Atwasat

ليس بالاعترافِ وحدهُ تحيا دولةُ السراج!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 31 مايو 2016, 11:08 صباحا
أحمد الفيتوري

1
صائبٌ ما يقومُ به دولة الرئيس فائز السراج من زياراتٍ مكوكية للدول التي تلعب في الملعب الليبي دورا رئيسا، وأن يحصل على الاعتراف بمجلس الرئاسة ما انبثق عن "اتفاق الصخيرات، لكن ما فاتهُ أن "اتفاق الصخيرات" وضع في حال التجميد الأقصى بعد أن غدا الطرف الرئيس في الاتفاق مجلس النواب في حال موت غير مُعلن.

صائبٌ ما يقوم به دولةُ الرئيس بأن يكون رئيس الدولة الليبية وأن يكون المجلس الرئاسي الجهة التنفيذية العليا والوحيدة في البلاد، أما أن يكون رئيساً لحكومةٍ سماها حكومة مُفوضة لـ"تسيير أعمال" فإن هذه حذلقة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، لكن هكذا ألعاب تحشدُ الخصوم وتثير الشكوك بعد أن تم دفن السلطة التشريعية ولم يُصلِّ عليها أحد، وغدت السلطة التنفيذية سلطة مطلقة تذكر بعهد من كان السلطة ولا سلطة غيره.

فائز السراج في يده أن يكون أو لا يكون

صائبٌ أن يكون السيد فائز السراج الرئيس الليبي المُشارك في المؤتمرات الدولية والملتقيات العربية، لكن بشرط ألا يُحشر في زاوية قاعدة بوستة البحرية، إنه في حاله هذا في "خانة اليك" خانة من خطوته واسعة وطويلة في براح العالم أما في بيته فإنه غيرُ قادر على مد راحة يده ولا على فعل شيء، و"طرابلس" مقر دولته يحكمُها اللصوص والقتلة وينير ليلها الظلام ونهارها ليل.

صائبٌ يا سيادة الرئيس كل ما تدعو إليه من خير لبلادك ولكن ليس بالدعوات تنهضُ البلدان، ليس بالهروب إلى الأمام، ليس بالاكتفاء بأنك لم تقم بصلاتك لأنك وجدت الجامع مغلقا، وأن تكمل حجتك مع نفسك بالمثل الليبي: بركة اللي جت منك يا جامع.

2
صائبٌ موقف السيد فائز السراج في عودته الميمونة إلى مدينته سالماً غانماً، وفيما غنم به من زيارات تُحمد له بالسلامة، وفيما حصل عليه من جيش الحشد الدولي وصحواته، وفيما التقط له من صور تلفزيونية وفوتوغرافية فيما عقد من مؤتمرات صحفية وغير صحفية، ولكن السيد فائز السراج رئيس للبلاد حين جيء به على بساط "اتفاق الصخيرات" هللنا وقلنا بُعث للبلاد شخصٌ قُدر له إجماع لم يأتِهِ الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكتبتُ حينها في مقال مُعنون بـ"اللحظةُ الليبيةُ الاستثنائية والرئيس المُقترح فائز السراج !، جاء فيه :

أن فائز السراج في يده أن يكون أو لا يكون، فالقدر اصطفاهُ لمهمة مُستحيلة لكنها مُنجزة، كما حصل مع إدريس السنوسي من جعلته الحرب العالمية الثانية المُنقذ للعالم من المُشكل الليبي ولليبيا من مشاكل العالم لحظتها، ولعب دوره باقتدار فافتك ليبيا من أعاصيرها الداخلية بتؤدة وحكمة الشُجعان، وقدم إلى العالم الحلَ الذي لم يكن يعرفه لكنه يرغبه، فكانت ليبيا من أوائل الدول العربية والأفريقية التي حصلت على استقلالها، "فائز السراج" وإن لم يُقبل قبولا تاما لكنه لم يُرفض البتة، وليبيا وإن لم يُنجز حلُ مشكلتها لكنها أيضا ليست الوحلَ السوري، والتورط الدولي هذه الساعة- بعد جريمة باريس- في اللعبةِ القذرة التي يلعبُها: الإرهاب تجعلُ من المسألةِ الليبية المسألة المُمكنة في هذه اللحظة الاستثنائية، من هذا تتوفر في يدِ الليبيين وفي يدِ "فائز السراج" لحظة الخلاص كما لم تتوفر، وهو لهذا بحاجة لحنكةٍ وجُرأةٍ لأن اللحظة التاريخية قد توفرت ووفرت السُبل، ولذلك من لزوم ما يلزم :

أولا: وفي هذا الحال أن يكون الحلَ وليس المشكل بأن يكون صاحب مُبادرة وحلول وتصورات، وأن يعتبر العراقيل هي دافعهُ لِتَقَدمٍ وليس العكس، وأن التخوفات ليست من مُقتضى العمل الجاد والمخلص.
ثانيا: أن يذهبَ بنفسهِ إلى كل من مجلس النواب وقيادة الجيش، وأن يعمل أن يكون في المدن الليبية الفاعلة بشخصهِ أو بمن يُمثله.
ثالثا: أن يلتقي من الليبيين بكل شخصيةٍ مُقتدرة وراغبة، ولها دور في المسألة الليبية، ومنهم يكون مجلس مستشاريه من لا يتعدى دورهم هذه المسألة.
رابعا: أن يستبعد كل مسألة شخصية محض بأن يركز على المسائل الأساس، فالأشخاصُ القادرون هم غايته وليس الراغبين.
خامسا: الوطن ليس وسيلة للإعلام بل للإنجاز والعمل وليس للتربح.

السيد فائز السراج لا تكُن كما يُراد لك بأن تُساهم في فعل ما لم يجرؤ القذافي على فعله وهو يفقدُ أنفاسهُ الأخيرة

أدرك أن هذا من بديهيات أي مبادرة سياسية لديها ما تُنفذ وما تعمل وما تُنجز، فالإنجاز هو المحك وليس القيل والقال وإصدار الأحكام والتُهم، وأن أي عمل سياسي دون مُبادرة ودون مشروع مُجرد عمل أعمي وحتى دون عقل، ومن هذا فإن النواحي الإجرائية تكون نتيجة لهذه المقدمة، لأن متى ما توفرت الإرادة والدعم يمكن إنجاز المهام ووضع الحلول، وهذا يتأتى كنتيجة لمقدمة صحيحة. ليبيا الآن مُمكنة وفي اليد لكن هذا هو الصعب، المُبادرة توفرت والرجل المقترح متوفر وكذا ساعة العمل.. وإلى ليبيا كل بما يستطع سبيلا". هذا تقريبا أهم ما جاء في ذلكم المقال.

3
ما الذي يعنيه أن يعتبر السيد فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي والحكومة صوابه الصواب وأخطاء الآخرين الأخطاء، وأن خصوم الأمس الرفاق ورفاق الأمس الخصوم، ما الذي يعنيه تبديل المواقع هذا؟ ما يعنيه يمكن أن نراهُ بالعين المجردة في غزة ورام الله، هناك حماس "أخوان فلسطين" المقاومة الإسلامية منذ عام 2008م وحتى الساعة مكتفية بما حققته المقاومة وبما حققه الإسلام: دولة غزة العظمى بل الجماهيرية العظمى، وليس عنا ذلك ببعيد، وعندئذ افرح بأن خصمك الجديد الشيطان،وأنك لن تُجرجرهم إلى الجنة غصبا ولهذا تركتهم في غيهم يعمهون.

السيد فائز السراج لا تكُن كما يُراد لك بأن تُساهم في فعل ما لم يجرؤ القذافي على فعله وهو يفقدُ أنفاسهُ الأخيرة: توكيد تقسيم ليبيا على الأرض، وهذا ما فعله من أسروا مدينة مصراتة وجعلوا منها قاعدة -منذ انتصار ثورة فبراير في خواتيم عام 2011م-لـ"غزة" الأفريقية. السيد فائز السراج، أخيرا أرجوا ألا تكُن في هذا حصان طروادة، والسلام.