كانت مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» حاضرة لدى السياسية المصرية حتى قبل أن تفكر الولايات المتحدة الأميركية في تكوين تحالف دولي لمواجهة التنظيم، حيث مثّل الموقع الجيوسياسي للقاهرة هدفًا للتنظيمات المسلحة على اختلاف أشكالها وكان في القلب منها «داعش» الذي ظهر على استحياء مهددًا مصر رغم تنسيقه المستمر مع التنظيمات المسلحة هناك وعلى رأسها جماعة «أنصار بيت المقدس» التي أعلنت ولاءها للتنظيم الذي انطلق من العراق لإعلان ما زعم أنها خلافة إسلامية.

محاربة الإرهاب «المحتمل»
ما سبق دفع القاهرة إلى إعطاء أولوية قصوى لمواجهة التنظيمات المسلحة وهو ما بدا جليًا في تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، لاسيما خطابه الشهير العام الماضي الذي طالب فيه الشعب المصري بتفويضه لمحاربة الإرهاب «المحتمل»؛ ما يعني أن رجل المخابرات السابق «الجنرال السيسي» كان على علم بأهداف مسبقة لتلك التنظيمات الإرهابية.

تصريحات السيسي المتواترة حول الإرهاب المحتمل وتحركات أجهزة الأمن المصرية لإحباط مخططات إرهابية تستهدف الجيش والشرطة المصرية على استحياء أول الأمر، كشفت عن جزء كبير من مستقبل الصراع بين الأجهزة الأمنية والسلطات المصري مستقبلاً وهو ما تكشفت ملامحه الأيام الماضية.

معلومات مسبقة وتحركات استباقية
مصادر أمنية رفيعة المستوى تحدثت لـ «بوابة الوسط»، شريطة عدم نشر اسمها، عن امتلاك الأجهزة المخابراتية المصرية معلومات بشأن إرهاب محتمل يهدد المنطقة ومصر في القلب؛ مما دفعها إلى استباق تلك الخطوة بتشكيل لجان وإدارة مواجهة تلك العناصر.

وأضافت المصادر أن أجهزة الأمن المصرية نفذت عدة خطط لمحاصرة الإرهاب الذي استهدف تحويل مصر إلى «سورية أو ليبيا جديدة» عبر إشعال نار الحرب الأهلية، فيما نجحت السلطات المصرية بمعاونة قوات الجيش في ضبط عدد كبير من المسلحين في شمال سيناء، اعترفوا فيما بعد بصلاتهم بتلك التنظيمات المسلحة خاصة تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية «داعش»؛ مما أوقف خطرًا كان يهدد المنطقة بأكملها حال ترعرع الإرهاب في مصر.

الدور المخابراتي
إلى ذلك، أكد مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية أن الدور المصري في مواجهة التنظيمات المسلحة خاصة «داعش» ليس مقصورًا أو متوقفًا على المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، منوهًا بأن القاهرة شاركت وأوقفت تهديد «داعش» لمصر ودول الجوار من خلال إحباط الأجهزة الأمنية المصرية مخططات «التنظيم» في المنطقة.

وأشار المصدر إلى أن مصر رغم عدم مشاركتها رسميًا في التحالف الدولي، لكنّها تقوم بأكبر دور في محاربة التنظيم سواء من الناحية المخابراتية أو المواجهة على الأرض من خلال الحملات التي تقودها على البؤر الإرهابية في شبه جزيرة سيناء التي تتخذها تلك العناصر مقرًا لانطلاق عملياتها.

حملات أمنية
ونفذت الأجهزة الأمنية في مصر العشرات من الحملات الأمنية على بؤر إرهابية بأرجاء البلاد وعبر الحدود، ألقت خلالها القبض على المئات وصفّت العشرات، في محاولة لوقف زحف التنظيمات المسلحة في المنطقة.

كما أمدت أجهزة المخابرات المصرية، بحسب مسؤولين أمنيين، الجيش الليبي بمعلومات بشأن تنظيم «داعش» والتنظيمات المسلحة التي تنتشر على الأراضي الليبية المتاخمة للجانب المصري.

وكان رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قال في مقابلة مع وكالة رويترز إن بلاده لا تخطط لإمداد الولايات المتحدة بدعم عسكري مباشر في الحرب الجارية ضد «داعش»، لكنه ترك الباب مفتوحًا لاحتمالية التدخل عسكريًا في حال تعرضت دول منطقة الخليج للتهديد من التنظيم.