Atwasat

هل يمكن هزيمة الدولة الإسلامية؟

فريد زكريا الإثنين 15 سبتمبر 2014, 08:20 صباحا
فريد زكريا

سان فرانسيسكو – مرة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على جماعة إرهابية أخرى. حدد الرئيس أوباما في خطابه، ليلة الأربعاء، استراتيجية دقيقة وصعبة لمواجهة جماعة «الدولة الإسلامية (داعش)» التي تشكّل تهديدًا للمنطقة وخارجها. ولكن دعونا نؤكد على شيء في تنفيذ هذه الاستراتيجية تعلّمناه من السنوات الـ13 الماضية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والحرب ضد تنظيم القاعدة. إليكم بعض الدروس التي تحتاج إلى تفكير.

لا تلتقط الطعم دائمًا. في إحدى خطبه المسجلة على شريط فيديو لأتباعه، أوجز أسامة بن لادن استراتيجيته قائلًا: «كل ما علينا القيام به هو إرسال اثنين من المجاهدين إلى أقصى نقطة شرقًا لرفع قطعة من القماش مكتوب عليها تنظيم القاعدة لنجعل جنرالات [أميركا] يهرعون إلى هناك».

يجب أن يقترن العمل العسكري باستراتيجية سياسية ذكية

كان الغرض من لقطات الفيديو التي أظهرت عمليات الإعدام البشعة هو استفزاز الولايات المتحدة. وقد نجحت في مهمتها. برغم ذلك، لم يتغير شيء بخصوص «الدولة الإسلامية» التي نصّبت نفسها بنفسها، والأخطار التي تنشرها، في الشهر الماضي .. بخلاف ظهور لقطات الفيديو هذه. لكنّها حرّكت واشنطن ودفعتها إلى العمل. يقول الباحث فواز جرجس إن أبا بكر البغدادي قد أشار منذ بضعة أشهر إلى أن منظمته ليست مستعدة لمهاجمة أميركا ولكنه «يرغب أن تقوم الولايات المتحدة بنشر قواتها على الأرض بحيث يمكن لداعش مقاتلة الأميركيين مباشرةً .. وقتلهم».

علينا أن نقوم بعمل ضد هذه الجماعة الإرهابية. ولكن دعونا نفعل ذلك في الوقت المناسب وبالطريقة التي نختارها بدلاً من الاشتباك عندما يريدون منا أن نشتبك.

لا تبالغ في قوة العدو. إن جماعة «الدولة الإسلامية» عدو لدود ولكن بدأت القوات المضادة في التجمع توًّا. وإذا عملت هذه القوات، التي تضم الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية والقوة الجوية الأميركية، بطريقة منسّقة، فستبدأ «الدولة الإسلامية» في التراجع وفقدان الأرض التي استولت عليها. وينبغي أن نضع في اعتبارنا أن هذه الجماعة لم تحتل كثيرًا من الأراضي كما أظهرت الخرائط العديدة التي لا تزال شاشات التلفزيون تبثها. فأجزاء كبيرة من تلك «المناطق» عبارة عن صحراء خالية. وتتركز المدن في العراق وسورية على طول الأنهار.

من المستحيل محاربة «الدولة الإسلامية» دون أن يعمل ذلك على تعزيز نظام بشار الأسد

وبينما تُعد جماعة «الدولة الإسلامية» أكثر تعقيدًا بكثير من تنظيم القاعدة من حيث عملياتها وتقنياتها، إلا أن لديها ضعف كبير متأصل. كان تنظيم القاعدة منظمة إسلامية عامة تحاول جذب جميع المسلمين بينما هذه الجماعة منظمة طائفية بوضوح. فهي وريث لتنظيم القاعدة في العراق، الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي لغرض محدد هو استهداف الشيعة. وهذا هو السبب، في الواقع، في اختلاف تنظيم القاعدة مع الزرقاوي، ومناشدته بعدم استعداء إخوانه من المسلمين الآخرين. إن «الدولة الإسلامية» تنظيم مناهض للشيعة، كما أنه يعادي الأكراد والمسيحيين وكثير غيرهم من سكان الشرق الأوسط عداءً شديدًا. وهذا يعني أنهم يواجهون عددًا كبيرًا من الأعداء في المنطقة، وسيقومون بقتالهم، ليس إرضاءً لمصالح الولايات المتحدة، ولكن لمصالحهم الخاصة أولًا.

تذكروا السياسة. يجب أن يقترن العمل العسكري باستراتيجية سياسية ذكية. إن «الدولة الإسلامية» ثمرة مباشرة للغزو الأميركي للعراق والقرارات السياسية المدمرة المتعلقة بحل الجيش العراقي وتسريح «البعثيين» منه. وكانت النتيجة إضعاف السكان السُنّة وإثارة غضبهم ومن ثم (تسلحهم) ليبدؤوا في التمرد. في فيلم وثائقي لشركة «فايس ميديا» أعدته مؤخرًا حول «داعش»، قال بعض السُنّة العراقيين أنه برغم الفوضى التي تعيشها البلاد، فإنهم أكثر سعادة في ظل «الدولة الإسلامية» عن «الجيش الشيعي»، وهو التعبير الذي استخدموه للإشارة إلى الحكومة العراقية.

لقد رسمت إدارة أوباما استراتيجية ذكية في العراق، وضغطت على حكومة بغداد لتضم المزيد من السُنّة. ولكن لم يحدث هذا بعد.. لقد تراجعت الأحزاب الشيعية عن تقديم أي تنازلات كبيرة للسُنّة. ولم تتم إعادة تشكيل الجيش العراقي لجعله أقل حزبية وطائفية وأكثر شمولًا وفعالية. هذه مسألة حاسمة لأنه إذا كان يُنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها تدعم نظامَيْن غير سُنيَيْن، في العراق وسورية، ضد انتفاضة سُنيّة، فلن تنجح في مهمتها. وسيكون من الصعب تجنيد الحلفاء المحليين. ورغم أن أهل السُنّة يعدون أقلية في العراق، لكنهم يشكلون الغالبية العظمى من المسلمين في الشرق الأوسط.

ويعد الجانب السوري من استراتيجية الرئيس هو الحلقة الأضعف فيها. فمن المستحيل محاربة «الدولة الإسلامية» دون أن يعمل ذلك على تعزيز نظام بشار الأسد. يمكننا القول بأننا لا ننوي فعل ذلك، لكن ذلك لن يغير من الواقع على الأرض. فما يزال الجيش السوري الحر ضعيف ومقسَّم بين العديد من الميليشيات المحلية.

وَعَدَ أوباما «بحلّ» الدولة الإسلامية. وهذا كلام رائع. كما وَعَدَ «بتدميرها تمامًا». لكننا لم نتمكن من التخلص من «القاعدة» بعد. وتدمير جماعة كهذه يتطلب نزع فتيل الديناميات الطائفية التي تغذيها. وهذه ليست مهمة واشنطن، لكن يمكنها أن تساعد في تحقيق ذلك عن طريق الضغط على العراقيين وتجنيد السعوديين والقوى الإقليمية الأخرى.

لن ينجح التدخل العسكري لأوباما في المنطقة إلا إذا كان هناك تدخل سياسي مكافئ وربما أكثر كثافة.

(خدمة واشنطن بوست)