Atwasat

مصراته تعود إلى رشدها

عمر الكدي الإثنين 13 أكتوبر 2014, 01:11 مساء
عمر الكدي

عجلت جلسة حوار غدامس في عملية الفرز بمصراته، حيث وافق أغلب نواب مصراته المقاطعين لجلسات مجلس النواب في طبرق على الذهاب إلى غدامس، بينما قاطعه عبد الرحمن السويحلي وعلي أبو زعكوك وعبد الرؤوف المناعي.

في البداية نظر المراقبون إلى ما جرى على أنه محاولة لتقسيم نواب مصراته إلى صقور وحمائم، فما قد لا تحصل عليه الحمائم في جلسات الحوار، يحصل عليه الصقور من خارجها، إلا أن التطورات اللاحقة أكدت أن حراكًا حقيقيًّا شهدته مصراتة، جعل معظم أبنائها يقررون الابتعاد عن عملية «فجر ليبيا»، خاصة بعد البيان الذي أصدره «درع الوسطى»، أكد فيه أن بيان «فجر ليبيا» الرافض لمجلس النواب لا يمثله، كما أن «إفتاء مصراتة» أصدرت بيانًا يتعارض مع بيان دار الافتاء التي يترأسها الصادق الغرياني.

ومن مصادر خاصة علمت أن مصراته أصبحت ممثلة بجناحين، جناح يقوده عبد الرحمن السويحلي وصلاح بادي، والجناح الآخر يقوده فتحي باشاغا، ويدعمه جمعة عتيقة وفوزي عبد العال، وأيضًا الشخصيات التي رشحها عبد الله الثني في التشكيلة الحكومية الموسعة التي رفضها مجلس النواب.

وبالأمس تبين أن هناك اختلافًا بين السويحلي وبادي، حيث رفض بادي الحوار جملة وتفصيلاً، وقال إن مَن يريد محاورتنا عليه أن يأتي إلى أبوشيبة، حيث تتمركز قواته، ووصف النواب المقاطعين الذين ذهبوا إلى غدامس بـ«الخونة»، بينما وافق السويحلي على الحوار بشروط، خلال لقائه بالمبعوث البريطاني جونثان باول، وهو ما يعني أنه ليس هناك تنسيقٌ بين السويحلي وبادي.

ويبدو أن مصراته أدركت أخيرًا أن الإخوان المسلمين استخدموها لتحقيق مآربهم، ثم تركوها تواجه مصيرها وحيدة، وكأنهم قرد يمتطي ظهر أسد ويوجهه إلى حيث يريد، خاصة بعد أن تبين لمصراتة إصرار المجتمع الدولي على الاعتراف فقط بمجلس النواب، وبدلاً من أن تنتهج مصراتة خيارًا حكيمًا بعد انتصار الثورة، وهي تحظى بإجماع جميع الليبيين على أنها المدينة التي صمدت في وجه القذافي وأفشلت مخططه لتقسيم ليبيا، فقد اختارت مصراتة خيارًا أحرق بسرعة جميع تلك المكاسب، وجعلها مكروهة في الغرب والشرق والجنوب.

خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لطرابلس، وجه رسالة مزدوجة لجميع الفرقاء الليبيين، الأولى رفضه القاطع مقابلة نوري أبو سهمين وعمر الحاسي، وكل مَن له علاقة بالمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، واكتفى بمقابلة النائب الأول لرئيس مجلس النواب محمد شعيب، ومنسق النواب المقاطعين فتحي باشاغا، في حين تولى رئيس بعثة الدعم في ليبيا برناردينو ليون توجيه الرسالة الثانية، وهي أن حل الأزمة في ليبيا سياسي وليس قانويًّا، أي أن شرعية مجلس النواب لا تكفي وحدها لقبول كل ما يصدر عنه، ولابد من الحوار والتوافق على أساس سياسي للوصول إلى المصالحة.

يكمن حل الأزمة في ليبيا في ضرورة الفصل بين مصراتة والإخوان المسلمين، أمثال بشير الكبتي ومحمد صوان والمناعي وأبو زعكوك وعلي الصلابي وشقيقه إسماعيل الصلابي ومحمد الزهاوي ووسام بن حميد، وهؤلاء جميعهم من مصراته وجميعهم من أتباع التيارات السياسية بمختلف مشاربها.

من الواضح أن بادي يحاول كسب نصر سريع على قوات الزنتان بعد أن اجتاح ورشفانة، ولهذا صعد عسكريًّا، بينما الجميع يستعد للذهاب إلى الحوار، وما جرى في ككلة مؤخرًا يؤكد أنه لن يحصل على انتصار سريع يفرض الأمر الواقع في الميدان، فإذا استغرق أكثر من أربعين يومًا لإجبار قوات الزنتان على الانسحاب من مطار طرابلس، فكم سيحتاج ليسيطر على الزنتان؟

سيستمر الحوار في غدامس أو في غيرها، وسيستمر التصعيد العسكري، وسيضطر المجتمع الدولي لفرض عقوبات على أمراء الحرب، وعلى كل الرافضين للحوار، وسيخسر جميع مَن رفضوا الحوار وسيصبحون ملاحَقين دوليًّا وفي بلادهم.