Atwasat

تأثير الصراع المجنون على السلطة على الطلبة الليبيين الموفدين إلى أمريكا

مرعي مصطفى بوعمود الثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 02:09 مساء
مرعي مصطفى بوعمود

يختبر الطلبة الليبيون الموفدون للدراسة بالساحة الأمريكية ظروفا سيئةً للغاية، بعد أن أصبحت الساحة الأمريكية مسرحاً يعكس تماما ما يحدث في أرض الوطن من صراع محموم على السلطة.

كانت البداية عندما تدخل المؤتمر الوطني العام في شئون الطلبة، وأصدر جملة من القراراتٍ الغير مدروسة، كان لها أثر سلبي على مستقبل عدد كبير من الطلبة الليبيين الدارسين بالخارج.

وسرعان ما خرج مصرف ليبيا المركزي عن حياده، وامتثل لقرارات المؤتمر الوطني العام. ثم قام المصرف بعدها بإتخاذ تدابير أحادية الجانب كان لها دور في تفاقم مشاكل الطلبة.

ثم برزت وزارة التعليم العالي (البيضاء) وحاولت بسط نفوذها على الساحة الأمريكية. مستخدمةً حقها في صنع القرار، أقدمت الوزارة على إلغاء التعاقد مع المكتب الكندي الخدمي، الذي كان يشرف على الطلبة الليبين لمدة خمسة سنوات على التوالي، ثم عملت الوزارة على تنصيب ملحقية ثقافية لتحل محل المكتب الكندي. من جانبها استهجنت وزراة التعليم العالي (طرابلس) هذه الخطوة وامتنعت عن تمويل الملحقية الثقافية، ولم تعترف بها، ومن وجهة نظر الوزارة (طرابلس) فإن الاستغناء عن المكتب الكندي في هذا التوقيت يعد مجازفة، سيترتب عليها حتما نتائج وخيمة، فالمكتب الكندي صاحب خبرة كبيرة في عملية الإشراف ويتمتع بمهارات وقدرات عالية على التواصل والتعامل مع الطلبة، والمؤسسات العلمية الأمريكية على حد سواء، ومن ثم أقترحت الوزارة فكرة التعاقد مع هذا المكتب لمدة سنة واحدة، يتم خلالها الاستعانة بخبرته في بناء ملحقية قادرة على الإشراف على الطلبة بشكل فعال.

من جانبها رفضت وزارة التعليم العالي (البيضاء) هذا المقترح. مؤكدةً مُضيها قُدُما في مشروع تأسيس الملحقية وعدم التعامل مع المكتب الكندي، بحكم أن هناك رائحة فساد مالي تفوح وشكوك تدور حول تورط المكتب الكندي في فساد مالي ونهب مُنظم لمُقدرات الوطن.

وجد الطالب الليبي نفسه مجبرا على العمل فتراه يعمل كسائق سيارة أجرة أو موزع بيتزا أو صحف وجرائد أو كعامل في مشروع بناء كل ذلك من أجل التكفل بنفقات معيشته هو و أولاده

تجدر الإشارة أن هناك شعور بوجود هذا الفساد المالي، ولكن تبقى هذه مجرد مشاعر و تُهم بلا أدلة دامغة تَثبُتُ صحتُها.

وبالفعل ظهرت الملحقية منذ البداية عاجزةً وشبهُ مشلولة فقد تم تشكيها على عجل، حيث لم يتم تزوديها بالأموال اللازمة لتغطية نفقات الرسوم الدراسية والمنح والتأمين الصحي، وبحسب الملحقية فأنها لم تُمنح الفرصة الكافية لإثبات جدارتها، وتعثرت جهودها الرامية لتحسين أحوال الطلبة بسبب الامتناع عن تمويلها.

وفي حقيقة الأمر قدمت الملحقية خدمات أقل بكثير من المتوقع من حيث المستوى مقارنةً بالمكتب الكندي، فقد أشتكت الجامعات الأمريكية وكذلك الطلبة من البطء الشديد في الرد على المراسلات رغم أهميتها، وكان خطابها للمؤسسات التعليمة الأمريكية خطابا يظهر ضعفها وعجزها ماليا، فلم تمنح هذه المؤسسات ثِقتها للملحقية وشككت في قدرتها على الوفاء بالوعود، كما لم تقبل الملحقية النقد حتى الموضوعي منه ولم ترحب به.

وهكذا وجد الطلبة أنفسهم يعانون من مشاكل جديدة تضاف إلى المشاكل التي كانت موجودة من قبل، فزاد الحمل على عاتقهم حتى قسم الظهر أو كاد، فالمنح الدراسية تتأخر لشهور طويلة و المنحة هي مصدر دخل الطالب الوحيد في بلد الدراسة أي بلاد الغربة بها يقتات هو ومن يعول، ومنها يدفع ثمن الإيجار ويتكفل بنفقات المعيشة، و بتأخر المنح تعرضت أسر كثيرة ليبية للعوز بل وبدأنا نسمع عن منظمات إنسانية وكنائس تقدم المساعدة للأسر الليبية، وبتأخر وصول نفقات الرسوم الدراسية و انقطاع التأمين الطبي وجد الطالب الليبي نفسه بلا دخل وبلا تغطية لنفقات الدراسة وبلا تأمين صحي، وبات مخيرا بين أمرين كلاهما مر أما الاقتراض وقبول مساعدات من الأجانب، أو العودة لأرض الوطن صفر اليدين من دون الشهادة العلمية التي هو كان قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الفوز بها، ومن ثم العودة إلى أرض الوطن و الأهل مرفوع الرأس.

وبذلك وجد الطالب الليبي نفسه مجبرا على العمل فتراه يعمل كسائق سيارة أجرة، أو موزع بيتزا أو صحف وجرائد أو كعامل في مشروع بناء، كل ذلك من أجل التكفل بنفقات معيشته هو و أولاده.

ولكن شق على الطالب التوفيق بين العمل والدراسة ناهيك أن دخل الطالب من العمل لا يكفي للتكفل بثمن الايجار ونفقات المعيشة، فمابلك بقيمة الرسوم الدراسية والتأمين الصحي وغيره من تكاليف الدراسة الأكاديمية.

ومسألة انقطاع التأمين الصحي لمدة طويلة وحدها تسببت في حدوث كوراث كبيرة ومعاناة حقيقية، فهناك العديد من الطلبة او من أهاليهم المرافقين من يعاني امراضاً مُزمنة مثل السكري وغيرها من الأمراض التي يحتاج من يعانيها إلى تناول الدواء بشكل دوري و مستمر. والأدوية غالية الثمن في أمريكا ومن ثم وقف الطالب عاجزا عن شراء الدواء له أو لابنه المريض أو زوجته المصابة.

لقد دفع الطلبة الموفدون للدراسة بالولايات المتحدة الأمريكية ثمنا باهضا نتيجة الصراع المحموم على السلطة، واجتهاد هذا الطرف الذي هو أخ في الوقوف كحجر عثر في طريق الخصم و هو شقيقه و العمل على خلق العراقيل و محاولة تعجيز الخصم بغية إثبات النفس و المقدرة و الظهور بمظهر الطرف الأقوى.

إن الطلبة الليبين الدارسين في أمريكا هم أولادكم وهم من يجتهد ويثابر من أجل حصد أرفع الدرجات العلمية من أحسن جامعات العالم، وهم أمل ليبيا في مستقبل أفضل فلا يصح ولا يستقيم أن ترضوا لابنائكم هكذا مصير أليم.

أن الحكم على طلبة بعدم النجاح بل بالذل والعوز في بلاد الغربة هو اهدار لثروة حقيقة وكارثة ما بعدها كارثة، فهؤلاء هم بُناة ليبيا المستقبل وأدوات التغيير الاجتماعي الحميد المنشود وعامل من أهم عوامل النهضة.

ولا مبالغة في القول أن من يريد الخير لليبيا تراه يريد الخير للطلبة ومن لا يريد الخير للوطن لا و لن يكترث بهم.

إن الطلبة يعدون العدة لاعتصام مفتوح أمام السفارة الليبية بواشنطن دي سي رمز الدولة الليبية، بالتزامن يعتصم الطلبة في كل الولايات ومن هناك سوف يوجه الطلبة نداء استغاثة عاجل للشرفاء والوطنيين حقا ونطلب منهم الدعم والمساعدة في إنقاذ مستقبل الطلبة أولادكم أبناء ليبيا.

الطلبة اليوم عالقون بين ملحقية تم تنصيبها من طرف في النزاع على عجل و لا تملك هذه الملحقية المال اللازم للإنفاق على عملية الايفاد، ومكتب خدمي تم الاستغناء عن خدماته و تمويل عملية الايفاد يتم فقط عبر المكتب من وجهة نظر الطرف الثاني في الصراع نحن كطلبة لا نكترث إلا لما فيه الخير لنا جميعا و للوطن ونريد فقط أن تتم تأمين البعثة الدراسية تأمينا جيدا بحيث يتسنى لنا التركيز على دراستنا و تحقيق الغاية التي من آجلها تم إيفادنا. و لا يجوز بل هو عيب ما بعده عيب أن نكون نحن عيالكم ضحية الصراع على السلطة تماما كما كان مصير الوطن الغالي الذي عبث به الصراع المجنون على السلطة و مزقه شر ممزق.

نسأل الله التوفيق و السداد و نسأله أَن يصل النداء يوم الاعتصام المخلصين و الشرفاء و الرجال حقا من أهل الوطن.

طالب ناشط في الحراك الطلابي