Atwasat

خطة أوليَّة في الشرق الأوسط

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 30 أكتوبر 2014, 08:10 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

واشنطن – ظهرت على السطح لمحة من القلق الذي يجتاح العالم العربي في الأسبوع الماضي عندما أعربت امرأة عربية عن شكواها أثناء كلمة لها في عمّان في مركز كولومبيا العالمي لمنطقة الشرق الأوسط. قالت المرأة إنّ عنوان كلمتها عن "الأزمة" التي تشهدها المنطقة غير دقيق. فالكلمة المناسبة هي "التفسخ والتفكك". وتجاوب الجمهور معها بصوت عال.

يعاني العالم العربي من شعور بالدوار في هذه الأيام. لقد انطلق متطرفو الدولة الإسلاميّة، الذين نهضوا على ما يبدو من العدم، عبر بوابات القوة. وتشعر النخب السياسية بالارتباك والخوف. وهم غاضبون من الولايات المتحدة (كالعادة). لكنهم في الوقت نفسه يريدون من الولايات المتحدة أن تشرح لهم استراتيجية لمكافحة جماعة تهدّد كل بنية للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك الحدود.

وتضاعف هذا القلق بسبب البداية البطيئة للرئيس أوباما في طرح خطته لـ"تفكيك وتدمير" الدولة الإسلامية تدميرًا تامًّا. كان من المؤلم أن أسمع في الأسبوع الماضي من جلال الكعود، وهو زعيم قبلي من عشيرة البونمر شرق نهر الفرات، كيف تم اجتياح بلدته لأن الولايات المتّحدة لم تضع خطة لإعادة تزويد حلفائها القبليين بالإمدادات.

لقد سمعت المسؤولين الأميركيين وهم يشرحون مزيدًا من التفاصيل حول خططهم منذ عودتي إلى البلاد. وتقوم الاستراتيجية على الكثير من "الشروط" و"الاحتمالات"، وهي بكل تأكيد "استراتيجية تمهيدية"، كما أقر مسؤول أميركي بكل صراحة. من بين سلبيات هذه الاستراتيجية أنها تتطلّب الصبر، وهي أكثر وضوحًا بشأن العراق عن سورية. ولكن توفر خطط الحملة مزيدًا من الوضوح وتسمح بإجراء بعض المناقشات العامة اللازمة.

لقد حقّقت الولايات المتحدة سلسلة من النجاحات الصغيرة، باستخدام القوة الجوية ودعم القوات الكردية العراقية التي حرّرت الموصل وسد الحديثة

في البداية، تعد هذه مجرد خطة أوليَّة، ويصر قادة عسكريون أميركيون على اتخاذ خطوات صغيرة قبل الإقدام على الخطوات الكبيرة. لقد حقّقت الولايات المتحدة سلسلة من النجاحات الصغيرة، باستخدام القوة الجوية ودعم القوات الكردية العراقية التي حرّرت الموصل وسد الحديثة وأطلقت سراح الإيزيديين المحاصرين في جبل سنجار ودافعت عن إربيل وقرية أمرلي بنجاح.

وسيستغرق الأمر شهورًا عديدةً للقيام بعمليات خطرة مثل استعادة السيطرة على مدينة الموصل. ولكن زادت وتيرة العمليات بشكل معتدل في الأسبوع الماضي، بينما تقدّمت قوات الأمن العراقية لاستعادة السيطرة على مصفاة بيجي الاستراتيجية وهاجمت القوات الكردية الجهاديين في بلدة زمر في شمال العراق. ويعتقد القادة أنّه في الوقت الذي تقوم فيه القوات المدعومة من الولايات المتحدة بعمليات هجومية، سيواجه المتطرفون خيارات صعبة: فإما يقاتلون وبالتالي يخاطرون بعدد كبير من الضحايا أو يتراجعون أو يختبئون. وهذه الخيارات الثلاثة تبطئ من عملهم.

يعرف القادة العسكريون الأميركيون ضرورة التصرف بسرعة لكسب المصداقية لدى أهل السُنّة، خصوصًا بعد سقوط البونمر والمعاقل القبلية الأخرى في محافظة الأنبار مؤخرًا. لقد تم التضحية بهذه المناطق لأن القادة العسكريين الأميركيين اعتقدوا أنه ليس من الحكمة شن عمليات خاصة لتحرير جيوب صغيرة تقطعت بها السُّبل. كان من الممكن أن تستخدم الولايات المتحدة القوة الجوية، لكن المخاطر المتعلّقة بالأضرار الجانبية كانت عالية جدًا.

إنّ محور التعاون مع السُنّة يرتكز على الحصول من القبائل على قوة قوامها خمسة آلاف جندي من مقاتلي "الحرس الوطني".

إنّ محور التعاون مع السُنّة يرتكز على الحصول من القبائل على قوة قوامها خمسة آلاف جندي من مقاتلي "الحرس الوطني". ويُنظر إلى انضمامهم على أنه أمر مُلح جدًا، ويأمل القادة خلال الأسبوعين المقبلين بدء تجنيد مقاتلي القبائل السُنيّة ودفع رواتبهم وتدريبهم. ومن المفترض أنْ يتواجد المئات من المدربين الأميركيين والأجانب على الساحة بحلول نهاية العام. وللمساعدة في جذب أهل السُنّة، من المفترض لعضو بارز في الحكومة التي يقودها الشيعة لقاء 70 زعيمًا قبليًا هذا الأسبوع. ويعتقد مسؤولون أميركيون أنّ نصف هذه القبائل على استعداد لقطع علاقاتهم مع الدولة الإسلاميّة.

ويرغب مسؤولون أميركيون أيضًا في تعيين الجبر الجبوري، وهو زعيم قبلي بارز، في الحكومة، وربما رئيسًا للحرس الوطني أو كمستشار للأمن القومي. وقد أخبرني شقيقه في الأسبوع الماضي في عمان بأن مثل هذه الخطوة ستدفع بعض المقاتلين القبليين بعيدًا عن الدولة الإسلامية.

يبحث قادة الجيش دائمًا عن علامات التقدم، ويزعمون رؤيتهم لبعض نقاط الضعف البادية في العدو، برغم استمرار المتطرّفين في كسب الأرض، حيث تقول التقارير الاستخباراتية أن هناك توترات داخل صفوف الدولة الإسلامية بين العراقيين والمقاتلين الأجانب. وقد أدّت هذه التصدعات إلى توزّعهم على مبانٍ مختلفة في الموصل. وتم إرغام الدولة الإسلامية على تغيير أساليبها التكتيكية أيضًا.. بحيث كان مقاتلوها يبحثون عن مأوى في المناطق الحضرية ويتجنبون التحركات الجماهيرية أو الاستعراض العلني، مثل الأعلام أو القوافل.

عندما يقف الجهاديون ويقتالون، كما فعلوا في بلدة كوباني في شمال سورية، يتعرضون للقصف. وتشير تقديرات مسؤولين أميركيين أن الجهاديين فقدوا 400 مقاتل في تلك المعركة. كما أصابت الضربات الجوية الأميركية بنيتهم التحتية بأضرار في العراق وسورية، بما في ذلك آبار النفط ومستودعات الإمداد.

هناك خطة عسكرية متماسكة نوعًا ما في الاستراتيجية العسكرية الأميركية التي تتضمّن أيضًا بعض التفكير الطموح. ويُعتبر أكثر الافتراضات المشكوك فيها هو أن المجندين السوريين والعراقيين يستطيعون كسب هذه المعركة ضد المتطرفين دون وجود مستشارين أميركيين يعملون بجانبهم في المعركة.

(خدمة: واشنطن بوست)