Atwasat

تطور استراتيجية الحرب

القاهرة - بوابة الوسط السبت 27 سبتمبر 2014, 01:21 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

إن رمزية يوم الثلاثاء كانت ملائمة لأمة في حالة حرب؛ فرأينا رئيسًا حزينًا يرتدي بدلة زرقاء بسيطة وهو يصف الضربات العسكرية التي جرت في سورية في الليلة الماضية، وقد ثبّت العلم الأميركي في عروة سترته بينما ظهرت في الخلفية طائرة هليكوبتر لمشاة البحرية وهي تقف بانتظاره.

كانت رسالة الرئيس أوباما جافة تمامًا: لقد دخلت الولايات المتحدة الحرب مرة أخرى، في بلد مسلم آخر، لمهاجمة تهديد التطرف العنيف، تمكّن الرئيس، هذه المرة، على الأقل، من إعلان أن العمل العسكري الذي تقوم به الولايات المتحدة ضد أهداف إسلامية يأتي مدعومًا بتحالف يتكون من أبرز الدول العربية: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن والبحرين وقطر.

لا يزال أوباما يعمل على استراتيجيته الحربية. ولكن تظهر ملامح بعض الخطوط الأساسية من خلال المحادثات مع كبار المسؤولين الأميركيين. وقد تجنّب الرئيس الخوض في نقاش كامل حول الاستراتيجية داخل الكونغرس، ولكن إليكم لمحة عما يخطط له البيت الأبيض.

يُصرّ الرئيس على أنه لن يكون هناك قوات قتالية أميركية «على الأرض»، ولكن سيكون دور المستشارين العسكريين الأميركيين الذين يقدمون المساعدة للقوات العراقية وربما المتمردين السوريين حاسمًا، ولا يزال النقاش دائرًا بشأن المدى الذي سيبلغه الأميركان في هذه المعركة، لتنسيق العمليات واستدعاء الدعم الجوي.

وركز أوباما ومستشاريه، بقيادة مبعوثه الخاص، الجنرال جون آلان على خمسة خطوط رئيسة للعملية ضد جماعة «الدولة الإسلامية»: العمل العسكري المباشر، وعمليات مكافحة الإرهاب ضد المقاتلين الأجانب، وتعطيل التمويل، والمساعدات الإنسانية، والأنشطة الإعلامية التي تهدف إلى «نزع الشرعية» عن المتطرفين.

يعتبر العمل العسكري هو المحور الرئيس للعملية، ستقود الولايات المتحدة الهجمات الجوية على «الدولة الإسلامية» وغيرها من الجماعات الإرهابية في العراق وسورية، وربما الأكثر الأهمية أن الولايات المتحدة ستقوم بتدريب ومساعدة القوات العراقية و«المقاومة السورية المعتدلة غير المتبلورة»، يريد أوباما من معظم المدربين أن يكونوا أفرادًا من القوات الأميركية بزيهم العسكري، ويعملوا بمقتضى الإجراء القانوني رقم «10»، بدلاً عن نشر جنود تابعين لوكالة المخابرات المركزية بمقتضى سلطة «العمل السري» وفق القانون رقم «50»، ويرى البيت الأبيض أن التحالف سيعمل على نحو أفضل بموجب هذه القواعد الأكثر شفافية.

يُصرّ أوباما على أنه لن يكون هناك قوات قتالية أميركية «على الأرض»

أما العراقيون الذين سيتلقون التدريب فهم أفراد القوات المسلحة الحالية التي انهارت بطريقة مخزية في الموصل، كما ستقود الولايات المتحدة تدريب حوالي عشرة آلاف جندي سني من «الحرس الوطني» وهم مقاتلون يؤتى بهم من القبائل. وستعمل هذه القوى السنيّة بمثابة الدَّرَك المحلي، للحفاظ على النظام في مناطقهم الأصلية بعد أن يتم تطهيرها من مقاتلي «الدولة الإسلامية»، ويتم بالفعل إنشاء معسكرات تدريب في الأردن وشمال العراق، ويُتوقع أن تكون جاهزة في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر.

سيقوم الجيش الأميركي أيضًا بتدريب القوات السورية، ولكن هذا الأمر سوف يستغرق وقتًا أطول لانخفاض مستوى جاهزية المعارضة هناك. والأمل معقود على الحصول على قوة قوامها خمسة آلاف جندي سوري على الأقل يخضعون للتدريب الآن في المملكة العربية السعودية ودول أخرى لتكون جاهزة في وقت ما من العام المقبل. ستنتقل هذه القوة إلى جنوب وشمال سورية حيث المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية» والجماعات المنتسبة لتنظيم «القاعدة» الآن، وقد تبدأ المعارك البرية السورية بعد عام.

وكلّف أوباما الجنرال مايكل ناجاتا برئاسة بعثة التدريب، وهو أحد ضابط القوات الخاصة وشارك في كثير من المهام القتالية الحساسة، فضلاً عن مهمة قيادة النشاطات العسكرية الأميركية في إسلام آباد، باكستان، وهو، مثل آلان، أحد جنود مشاة البحرية المتقاعدين ممن ساعدوا في الإشراف على «الصحوة السنية» في العراق، لذا يتمتع ناجاتا بخبرة ودراية بالثقافات القبلية كتلك التي سيعمل في أجوائها المدربون الأميركيون.
تتعرض الولايات المتحدة وأوروبا لتهديد إرهابي من «المقاتلين الأجانب» الذين انضموا إلى «الدولة الإسلامية» و«القاعدة». وسوف تحارب الولايات المتحدة هؤلاء المجندين عن طريق تثبيط خططهم بالذهاب إلى سورية والعراق، ورصد تحركاتهم ومهاجمتهم هناك، ومنعهم من ارتكاب أعمال إرهابية بعدما يغادرون ساحة القتال.

يكمن أحد الألغاز المثيرة للاهتمام فيما يجب فعله حيال المقاتلين الأجانب الذين تفرقوا بعد الهجمات العقابية التي شنتها الولايات المتحدة، سيهرب هؤلاء الجهاديون الذين ليس لديهم قبائل، وستتعقب خطاهم القوات الحكومية في العراق وسورية، وسيطاردهم مقاتلو القبائل المحلية.

إن السعي من أجل نزع الشرعية عن المتطرفين، من خلال وسائل الإعلام وغيرها، سيعتمد على على الدول الإسلامية التي كانت حذرة في بعض الأحيان من جهود مكافحة الإرهاب السابقة ضد القاعدة. ويعتبر «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، الذي ترأسه بشكل مشترك الولايات المتحدة وتركيا بمثابة أداة تنسيق مفيدة، وقد عقد المنتدى اجتماعًا يوم الثلاثاء في نيويورك.

ولعل أصعب جزء من الحملة هو كيفية تنفيذ مراحلها، من المرجح أن تقوم أميركا بتوجيه ضربات للقادة الميدانيين كلما أمكن. لكن، قد تؤدي العجلة في تغيير القيادات إلى فوضى في ساحة المعركة التي ستبقى غير مستقرة لسنوات مقبلة، وقد صرح أوباما يوم الثلاثاء قائلاً: «ستستغرق الجهود العامة وقتًا»، وهو ما يعني أنها ستستمر بالتأكيد إلى ما بعد نهاية فترة رئاسته

(خدمة واشنطن بوست)