزة عسكريا بشكل جيد، ولها أجندات"محلية" مختلفة، ويتهم بعضها بأنه ممول من دول عربية وأجنبية، مما يجعل من فكرة وجود اتفاق عسكري بينها أمراً فى غاية الصعوبة، وكذلك يجعل من فكرة الحسم العسكري لإحداها ضمن دائرة الصعوبة ذاتها، ما لم تتوحد غالبيتها تحت شرعية الدولة وقيادة الأركان وتدعم استراتيجية الاصطفاف خلف المؤسسة العسكرية الشرعية فقط، واستقطاب الشارع للوقوف خلفها، ففي هذه الحالة قد يعمل الحشد نفسه على تجنيب المنطقة الحرب، وربما يفرض حلا سياسيا محمياً بقوة عسكرية شرعية تمنح قراراته فرصة القبول وتفرض تطبيقها على الأرض.

لازال الانقسام حول فكرة الحل السياسي سيد الموقف

وعلى المستوى السياسي، لازال الانقسام حول فكرة الحل السياسي سيد الموقف، ففي ظل رفض فجر ليبيا، ودار الافتاء، وجزء مهم من مكونات مصراته السياسية والعسكرية، لجولة الحوار التي انطلقت في غدامس، وفي ظل قفز بعض القبائل للحديث عن اشتراطات تتعلق بتركة النظام السابق كشرط للحوار، وارتباك موقف الإخوان المسلمين من مباردة الحوار، وفي ظل ضعف القوة المؤيدة للحوار والتي خاضت جولته الأولى بنجاح، وأخير فى ظل رفض القوة المسيطرة على الأرض بالعاصمة ومؤسساتها السياسية لوجود راعي الحوار برناردينو ليون(المبعوث الأممي إلى ليبيا)، فإن فرص نجاح الحوار المدني تتضاءل وتتأخر بشكل كبير لصالح فكرة الحسم العسكري، وهي فرضية يرفضها الشارع الليبي ولا يحبذها، فيما تدفع إليها مجاميع آيديولجية في محاولة لخلق واقع تأمل أن ينتهي إلى إنهاء استحقاقات الانتخابات الأخيرة لصالح فكرة تقاسم السلطة بمعزل عن نتائج الانتخابات.

ويرى بعض المراقبين أن الضغط العسكري الذي يمارسه الجيش الوطني هذه الأيام قد يعمل لصالح الحل السياسي في حال وجد دعما شعبيا، في ظل توافر الإرادة الدولية المساندة للحل السياسي، غير أنه قد يدفع المنطقة الغربية إلى حرب طاحنة في حال ترك كخيار عسكري بلا أفق سياسي يمنح الضوء المطلوب لنهاية النفق.