Atwasat

عودة الــ 90 حرامي لحكم المغارة! «مسودة أولى لرأيي في ‫النسخة الرابعة من مسودة الحوار الوطني»

عبدالوهاب قرينقو الإثنين 15 يونيو 2015, 03:34 مساء
عبدالوهاب قرينقو

(1)

كأنهم لا يعرفون ليبيا وشعبها!

منذ أيام فيما كنتُ أقرأ المسودة الرابعة فور نشرها في بوابة الوسط وقبل أن أقرأ ردات الفعل من القنوات والمواقع، وصلتُ إلى ما يُسمى مجلس الدولة فكدتُ أفقد الأمل والقدرة على تحمل الاستهزاء بعقولنا، ناهيك عن احترامنا كأفراد شعب، ولكن ضغطت على الروح القلقة كي أصبر لأرى نهاية المسودة المهزلة التي مؤدى أكثر فقراتها غرابة هذا الكيان المبتكر الذي يتكوّن من 120 عضوًا مع ضرورة أن يكون 90 منهم من أعضاء المؤتمر الوطني العام! (أهل الخبرة والعبقرية والحِنكة السياسية) ليكونوا أوصياء على الحكومة التوافقية ومجلس النواب، أرجو ألا أكون متسرعًا في حكمي على هذا المجلس الاستشاري المريب قبل أن أُتمم قراءة المسودة، هل ثمة رائحة لمتطفلي أتباع ميدان رابعة العدوية فرع ليبيا؟!

(2)

هاتوا 90 من مؤتمر الشعب العام! في ماذا أنتم أفضل؟!

شاهدتُ في اليوم التالي من «نكتة» مجلس الدولة! برنامجًا اسمه حوار التاسعة عبر قناة ليبيا التي تبث على مرمى شارعين من سكني هنا في عمَّان الأردنية، واتفق جميع ضيوف الحوار وهم الأصدقاء الدكتور جمعة عتيقة والقاضي كمال حذيفة والأستاذ فضيل الأمين عضو لجنة الحوار، على أن المسودة في نسختها الرابعة هي المنقذ لعذابات الشعب الليبي ونهاية الاحتراب الداخلي، ونشر السلام والقضاء على الإرهاب وخطوة أولى لقيام الدولة الحُلم وأي اختلافات (بسيطة) بالمسودة سيتم تداركها!

مؤتمر غض الانتباه على سرقة الملايين من مصارف سرت وذهابها بانسياب إلى ما ظهر لاحقًا أنه تنظيم داعش

وثلاثتهم قللوا من خوفنا إزاء مجلس الدولة.. الكيان الغريب الزائد المشبوه وطمأنوا المشاهدين بأنه مجرد جسم استشاري، أي سيمد التشريعي مجلس النواب والتنفيذي الحكومة التوافقية بالرأي السديد والخطوات الناجعة لإدارة البلاد! يا سلام! يا للروعة! 90 من مؤتمر ريكسوس الإكسباير! مؤتمر العزل السياسي التعسفي ككلمة حق أُريدَ بها باطل، مؤتمر النوم والتكاسل عن تفعيل الجيش ودعمه بيد أنه الناشط المتألق في دعم وتقوية الميليشيات - مؤتمر قرار 7 لإهانة مدينة ليبية ينتمي إليها قبليًا ما يُقارب من مليون نسمة ما يُشكل ثقلاً معنويًا ينبغي المحافظة على كسبه وكسب أي نسيج ليبي وأي مدينة ليبية، لا اكتساب عداوته، مؤتمر غض الانتباه على سرقة الملايين من مصارف سرت وذهابها بانسياب إلى ما ظهر لاحقًا أنه تنظيم داعش، مؤتمر دعم من كانوا ثوارًا وصاروا إرهابيين في بنغازي ودرنة يكفرون الديمقراطية ويصفون صناديق الاقتراع بالخبائث، مؤتمر السكوت المطبق على فضيحة تهجير سكان مدن بأسرها كتاورغاء والقواليش وغيرهما، لمجرد عقوبات جماعية أشبه بالتطهير العرقي لم تفرق بين ظالم ومظلوم، وسوف تحصى لتخطئ عن هنَّات وفظائع هذا المؤتمر، 90 سيكوِّنون مع 30 يمثلون بقية شرائح الشعب ما يشبه مجلس شيوخ! ولكن شيوخ مناظر!

في حوار التاسعة، السيد فضيل مثلاً يريد من الجميع أن يفرح بأن مجلس الدولة استشاري، ولن يقرب من التشريع أو التنفيذ، يا أخي الفضيل سنفرح بمجلس دولتكم وحتى بلجنة حواركم ولكن ماذا عن ضرورة 90 عضوًا من المؤتمر الوطني والبقية من فئات الشعب ولماذا لا يكون العكس 90 من كيانات الشعب و30 من المؤتمر منتهي الصلاحية؟! لا أريد إجابة ولكن هل الحوار للحل أم لجبر خواطر؟!

يا صديقي الشاعر لدينا كشعب ألف بديل والشعب الليبي منتبه ولا مجال للمؤتمر الوطني في صورته الإخوانجية والمقاتلية والداعشية

ويا دكتور جمعة عتيقة تقول إن من يعترض ليس لديه بديل! لا يا صديقي الشاعر لدينا كشعب ألف بديل والشعب الليبي منتبه ولا مجال للمؤتمر الوطني في صورته الإخوانجية والمقاتلية والداعشية أن يعلم مجلس نوابنا المنتخب وحتى حكومتنا التوافقية إن أقرها الشعب كيف يحكمون الحديث يطول ولكن فلنتخيل:

في 2011 ماذا لو فرض علينا المجتمع الدولي أن إضافة إلى المجلس الانتقالي برئاسة سيادة المستشار مصطفى عبدالجليل والمكتب التنفيذي برئاسة الدكتور محمود جبريل مقترحًا بابتداع مجلس دولة تكون عضويته 90 من مؤتمر الشعب العام! (برلمان النظام السابق)، إضافة إلى 30 من فئات وفعاليات الشعب الغلبان، آنذاك! فهل كنا نرضى؟! هل كنتم لترضوا بالمقترح؟! يا مؤتمر ريكسوس الذي انتهت صلاحيته، فلتعلموا بكتلة تحالفكم الوطني قبل كتلة إخوانجيتكم ومقاتليتكم وجبهة إنقاذكم المنهكة إننا ننظر إليكم مثلما كنا وكنتم لنتعامل مع فكرة عودة مؤتمر الشعب العام بل ربما أسوأ. فليتكم تحفظون ماء وجهكم وترحلون!

(3)

مجلس الدولة مقره بنغازي! لِمَ لا؟!

بعد أن قرأتُ المسودة الرابعة كاملةً لفت انتباهي أولاً لماذا مجلس النواب حسب الفقرات يمكن لهُ أن يبقى قليلاً خارج العاصمة طرابلس! فيما مجلس الدولة ثمة إلحاح حد الفرض أن يكون في العاصمة بشكل صارم؟! المنطقي أكثر هو الإصرار على أن تكون الحكومة ومجلس النواب في طرابلس لا العكس!

وفيما كنتُ أتنزه بين الآراء والأفكار العصماء التي تدافع عن المسودة المريبة المثيرة للجدل فاجأني رأي أو مقترح تعجيزي ساخر ينقله عبر صفحتي الخاصة «إيهاب الهوني» عن صديقه «ثامر الهدار» ربما من شأنه لو طرح بشكل جدي أن يُحرج جهابذة السياسة والقانون والحرية والنضال، يُخاطبني الهوني بمقترح صديقه ثامر فيقول: (سيدي الفاضل أنا مع المسودة ولكن بشرط أو تعديل بسيط جدًا وهو أن ينتقل مجلس الدولة إلى بنغازي والبرلمان والحكومة إلى طرابلس)!

أضم صوتي لمقترح «الهدار» لنرى عناصر مجلس شيوخنا الدهاة ذوي الحنكة السياسية كيف يشيرون ويستشارون من بنغازي المُتحررة قريبًا من هيمنة التطرف! فكرة قوتها في بساطتها وإحراجها في صدقها وصدقها في اختبارها الحقيقي للنوايا.

(4)

التفاف آخر على الجيش

المسودة عمومًا تضع حلولاً ناجعة للأزمة الجميع كان ينادي بها وعلاوةً على فقرة مجلس الدولة المثيرة للجدل ثمة نقاط رخوة أخرى، منها ما يتعلق بالجيش ونقطة ضم الثوار المسلحين والتي ممكن جدًا تعود بنا للمربع الأول للأزمة، ففي حين تقترح المسودة تطعيم الجيش المُشتت بمئات الآلاف من فئة (الثوار المدنيين) لم تتم الإشارة إلى وجوب الانضمام بشكل فردي وليس مجموعاتي ميليشياوي! سيقولون إن ذلك يأتي في التفاصيل، ولكنها قد تكون خدعة بيد أن بعض المسائل لا تستحق التفاصيل تم تفصيلها وتفتيتها في المسودة، لا سيما التي تتعلق بضمانات نصيب مؤتمر ريكسوس من الكعكة، أيضًا كانوا على قدر من التفاصيل في فقرة تحذير العسكريين من التدخل في الشؤون السياسية وحتى الظهور في وسائل الإعلام! وكأن ضم الثوار عنوةً وبشكل فوضوي أو انتقائي ليس بتدخل مدني في شؤون عسكرية مهنية فنية.

بعض المسائل لا تستحق التفاصيل تم تفصيلها وتفتيتها في المسودة، لا سيما التي تتعلق بضمانات نصيب مؤتمر ريكسوس من الكعكة

لم ينسَ الليبيون ولن ينسوا سنة 2011 حين كان الالتفاف الأول حين أثبطت خطة المجلس التنفيذي بنشر الجيش الليبي في العاصمة، ومن ثم بقية المدن ولا يخفى عن أحد الدور القطري وأدواته في ليبيا! واليوم يُراد للجيش الليبي أن يتم تفتيته أكثر فأكثر حتى يتلاشى فيجدوا المُبرر لتشكيل حرسهم الثوري أو الوطني أو الأيديولوجي.

إن من أكثر الأمور الخطيرة التي لا يجب إغفالها أن الجيش لا يُفعل بميليشيات بل بأفراد يتم تحويلهم عبر برامج وتدريبات مهنية صارمة من ستة أشهر إلى عامين في مؤسسات تعليمية في الداخل والخارج ثم يوزعون على معسكرات ليبيا ووحداتها حسب متطلبات الملاك، ووفقًا لعلوم ونُظم ولوائح الإدارة العسكرية في التنظيم والإدارة المعمول بها في كل جيوش العالم، وليس وحدات خاصة بكل مدينة أو قبيلة أو أيديولوجيا! وفي هذا السياق لا أعتقد أن ثمة خبيرًا عسكريًا حضر كتابة هذه المسودة أو شاركَ في الحوار، ربما على خلفية لا يحق للعسكريين الخوض في السياسة!

(5)

الوثيقة المهزوزة

وأنا أنهي آخر اشتغالاتي على هذا المقال لاحظتُ عبر شخصيات مهدهدة ومداهنة وداعية للمسودة، أنهم تخلوا عن تسميتها كذلك، بل صاروا يدلعونها بالـ(وثيقة) لم يصبروا حتى الإقرار النهائي بعد اجتماع مجلس النواب ثم اجتماع برلين! وقد تناسوا كثرة الهنات القانونية التي وقع فيها واضعو المسودة المريبة، ولنطلع هنا على أغرب الأغلاط والتي توّصفها الحقوقية الأستاذة «عزة المقهور» بالخطيرة:

(سأحتفظ بملاحظاتي حول المسودة الرابعة للاتفاق السياسي لإبدائها لاحقًا، لكن أخطر نص على الإطلاق فيها هو نص المادة 18 منه والذي يقول «يستمر عمل مجلس النواب (المكتمل) وفقًا للمادة 16 من هذا الاتفاق، لحين انتهاء ولاية حكومة الوفاق الوطني أو انعقاد الجلسة الأولى للسلطة التشريعية وفقًا للدستور الليبي، أيهما أقرب»، بينما المادة 16 تنص على أن «يعقد مجلس النواب بعد التحاق من يرغب من النواب المقاطعين جلسة تخصص للنظر في القضايا التالية» إذا كان حضور الأعضاء المقاطعين طواعية دون إلزام وبناءً «على رغبتهم»، فكيف يكتمل مجلس النواب إذا؟ وكيف يستمر بالتالي؟ من أين يأتون بهذه النصوص، وإلى أين يأخذوننا بها؟

ما دامت المسودة مطروحة للنقاش لماذا لا نناقشها ونتجادل ونقرها أو لا نقرها؟ لماذا هذه الهالة من القدسية والإجبار

أثمن عاليًا جهود الأستاذة عزة والدكتورة أم العز الفارسي والأصدقاء الكتّاب أحمد الفيتوري وعلي الفلاح والدكتور العربي الورفلي والأستاذ عبدالحكيم فنوش، والدكتور صالح الحاراتي وغيرهم الكثير من الكتاب والمثقفين والحقوقيين والمدونين الذين انتبهوا لخطر تمرير هذه المسودة ومع احترامي للرأي الآخر.. ولكن ما دامت المسودة مطروحة للنقاش لماذا لا نناقشها ونتجادل ونقرها أو لا نقرها؟ لماذا هذه الهالة من القدسية والإجبار التي شُنت كحملة عبر أطياف مختلفة منهم أصدقاء محسوبون على التيار الوطني المدني!.. ما الذي يحدث؟ هل هو الخوف والرضا بأفضل السيئ؟ أم أنه في الأمر خدعة لم تدركها عقولنا المنتمية لقلوبنا المُحبة؟

(6)

ختامًا لن تسرقوا أحلامنا أكثر!

الصخيرات مجموعة من الصخور الصغيرة والصخر في كل حالاته دلالة على الصلابة، ويبدو أن أتباع التأسلم السياسي والعجرفة الميليشياوية الجهوية من بقايا مؤتمر ريكسوس الإكسباير، الساقط من حسابات كل الليبيين المحترمين يبست رؤوسهم وتصخرت في الصخيرات فأعلنوا عبر مقترحهم الغبي بمجلس دولة يكونون سادته رغبتهم وسيل لعابهم طمعًا في الكراسي والمناصب و«الفلوس» ليبيا لن تعدم رجالاً ونساءً أكفاء من خارج قائمتكم الـ 90 الساقطة أو حتى لا داعي لوجود مثل هذا الكيان السياسي الثقيل والزائد عن الحاجة ولتعلموا جميعًا لن تكون الصخيرات طائف ليبيا، ولن تسقط ليبيا في فخ المحاصصة اللبنانية.

اغربوا عن وجه البلاد قبل أن ينفد صبر الشعب المكلوم وقد سرقتم ثورته.