وفي إحدى مزارع النخيل القديمة بمنطقة الجديد بسبها، يجلس الحاج محمد بن كابه في الظل يلتقط أنفاسه قبل أن يتابع عمله مرة أخرى.

وتشتهر فزان بعدد كبير من أنواع التمور من أهمها: تاسفرت والتاليس والتاغيات ولاظاوي ولسبير والدجلة والخضراي.

يقول بن كابه لـ«بوابة الوسط»: «النخيل له أهمية كبيرة في حياتنا، خصوصًا في فزان، وهناك مراحل متنوعة من أجل العناية بالنخلة، إذ تنظف جيدًا، وبعدها تبدأ عملية التلقيح في فضل الربيع، بعد ذلك تأتي مرحلة نمو عرجون النخلة، ويبدأ في تحميل التمر في مرحلة تسمي الغمق، وفيها يكون لونه أخضر... وتعتبر هذه أهم مراحل التمر، فيصبح واضحًا حجم التمر والكمية، بعدها تأتي مرحلة البلح بلونه الأصفر، ويبدأ في النضوج».

ويواصل بقوله: «هنا تبدأ مرحلة العاينة، والتي يفرح لها صاحب النخلة وتدل على نضوح التمر، ويتذوق منه الناس بعض التمرات التي تصلح للأكل، حيث تجد في كل عرجون حبات قليلة، وبعد فترة ينضج التمر ويصبح رطبًا، إلى أن يأتي موسم يقال له القطاع، ويعني قطع عرجون التمر من النخلة، حيث يميل التمر إلى اللون البني أو الأحمر، وهنا يكون نضجه اكتمل».

ويضيف بن كابه: «قديمًا كانت التمور تدفن في مكان يسمى العقلة، وهو مكان على أطراف القرية، ويحفر في الأرض لمسافة متر ويوضع التمر فيها، لكن الأمر تطور الآن وأصبحت التمور تحفظ في الثلاجات».

وعن ذكريات الطفولة فيما يتعلق بالتمور والنخل، يقول: «أتذكر كيف كان الناس يعتنون بالنخلة، وكيف كانوا يصنعون من أليافها الحبال، وكذا الجريد والجذع، إذ كان الناس يستخدمون هذه الأشياء في صناعة أسقف البيوت، وصناعة أغطية للأواني وبعض الأدوات مثل القفة ومراوح اليد، بينما يفتت النوى ويصبح علفًا للحيوانات، أما العراجين فتصنع منها مكانس لتنظيف البيوت، إلى جانب تخمير التمر لصناعة سائل لتخمير عجين الخبز يسمى الحامض، وكذلك صناعة الأحذية من سعف النخيل».

واشتهرت فزان منذ القدم بزراعة أشجار النخيل، والتي تشكل قوام الاقتصاد الرئيس فيها.. وتكثر الأمثلة الشعبية التي تخلد تاريخ المنطقة وتمورها.

ويحكى أن مواطنًا من منطقة وادي الشاطئ قديمًا سافر إلى منطقة ورقلة الجزائرية، وكان يسمع بجودة أنواع تمورها فمكث فيها فترة، وعندما عاد إلى ليبيا قال بيت شعر في التمر وهو «تمرك يا ورقلة مش زي تمر فزان»، وهناك مثل آخر مشهور في فزان يقول إن «القصب السودان والتمر فزان واللحم ودان».