Atwasat

كوني امرأة

د. مها المطردي الإثنين 01 فبراير 2016, 08:40 صباحا
د. مها المطردي

"امرأة بمئة رجل" مثل لا أعرف هل هو ذكوري أم أنثوي، وهل هو مُميز للمرأة التي توصف به أم هو مُجحف ومُصغر لها؟ هل تسعد هي أن تكون بمئة رجل؟ وهل يستطيع مئة رجل أن يكونوا كامرأة؟.

خلقنا الله امرأة ورجلا وجعل لكلٍ منا دوراً راقيا في المجتمع، ولو شاء لخلق رجالاً فقط أو نساء فقط، لكن وجود ذاك الاختلاف كان أساسيا في بناء المجتمعات وفي التكاثر وفي العيش.

نحن النساء لا يجذبنا الرجل إن كان "امرأة" بما تعنيه الكلمة من كائن يفيض دلعاً وأنوثةً ورقة. وهل يمكن لرجل أن يقوم بالدور الراقي للمرأة من إنجاب وتربية أطفال واحتواء العائلة بدفء؟

هذا الدور العظيم ميزها الله به ليسمو فوق كل الأدوار. ولقد قال نابليون "المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها" فالأنوثة التي تشع منها تُطيح بكل ما يقرره الرجل من قرارات، إن كانت أنوثة ذكية.

والأنوثة التي أتكلم عنها لا تقاس بالمواصفات العالمية للجمال بالسنتمتر والكيلوجرام. فهذا كله لا يكفي لصناعة أنثى. الأنوثة التي أتكلم عنها لا تصنعها الملابس ولا مساحيق التجميل فهي موهبة أو سر يولد مع امرأة ما.

وكلمة أنثى مثل كلمة شخصية كلمة واحدة مركبة من الجاذبية والسحر والغموض والجمال والقوة والذكاء وأحيانا الضعف والأهم الأمومة ولا أربط الأمومة هنا بوجود الأطفال فالأمومة طبيعة فيها تفيض بها على من حولها. الأنوثة إذا هي سحر في المرأة يجعلها مميزة ويجعلها ملكة عالمها.

قال الدكتور مصطفى محمود "لست أخاف من امرأة شريرة لأن شرها يجعلني أحتشد لها بكل أسلحتي، أما المرأة الفاضلة فإني أخافها وأرتعد منها لأن فضيلتها تجعلني ألقي بكل سلاحي، وأضع روحي بين كفيها بلا تحفظ".

ولكن المرأة اليوم أصبحت تغيب عن منزلها كل النهار وليس بسبب العمل فقط تاركة الأطفال بين أيدي الخدم وفي الحضانات أو وحدهم وكل ذلك تحت عنوان "حقوق المرأة" ومطالبتها بالمساواة مع الرجل متناسية أنها والرجل لا يتساويان بما فضل الله بعضهم على بعض.

المرأة التي تطالب بممارسة أفعال يمارسها الرجل كأنما تقول إن الأشياء التي تمارسها هي ولا يمارسها هو أقل أهمية وكأنها تحتقر دورها وهذا مجحف بحقها

وتخلّي المرأة عن دورها الأساسي كعماد لبيتها وحياة أطفالها سعيا وراء مظاهر واهية ملونة بألوان باهته يُولد عائلة مفككة عطشة للحنان والدفء والأمومة، ويُولد رجالاً ذوي قلوب قاسية تنقصهم العاطفة التي تحتاجها هي.

المرأة الذكية هي تلك القادرة على التوفيق ما بين عمل وعائلة وما بين واجبات وحقوق. المرأة اليوم في الغرب تقف عارية في الشوارع مطالبة"بحقوقها" وكل ذلك لجذب انتباه الرجل واستفزازه وهو مسرور بذلك وكأنما بينهما اتفاق غير معلن.

أهذه هي حقوقها التي تسعى لها؟ هل حقوقها أن تكون خبرا، أو إعلانا موجها إلى غريزة الرجل؟ هل باتت سلعة يُعلن عنها على مواقع الانترنت وعلى اللافتات في الشوارع؟ أهذه هي الحرية؟.

هل تظن المرأة أنها بتخليها عن أنوثتها تكون أكثر تحرراً من باقي بنات جنسها على مرّ العصور المختلفة؟ وهل الجرأة وعلو الصوت بوقح الكلام كافٍ لإنصافها والدفاع عن قضاياها؟ وهل سينتشلها من الظلم والقوانين المُجحفة؟ وهل الانفلات والتمرد على المعايير الاخلاقية يعني فوزها بحريتها بالضربة القاضية؟ يتعين أن نقف جنباً إلى جنب مع كل امرأة قادرة على التوفيق ما بين واجباتها وحقوقها، واثقة من قوتها ومن نفسها، متعلمة، عميقة، ذكية، راقية، تلعب دورها بإتقان في المجتمع، فأي عمل هو مميز متى تمكن الإنسان من اتقانه.

المرأة التي تُطالب بممارسة أفعال يُمارسها الرجل كأنما تقول إن الأشياء التي تُمارسها هي ولا يُمارسها هو أقل أهمية وكأنها تحتقر دورها وهذا مُجحف بحقها. للمرأة أفكار وآراء قادرة على تغيير المجتمع والارتقاء، به ولكن هذا لا يكون على حساب أنوثتها وعلى حساب الدور الذي اُوكل لها من قبل الله. وبالمثل للرجل دوره ولا عذر لهما في تجاهل حق أسرتهما من الاهتمام ومناصفة الأدوار.

إن مطلب إيقاف العنف والظلم الواقع على المرأة الذي تطلبه بالخروج ساعات ولا نبالغ أن نقول أياما في محاضرات ومظاهرات ومناظرات بعيدا عن أفراد أسرتها هو مطلب مُحق، فالعنف غير مقبول. ولكن ليست هي فقط مُعنّفة، لا بل الرجل أيضا.

ألم نقرأ أو نسمع عن رجال ماتوا ذبحا وضربا؟ ألم نسمع عن رجال ظُلموا وعُنفوا؟ ألم نسمع عن أطفال انتُهكت حقوقهم وأول تلك الانتهاكات تركهم وحدهم أو مع الخدم بالساعات؟.

لنكن ضد العنف بكل أشكاله البشعة دون أن نقرنه فقط بالمرأة. ولنُحاسب أنفسنا ونُعدل من ذواتنا قبل أن نُطالب بتغير الآخر. وآخر همسي لك يا سيدتي لا تنسي أنك امرأة، فكوني كذلك.