قبل 3 أسابيع من حلول شهر رمضان المبارك، لا تزال أزمة السيولة النقدية تبحث عن حل جذري يخفف معاناة المواطن، سواء عبر توفير السيولة في المصارف التجارية، التي يستمر اصطفاف الطوابير الطويلة أمامها، أو فيما يخص الاعتمادات المستندية التي توفر السلع الغذائية قبل رمضان.

وتعاني المصارف منذ أشهر من نقص السيولة النقدية، الأمر الذي أدى إلى ازدحام المواطنين أمام المصارف، قبل أن يغلق معظمها أبوابها في الآونة الأخيرة. وتعتبر هذه الأزمة هي الثانية من نوعها في ليبيا بعد أزمة 2011 التي شحّت فيها السيولة أكثر من ستة أشهر متواصلة.

لجنة مشتركة
ومنذ وصوله إلى طرابلس، يعقد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لقاءات متكررة مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، ومديري المصارف التجارية، وقد وعد المجلس بمعالجة أزمة نقص السيولة، وإعادة إنتاج النفط والغاز وتصديره في أقرب وقت.

الاتحاد الوطني التجاري: تشكيل لجنة مشتركة بين «الرئاسي» و«المركزي» خطوة على الطريق الصحيح

وكانت آخر اجتماعات المجلس الرئاسي ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير الأسبوع الماضي، واتفق الجانبان على تشكيل لجنة مشتركة لاقتراح الحلول الاقتصادية المناسبة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمّر بها البلاد.

وتصدرت أزمة السيولة وآلية معالجتها قبل الشهر الكريم جدول أعمال الاجتماع الذي ناقش فتح الاعتمادات لتخفيف معاناة المواطنين، والإسراع في توفير السلع قبل حلول رمضان من خلال المستندات برسم التحصيل.

مختلف الأطياف
وثمَّن الاتحاد الوطني التجاري خطوة تشكيل اللجنة، وقال إن «هذه القرارات التي تقوم على العمل الجماعي والمشترك خطوة في الاتجاه الصحيح»، مضيفاً: «نوصي بضرورة الحرص على أن تكون عضوية اللجنة من مختلف أطياف الواقع الاقتصادي، حتى تكون قراراتها قابلة للتطبيق» .

وفي السياق نفسه، بحث محافظ المصرف المركزي مع المديرين العامين للمصارف التّجارية سبل توفير السيولة والاستعداد لشهر رمضان المبارك، ووحدة المصرف المركزي. وأوضح البيان أن «المحافظ استعرض مع المديرين الوضع الأمني للمصارف، وجهود توفير السيولة قدر الإمكان، بما في ذلك تفعيل خدمات الدفع الإلكتروني، وتسهيل إجراءات توريد السلع والبضائع قبل دخول شهر رمضان المبارك».

وفي سباق مع الزمن قبل حلول رمضان، تعهد رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، بأنه سيتم توفير السيولة في المصارف الليبية خلال أسبوعين. كما أكد عقب اجتماع بمحافظ البنك المركزي الليبي، علي الحبري، أنه سيجري توفير جميع السلع التموينية قبل شهر رمضان المبارك.

تدابير «المركزي»
واتخذ المصرف المركزي في الآونة الأخيرة تدابير من شأنها أن تساعد المواطنين في التغلب على أزمة نقص السيولة، من بينها: تفعيل خدمة نقاط البيع «POS» لأول مرة في ليبيا عبر مصرف الجمهورية والمصرف التجاري الوطني في خطوة أولى، لكن المدير العام لـ«الجمهورية» مصباح العكاري طالب المصرف المركزي بالبحث عن حلول وبدائل لأزمة السيولة بدلاً عن تضخيمها.

الباحث الاقتصادي علي الصلح: استقلالية المصرف المركزي بداية الحل.. ولابد من استقرار الوضع السياسي والأمني

وطالب العكاري في تصريحات لموقع «هافينغتون بوست عربي» بفتح المصرف الاعتمادات المستندية بسعر الصرف الرسمي، وتمييز التجار والموردين الذين يحتفظون بأرصدتهم في حساباتهم المصرفية بعدم تحديد سقف مالي لهم عند سحبهم من المصارف، ويُسرّع عملية المقاصة بين فروع المصارف التجارية.

الاستقلالية أولاً
ويرى الباحث الاقتصادي علي الصلح أهمية استقلالية البنك المركزي، مشيراً إلى أن سبب ضعفه الآن هو ارتكانه لموقف سياسي ما بعد الثورة إلى الآن، واعتبر أن السراج يعالج القضية من واقع الاقتصاد السياسي، عبر محاولة استعادة الاستقرار والاستقلال للسياسات المالية والنقدية.

وقال الصلح: إن «الوضع الاقتصادي لن يستقر إلا باستقرار الوضع السياسي والأمني في البلاد»، مطالباً بالتركيز على خيارات استراتيجية تحفظ وتحقق الاستقرار، داعياً إلى إيقاف المشاريع التي تستنزف الخزينة العامة للدولة، وما سببته من عجز في الموازنة العامة للدولة.

وطالب الباحث الاقتصادي بمواجهة رؤوس الفساد أو من سماهم بـ(الذئاب المتوحشة والقطط السمان)، لافتاً إلى دورهم الكبير في الفساد والأزمة ومعظمهم خارج البلاد، محذرا من نموذج «المثال الكاذب» وفقاً لنظرية التنمية، إذ يستطيعون إقناعك بزراعة وصيد الأسماك في الصحراء، ومن ذلك يمكنك تحقيق أرباح بأقل تكاليف.