Atwasat

جمود سياسة أوباما الخارجية

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 17 يوليو 2014, 06:41 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

عندما يقول النائب العام الأميركي إريك إتش. هولدر إن الدولة الإسلامية التي رسّخت جذورها في العراق وسورية تشكل تهديدًا "مميتًا" وإنه يشعر "بقلق بالغ" من صانعي القنابل التابعين لها، يبدو ذلك كحالة طارئة، لكن إدارة أوباما لم تستقر على استجابة هجومية منسّقة يمكنها الحيلولة دون انتشار هذا الجحيم.

التأخر في وضع خطة لوقف الدولة الإسلامية جزء من قلق أكبر حيال سياسة الرئيس أوباما الخارجية. فحتى عندما يكون لدى هذا البيت الأبيض استراتيجيات أساسية جيدة، كثيرًا جدًا ما يكون هناك غياب للمتابعة لتنسيق أدوات القوة الوطنية. لا مكافأة على حسن النوايا في هذا الصدد؛ فالأداء هو المهم. ويصدق هذا على علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء التقليديين، مثل ألمانيا والمملكة العربية السعودية، مثلما يصدق على الخصوم المحاربين.

التأخر في وضع خطة لوقف الدولة الإسلامية جزء من قلق أكبر حيال سياسة الرئيس أوباما الخارجية. فحتى عندما يكون لدى هذا البيت الأبيض استراتيجيات أساسية جيدة، كثيرًا جدًا ما يكون هناك غياب للمتابعة لتنسيق أدوات القوة الوطنية.

هناك دراسة حالة لهذه المشكلة المتعلقة بالتنفيذ تمثلت في طلب الإدارة الشهر الماضي الحصول على 500 مليون دولار للقوات المسلحة الأميركية لتدريب وتجهيز قوة لإحلال الاستقرار قادرة على ردع المتطرفين في المناطق المحررة من سورية. وهذه فكرة طيبة، وتحظى بمباركة شخصية من الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي كان قد أبدى تشكّكًا تجاه بعض الاقتراحات الأخرى بشأن انخراط الولايات المتحدة في سورية. فبعد شهور من التردد، أيّدها البيت الأبيض.

لكن بعد أن رُوّج لهذا البرنامج في الكابيتول هيل، اتفقت الإدارة في الرأي مع النقاد بالكونغرس على أنه ما زال هناك كثير جدًا من الجوانب غير المكتملة، وعادت إلى طاولة التخطيط من أجل القيام بمزيد من العمل بشأن الكيفية التي سيتم بها تجنيد المتمردين وتدريبهم ونشرهم.

ربما يعود البرنامج الخاص بسورية بعد تنقيحه بحلول شهر سبتمبر، لكن يؤسفني يا إخوان أن أقول إنه لا وقت لدينا لمثل هذه الأخطاء والتأخر. فعندما تكون الأمة تواجه ما اتفق النائب العام على أنه "خطر واضح وماثل"، فالواجب أن يعبئ الرئيس الحكومة الأميركية. والواجب عليه أن يبت في استراتيجية ما وينفذها. والواجب عليه أن يُطلع البلد على خططه بشكل واضح.

بعض التوجس حيال أوباما مبالغ فيه. فكما هو الحال مع النكتة الشهيرة عن موسيقى ريتشارد فاغنر، نقول إن سياسة أوباما الخارجية أحيانًا ما تكون "أفضل مما تبدو عليه". فقد اتسمت استجابة أوباما للعدوان الروسي في أوكرانيا بالثبات، وهي ناجحة بوجه عام، كما أن قراره بالسعي إلى إقامة حكومة وحدة في العراق قبل شن ضربات جوية كان صحيحًا، ونجاح وزير الخارجية جون إف. كيري خلال العطلة الأسبوعية الماضية في التوسط في إقامة حكومة وحدة في أفغانستان هو أيضًا له دلالته.

نوّه زميلي فريد هيات هذا الأسبوع إلى أن أوباما يحتاج إلى "فريق منافسين" أقوى يستطيع أن يتحدى أفكاره في ميدان السياسة الخارجية. لكن ما يحتاج إليه في الحقيقة هو الوضوح والأثر، وهو ما يعني أوركسترا أمن قومي يمكنها اتباع "نوتة" متقنة ومايسترو يضبط الإيقاع.

لقد هوجمت رايس بقسوة إبّان الضجة التي أثيرت بشأن مدينة بنغازي الليبية لدرجة أنها توارت عن الأنظار، بدرجة مبالغ فيها. ولكي تنجح، فلا بد لها من ظهور أبرز، ويد أثبت.

والمايسترو في ميدان السياسة الخارجية هو مستشار الأمن القومي سوزان إي. رايس. فهي كبير مسؤولي التنفيذ. وهي بحاجة إلى أن تساعد أوباما على تحسين الأداء في ما تبقى من مدته الرئاسية الثانية، بمعاونة هذا الفريق أو فريق آخر. لن يكون كافيًا بالنسبة لأوباما أن يلقي كلمة قوية بخصوص الاستراتيجية كل بضعة أشهر، مثلما فعل في ويست بوينت في أواخر مايو الماضي. فالبيت الأبيض يحتاج إلى أن يوافي الأمة بخططه وتوجهاته كل يوم، وبمائة طريقة لبقة. لقد هوجمت رايس بقسوة إبّان الضجة التي أثيرت بشأن مدينة بنغازي الليبية لدرجة أنها توارت عن الأنظار، بدرجة مبالغ فيها. ولكي تنجح، فلا بد لها من ظهور أبرز، ويد أثبت.

حالة في صلب هذا الموضوع هي علاقة الولايات المتحدة مع ألمانيا، أهم حليف للولايات المتحدة في أوروبا. فنحن نعلم منذ سنة أن الألمان غاضبون أشد الغضب بسبب ما تكشّف لهم عن قيام وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس عليهم. ربما ترى، مثلما أرى، أن ردود الأفعال هذه مبالغ فيها، لكن هذا أدعى إلى أن تدار الأنشطة الاستخباراتية الأميركية بفعالية من جانب البيت الأبيض.

لقد التقت رايس نظيرها الألماني كي تحاول رأب الصدع، لكن انهارت المحادثات لأن الولايات المتحدة رفضت التوقيع على ميثاق عدم التجسس الذي أرادته ألمانيا، فيما تحفظت ألمانيا بشأن التعاون الاستخباراتي المحسّن الذي اقترحته الولايات المتحدة. والنتيجة التي يؤسف لها أن هاجم الألمان الأسبوع الماضي بعض العمليات الغامضة من جانب وكالة الاستخبارات المركزية وقرروا طرد ممثل الوكالة في بلادهم، وهذه هي المرة الأولى التي أتذكر فيها حدوث شيء كهذا مع حليف عضو في حلف شمال الأطلسي.

يمكنك أن تتعاطف مع موقف البيت الأبيض في عالم فوضوي يجمع في آنٍ واحد بين الرغبة الشديدة في القيادة الأميركية وبغضها الشديد. لكن عندما تنطوي المسألة على مصالح الأمن القومي الأميركية، كما هو الحال مع محاربة الدولة الإسلامية والحفاظ على أقوى تحالف ممكن مع ألمانيا، يجب على البيت الأبيض أن يتغلب على أية مقاومة أو جمود يواجهه. وكل ما عدا ذلك فهو أعذار.

(خدمة واشنطن بوست)