Atwasat

طرابلس إلى أين؟

أحمد الفيتوري الثلاثاء 18 أكتوبر 2016, 09:21 صباحا
أحمد الفيتوري

طرابلس الغرب المدينة والعاصمة أمست عالقة منذ 17 فبراير2011 حيث كانت القلعة التي أراد الديكتاتور التحصن بها، وحيث منذ 19 مارس 2011 جاءت قوات التحالف الدولي بطائراتها لأجل تنفيذ قرار مجلس الأمن 1973 ودكت حصن الديكتاتور، كانت المدينة والبلاد قبل قد تمت محاصرتمها بقرار دولي، وقبل أيضا تحصينات الديكتاتور دكتها طائرات الأسطول الأمريكي زمن الرئيس ريغان، فطرابلس الغرب زمن القذافي وحتى الآن مدينة مستباحة ومحاصرة باعتبارها عاصمة البلاد الفعلية لأنها مقر بنك ليبيا الوطني ومركز السلطة لمن يريد السيطرة على البلاد.

أغسطس 2011م فرَّ الديكتاتور من العاصمة قبل أن يلقى مصرعه في سرت، واستولت قوات مصراته وقوات من الزنتان على العاصمة ودبَّ الانشقاق بينمها، منذها غاصت البلاد في وحل التحارب الأهلي ما لم يضع أوزاره بعد وإن تشكل وظهر بأوجه عدة، حتى أنه عقب استيلاء قوات مصراته المتحالفة مع الإسلام المسلح على المدينة وطرد قوات الزنتان دبَّ الخلاف في ذي التحالف المسمى فجر ليبيا، هذا الخلاف هو خيمة من يرى أنه تحلف والقوى المرصوصة أو المرصوفة أو ما شبه لهم.

وتم "الوفاق الوطني" في خيمة متراصة بالخلافات التي قفز عنها لأجل "رئيس حكومة وفاقي" جائزة ماراثون الحوار الوطني لطرابلس الغرب، و" اللي ما يعرف الصقر يشويه" تحت هكذا شعار تم الترويج لمستخرجات الصخيرات باعتبارها إفرازات شخصية دافع عنها الكثيرون كمحصلة لنضاله الوطني، وكانت العودة الميمونة إلى طرابلس هي ختام مسك للمشروع الوطني ما كان أسه الخلاف وهو ما يفترض أنه الوفاق.

طرابلس في المحصلة ستكون الدافع للثمن الأعلى لهذه الأزمة وهي تضم تجارا كبارا للأزمة الليبية ظاهرهم السلامة وباطنهم النار

العودة الميمونة إلى طرابلس منذ مطلع هذا العام كان من نتاجها جني الحصرم والإصرار على أنه الجنة الموعودة، كان هذا يحدث وطرابلس العاصمة مأسورة عند أطراف من أعظم انجازها تكريس انعدام الأمن وتفاقم المعيش اليومي، والمجلس الرئاسي قد ساهم في ذلك بالترويج أن الحل النهائي والحاسم قاب قوسين أو أدنى وعلى الأرض يتفاقم الخلاف والصراع على السلطة، فغدت طرابلس عاصمة لرعب يومي مغطى بأحلام وردية يصدرها كل مستفيد من الراهن.

كان أولئك المستفيدون يروجون للأوضاع المستتبة في طرابلس الغرب ويقتسمون الأدوار مع المليشيات المهيمنة والمتعددة وما على خلاف، وهذا نوع من الاستثمار من أجل الهيمنة والسلطة والوجاهة والمال فطرابلس تم الاستيلاء عليها لهذه الأسباب، وإذا كانت دولة القذافي مركزية السلطة فإن طرابلس هي ليبيا المركزية، فيها كل ما هو مرغوب من كل الأطراف المحلية المتصارعة، والإقليمية (هل تذكرون تصريحات السبسي حول درنة منذ عام)، والدولية وما يحدث في سرت من قبل القوات الأمريكية ومستشفى إيطاليا في مصراته يوضح الدور الدولي في المسألة الطرابلسية.

طرابلس التي اختطفت من قبل متصارعين تحالفهم تم لغرض واحد هو هذا الاختطاف، طرابلس هذه مدينة فوق فوهة بركان أو تحتها قنبلة موقوتة أي زحزحة أو حلحلة تظهر كل ساعة في حال الاقتتال بين الأخوة الأعداء، وتظهر على متساكني المدينة في فيلم طويل ومشهد مكرور: الاختطاف والعيش والسكين على الرقبة، وتعدد الانقلابات والموت واحد.

هذه المدينة / العاصمة/ بنك ليبيا / ثلث سكان ليبيا/ المخطوفة من البلاد رهينة في يد مدعومة من كل الأطراف التي لا ترى في المسألة الليبية أي خطر، بل تراها الأزمة التي تبيح تصدير الأزمات إليها من الجيران الجنب والبعد، مستغلين خطر الإرهاب المحلي لتبرير تصدير أزماتهم، فمثلا المسئول التونسي ممثلا في وزير الخارجية صرح أنه تم تصدير 3000 رأس داعشي تونسي إلى ليبيا والكثير من المستوردين من الليبيين من يقيم في العاصمة الليبية.

طرابلس في المحصلة ستكون الدافع للثمن الأعلى لهذه الأزمة وهي تضم تجارا كبارا للأزمة الليبية ظاهرهم السلامة وباطنهم النار، هم يمارسون القتل اليومي وبالتقسيط والقطارة للمدينة بحجة حماية المدينة من حمم بركان ليبيا ما يقذف الحمم دون توقف، وهم في ذلك يجنون الأرباح كل يوم حتى على المستوى الفردي: الفدية للحماية، الفدية لإطلاق السراح، ثمن الحراسة وعدم الاختطاف، ثمن للتنقل الآمن والنوم بكوابيس أقل.
فمتى ينهض الليبيون من غبنهم ويستردون العاصمة طرابلس الغرب؟