Atwasat

الربيع التونسي الأبيض، الربيعُ العربي الأسود

أحمد الفيتوري السبت 01 نوفمبر 2014, 10:05 مساء
أحمد الفيتوري

 •الناسُ في السكينةِ سواء، فإن جاءت المِحن تباينوا ..#‏ابن_خلدون‬‬‬‬‬

أطلقت الميديا الغربية على الثوراتِ العربية العام 2011م كنية «الربيع العربي» مُستعيدة اصطلاحها الذي أطلقتهُ العام 1968م على ثورة دوبتشيك التشيكوسلوفاكية: «ربيع براغ»، حينها سحلت الدبابات السوفيتية الربيع البراغي، ودمّرت قادته وجعلت من الشعب ضحية للقادة الذين ظهروا كما الجلادين، بعد عشرين عامًا قامت ثورة (هافيل) التي نجحت في تخليص تشيكوسلوفاكيا من الاحتلال السوفيتي وعلى أثرها قسمت البلاد إلى دولتين، بحيث أن الفشل حافظَ على وحدة البلاد، لكن النجاح فشل في ذلك.

كان ربيع براغ الفاشل عُرسًا بشريًا في حين نجاحه التالي لم يفطن لهُ أحد، كأنما أمسى الربيعُ الربيع الأسود، أي الربيع حافظ على أهدافه، لكنّه نجح في تحقيقها بثمن باهظ لم يكن مأمُولاً ولا حتى في الحسبان تقريبًا، كان العام 68 عام الثورات في أنحاء الدنيا: فرنسا، الصين، مصر، وفي ليبيا أيضًا تظاهر الطلاب ضد النظام الملكي... إلخ.

في فبراير 2011م غدت بلدان كتونس ومصر وليبيا واليمن وسورية كما في «غزوة أحد» المنتصرون هبوا لجني الفيء وتركوا المعركة،

بعد أربعين عامًا جاء الربيع إلى الشرق الأوسط، استغرق العربُ كل هذا الوقت كي يخرجوا إلى الشوارع مُطالبين بإسقاط النظام، ونجحوا في ذلك، في الدول التي خرجوا فيها إلى الشارع أسقط الشعب النظام ولم يستول على السلطة التي غدت في مهب الرياح؛ مما حوّل تلكم البلدان إلى غنيمة، في فبراير 2011م غدت بلدان كتونس ومصر وليبيا واليمن وسورية كما في «غزوة أحد» المنتصرون هبوا لجني الفيء وتركوا المعركة، منذها وحتى الساعة والربيع العربي انقلب من النصر حتى باب الهزيمة المشرع إلى منتهاه: دبابات سود تسحل الربيع.. والناس التي كانت سواء لحظة سكينتها انقلبت إلى تباينات ما أنزل الله بها من سلطان، وكُل يُغني على ليلاه.

هزمَ ربيع براغ الأول ونجحَ التالي في تقسيم البلاد، ونجح الربيع العربي في إسقاط النظام وهُزم حتى الآن في إقامة النظام البديل، كأنما القدر الذي استجاب للشعب استجاب في الهدم وحسب، كان الشعب يُريد إسقاط النظام فسقط النظام جملة وتفصيلاً حتى بات الربيع العربي نظام الفوضى في جل روافده، فصير الإرهاب من عرب الربيع خطرًا عالميًا، وأمست ميديا الغرب تكنيه بالربيع العربي الأسود، وظهرت الكنية كما تعويذة الشيطان؛ مما أتاح لأتباع النظم الفاشية المسقطة التشفي.

في تونس المرأة حققت من المكاسب ما لم تحققهُ غيرها

لقد تباين الربيع العربي كما تباينت شعوبه بعد أن غدا الربيع في محنةٍ سيدها الإرهاب أينما وليت وجهك، حتى تونس، الناجي من النار، غداة الانتخابات تم قتل خمس نساء يتعاطين الإرهاب، في تونس المرأة حققت من المكاسب ما لم تحققهُ غيرها، في تونس هذه الإرهاب نسائي وغداة الانتخابات، وبهذا وغيره الكثير الربيع العربي موحل وفي أسوء حال، حيث الحرب الأهلية بأوجهها المُستترة والمسكوت عنها تتجلى كحصاد.

نجح ربيع براغ التالي في تحقيق حرية الشعب إلى درجة الانفصال، وكان الربيع الأول قد فشل بإرادة الدبابات السوفيتية، أما ربيع العرب فضرجت يداه بالدم وهو يدق باب الحرية، ولم يعد بالإمكان التراجع، وإن لم يتحقق المراد، وحتى نجاح الانتخابات التونسية لن يكون إلا فتح باب في جدار صلد كلما فتح باب فيه أغلق آخر، ذلك حاصل كنتيجة لغياب الفصل/ الأمن، غياب، حضوره بين في تسيد الإرهاب الموقف. وإذا نظرنا إلى الفائز بهذه الانتخابات التونسية فالحاصل فيها أن النظام الذي تم إسقاطهُ يعود فينجح عبر الصندوق، ويكون الناجح الثاني هو الإسلام السياسي، وهكذا يبدو وكأن الربيع العربي فشل في تحقيق الهدف الرئيس وهو إسقاط النظام كما حصل مع ربيع براغ الأول، مع الأخذ في الاعتبار حيثيات الزمان والمكان، فهل للربيع العربي موجة ثانية، أعتقد أن نجاح تونس هو نجاح الصندوق وأن تدور المعركة السياسية حوله وأن يتم توافق في محاربة الإرهاب في نفس الوقت، وعليه قد تكون الموجة الثانية قد بدأت.