Atwasat

الدولة الإسلاميّة تُشكّل تحديًا للمملكة العربية السعودية

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 01 سبتمبر 2014, 08:37 صباحا
القاهرة - بوابة الوسط

بينما تحترق العراق وسورية بالنيران، يبدو أن المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط هي الخطوة التالية في التفكير الأميركي. لكن الرياض ستكون حليفًا حاسمًا، وإن كان غير عملي، بينما تسعى الولايات المتحدة لحشد المسلمين السنّة ضد جماعة «الدولة الإسلامية» الإرهابية.

يقول العديد من نقّاد المملكة إنَّ السعودية نفسها ساعدت على انتشار هذا الفيروس السام بتمويلها المتمرّدين الإسلاميين وأيديولوجيتهم السلفية المتطرّفة. وفي خطوة بدت كما لو أنها تنأى بنفسها عن مثل هذه الانتقادات، تبرّعت المملكة مؤخرًا بمبلغ 100 مليون دولار لمركز جديد لمكافحة الإرهاب تابع للأمم المتّحدة، وأعلنت أن سليل تنظيم القاعدة أبوبكر البغدادي، الزعيم الديني الأول للدولة الإسلامية ومفتيها، هو "العدو رقم واحد للإسلام".

ومما يعقّد الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في احتواء عدم الاستقرار في المنطقة هو حقيقة أن التغيير قادم ببطء في المملكة أيضًا. والرهانات الأميركية عالية بالنسبة لهذه المرحلة الانتقالية على مستوى القيادات، ومن الصعب التنبؤ بنتائجها.

لا يزال الملك عبدالله في السلطة، كملك شعبي ومحترم بصفة عامة. لكنه في التسعين من عمره، ويتمتّع بطاقة وانتباه محدودين. وقد ظهرت توترات في عدة وزارات سعودية خلال العام الماضي، مما يُشير إلى حدوث مناورات على السلطة.

لقد انتاب الأميركيون والسعوديون القلق على مدار جيل كامل خشية أن تكون المملكة برميل بارود يُحتمل أن ينفجر في أي لحظة، حيث يتنافس المتطرّفون المسلمون والعلمانيون لتقويض النظام الملكي المحافظ. لكن، تبدو المملكة أكثر استقرارًا الآن من عقد من الزمان، ولكن المتطرّفين السنة والشيعة، رغم عداوتهم القاتلة لبعضهم البعض، يتقاسمون حلمًا مشتركًا لإسقاط آل سعود.

لا تزال الأعمال الداخلية للعائلة المالكة مستغلَقَة بالنسبة للغرباء. يتّسم كبار الأمراء بحركة بطيئة وتحفظ ومقاومة للمشورة الأجنبية؛ وهي صفات تدعو إلى التكهنات حول ما يحدث وراء جدران القصر. ولكن أيًّا كانت الخلافات الداخلية، فقد تمكّن أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة الحديثة، من الحفاظ على إجماع الأسرة الضروري للحفاظ على حكمهم.

ويرسم الخبراء الأميركيون والعرب صورة للسعودية كمملكة تشعر بالقلق من ثلاثة مخاطر: صعود إيران وحلفائها الشيعة؛ وعودة ظهور التطرف السني الذي تجسّده الدولة الإسلامية؛ والتعويل على الولايات المتحدة، حامية المملكة، والتي يُنظر إليها من قِبَل العديد من السعوديين كقوة عظمى في حالة تراجع.

ويتّضح الوضع غير المستقر من خلال الأمير الزئبقي بندر بن سلطان الذي أُطيح به كرئيس للمخابرات في أبريل الماضي، ثم رُد الاعتبار إليه هذا الصيف بحصوله على لقب شرفي كرئيس مجلس الأمن القومي. ويُحتمل أن تكون النتيجة بمثابة مكسب نهائي للاستقرار السعودي، حيث يُعتبر خالد بن بندر بن عبدالعزيز، الرئيس الجديد لجهاز المخابرات، أكثر موثوقية ومهنية؛ ويعمل بشكل جيد مع الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية الذي يحظى بالثقة من جانب الولايات المتحدة.

سافر رئيس المخابرات الجديد ووزير الداخلية، يرافقهما بندر ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، إلى قطر هذا الأسبوع، لتقديم مشروع جبهة موحدة لمنافس إقليمي كثيرًا ما أفسد السياسة السعودية والأميركية.

ويمثل ولي العهد الأمير سلمان (78 عامًا)، وزير الدفاع، إحدى علامات الاستفهام، حيث يُقال إنه يعاني حالة صحية سيئة. ومما زاد التكهنات حول خلافته: تعيين الأمير مقرن في منصب نائب ولي العهد في مارس الماضي. في الوقت نفسه، كافح سلمان في إدارة وزارة الدفاع. ومنذ توليه هذا المنصب في نوفمبر 2011، كان لديه أربعة نواب، من بينهم اثنان من أبناء سلفه الأمير سلطان.

ويُعتبر الكارت الذهبي في السفينة السعودية هو بندر، سفيرها اللامع السابق لدى واشنطن. فعندما كان رئيسًا للاستخبارات السعودية والممول الأساسي لحلفاء السعودية في سورية ولبنان، كان لاعبًا لا يمكن التنبؤ به، وكان يبدو أحيانًا غير جدير بالثقة في عيون واشنطن.

ويخشى بعض الأميركيين من أن تكون جهود بندر السرية في الحرب الأهلية السورية قد وضعت البيض بغير قصد في حِجْر إرهابيي القاعدة. وقد شعر مسؤولون أميركيون بالارتياح عند إقصاء بندر بوصفه ممثلاً للمعارضة السورية.

لقد كان كابوسًا متكررًا بالنسبة للسعودية أن تحارب أعداءها الخارجيين من خلال تشجيع الحركات السنية التي تتحوّل إلى التطرف، وتُهدّد المملكة نفسها فيما بعد. حدث هذا في الثمانينات، عندما انضم السعوديون إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية لرعاية المجاهدين في أفغانستان. وطرد المقاتلون المسلمون المخلصون القوات السوفيتية حينها، ولكنهم تطوروا فيما بعد إلى حركة طالبان والقاعدة.

لا بد وأن السعوديين قلقون من أن شيئًا مماثلاً قد حدث مرة أخرى. فقد جنح بعض المقاتلين السُنة الذين أيّدتهم المملكة ضد إيران باتجاه الدولة الإسلامية الآن. لم يتعمد السعوديون وقوع هذه الكارثة، ولكن عليهم الآن بالتأكيد التعامل معها.

ويثق محللون غربيون بقدرة محمد بن نايف وخالد بن بندر في السعي نحو بناء أجهزة أمنية أكثر كفاءة ومهنية في الداخلية والاستخبارات. وسيكونون بحاجة إلى تلك المهارة، والحظ أيضًا، حيث هناك تحديات كبيرة تلوح في الأفق بالنسبة للمملكة العربية السعودية.

(خدمة واشنطن بوست)