Atwasat

القبض على عنق الدولة الليبية

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 17 أبريل 2016, 09:08 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

يأخذ الكثيرون على مجلس النواب الليبي الحالي انقسامه على نفسه. وهم بذلك يتناسون، في حمأة شعورهم الوطني ورغبتهم في استقرار البلاد، أن هذا من طبيعة المجالس النيابية. إذ إن من شأن المجالس النيابية أن تكون مشتملة على كتل مختلفة تتعارض مصالحها أو تتقاطع إلى هذه الدرجة أو تلك، لأن المجلس النيابي يمثل جُماع مكونات الشعب الطبقية والعرقية والدينية والطائفية إلخ.

إنه يعبر عن مصالح مختلفة ومتباعدة ومتعارضة اتفق المجتمع، أو الشعب، المعين على حلها سلميا وديموقراطيا تحت سقف المجلس النيابي ومن خلال آليات دستورية وقانونية، بدل محاولة حلها بأساليب أخرى في خضم الحياة اليومية قد تؤدي إلى كوارث جسيمة تهدد استقرار المجتمع والدولة.

إذا خلا أي مجلس نيابي من أي نوع من الخلافات فهذا يعني أنه تحول إلى حزب سياسي، حيث من طبيعة الأحزاب السياسية التجانس والوحدة، أو أنه مجلس نيابي صوري يديره نظام استبدادي لا مجال لحرية الرأي عنده ولا يترك مساحة للاختلاف (مؤتمر الشعب العام، مثلا).

المشكلة في الحالة الليبية لا تتمثل في وجود اختلافات داخل مجلسنا النيابي، وإنما في طبيعة وأسباب ودوافع، بل وأهداف، هذه الاختلافات.

لقد اتضح، دون بقاء أي مجال للتغاضي، أن المجتمع الليبي مجتمع انقسامي. بل هو أكثر انقسامية مما كنا نتصور بكثير. ومن المعروف أنه كلما زادت عوامل وأشكال الانقسام في مجتمع ما (خصوصا تلك المجتمعات التي لا تستند إلى ميراث ديموقراطي) زادت أرجحية تحول مشاكل هذا المجتمع إلى أزمات ومآزق من الممكن أن تفضي إلى كوارث.

فالبنسبة إلى عوامل الانقسام في المجتمع الليبي هناك، أولا، الانقسام الطبقي (وهو غير حاد). ثم هناك، ثانيا، الانقسام الإقليمي بحيث هناك من يدعو إلى انفصال إقليم معين. وهناك، ثالثا، الانقسام العرقي. وهناك، رابعا، الانقسام المذهبي المسكوت عنه (وإن كان تأثيره ضعيفا). وهناك، خامسا، انقسام مديني. وهناك، سادسا، انقسام قبلي.

لكن ما أذكى أُوار هذه الانقسامات هو التدخلات الخارجية وارتباط بعض القوى السياسية الفاعلة في مجلس النواب بأطراف خارجية حليفة تدعمها بطرق الدعم المختلفة في محاولة القبض على عنق الدولة الليبية والتحكم في مصيرها.