Atwasat

إثبات حالة

سليمان عوض الفيتوري الجمعة 05 ديسمبر 2014, 01:36 مساء
سليمان عوض الفيتوري

لحاها الله أنباءً توالت، اليوم عاشوراء، الكبتي ينعي الأديب امحمد الوحيشي، أول ضحايا توقّف قسم الكلى، وعبر الهاتف، يقول ابني: عمه سالم شقيقي، وصل تونس فالمستشفيات للجرحى، وأن عمته شقيقتي، أخرجوا من ديارهم بشارع فينيسيا بسلاح أنصار الشريعة، وأن خاله هشام الشريف وحرمه نقلهم الهلال الأحمر من شارع العقيب إلى شقيقته في ضاحية آمنة، أما وحيده فقد انضم إلى 1000 طبيب ليبي في بريطانيا، وأما أسباطي فقد التحقوا بالدراسة في تركيا تاركين سياراتيهما، ومثلهم وصلوا طرابلس عند أعمامهم تاركين حقائب الدراسة ودراجاتهم، ولم يبق في الحي مجاورين، سوى القناصة مستبيحين الأسطح بما في ذلك خلف بيتنا؛ مما جعل الجيش يكثف رمايته عن ماسورة السطح والأمطار إلى زجاج النوافذ العلوية، ونقل ابني أسرته إلى أخوالهم بدل الروضة بعيدًا عن (بلعون)، وظلت كثافة الاشتباكات ليلتين طالت المأرب، ويبدو أن القناص اكتفى بتفريغ الذخيرة التي لم تدخله الجنة، فتحول ببندقيته والأسطح على حسابه، ليمكنّا من التقاط الشظايا وإطلاقات 14 ونص.

* وكان للضرورة أن أتطلّع ظهر الجمعة 14 نوفمبر، حيث تتمركز ثلة من الجيش، لم يستريبوا، عرضوا علي خبزًا مشكورين، عدّت في شوق إلى خيال على مقربة، ليقول: أنا وائل العنيزي جئت راجلاً أتفقد بيتنا، ووالدي طريح الفراش وصل تونس، كانت ساعة النداء للصلاة هادئة، لربما الإمام هو القناص.

والأحد 16 نوفمبر الجرس مع طلوع الشمس، أنا الغفير المصري جاركم، لأطمئن عليكم، وهنا ملاحظتان أولاهما: التفجير المدوي تحت الجسر مقابل كلية الطب 1/11/2014 ، شبه تفجير المحكمة الابتدائية، هز المنطقة زجاجًا وأبوابًا وأسقفًا وأعتابًا؛ مما دفع بالبعض إلى المغادرة كإعلان حرب للاستيلاء على البلاد إسلاميًا، وحتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

* الملاحظة الثانية: الغفير لمبنى أرضي مسكنين، اشتراه مهندس كان بالمرافق من ورثة علي بكّار وقد عرضه للبيع بما يلفت الانتباه، ويقدّر بثلاثة ملايين، لكن (الكرامة) على ما يظهر حالت دون بيع الوطن، عبارة بعنوان (وين دولة القانون): (يتوجّب على محرري العقود عدم الوقوع في المحظور لا من حيث الرقم الوطني، بل هناك أموال وافدة ناهيك عن تسعيرة القانون 116/72 بحظر المضاربة).

وأضيف الآن حالة الحرب، جعلت مونتجومري يصدر منشوره رقم 8 في 11/11/1942 بحظر التصرف في العقارات دون موافقة المستشار القانوني، ومن هنا يتوجّب على الحكومة عدم الاعتداد بالتصرفات ما بعد 17/2/2011 ، مالم تثبت براءتها قانونًا، بما في ذلك التعريف بكتيبات العائلة المعلن عن تزييف العديد منها، ولست في حاجة إلى التذكير بأن أثرياء بني صهيون اشتروا من الفلسطينيين بعشرات الأضعاف.

* ولندع عدد المهاجرين والنازحين فالإحصائية عند المفوضية الخاصة للّاجئين، وأدعوهم إلى العودة للخيام مع نازحي تاورغاء المسكوت عنهم دوليًا، غير أن خبرًا في تسجيله مغزى، هو:
فرار القرود من حديقة الجلاء، شطر مطار الأبرق، أراها تحاكي المتذمّر من اللجان الثورية قائلاً: (حلال الجلاء يا ناس من بنغازي).

* وبعد، مدلول إثبات الحالة، دعوى مستعجلة وقبل الخصومة بافتراض المدّعي له الشخصية الاعتبارية، بمقتضى قرار الأمم المتحدة في 21/11/1949 بصرف النظر عن تعريف الدولة بأنها: شعب وإقليم، فالبيت الخالي من السكان، هل في دخوله انتهاك لحرمته؟، ولو به غفير مصري كالذي ينتظر مشترٍ عن طريق الدوحة، (وفي وطنكم يحسن الله عزاكم) واختصارًا يمكن القول: إن الكرامة دفاع عن الهوية والوجود، قتال كتب علينا وهو كره لنا.

بين الواقع والمجاز
القضية غزو شأن الكويت، لكن صدام حسين اقتلعه التحالف، في حين الشعب الليبي يواجه ثلاث دول إرهابية بدعوى استرجاع الخلافة، في هدفها البعيد إفراغ الإسلام من مقاصده وحاليًا الاستيلاء على الثروة، وتقسيم ليبيا، الذي سيجر تقسيمات أخر، أسوأها، لولا (السيسي)، لحلّ بأرض الكنانة ما جرّه الإرهاب على بلدان العرب المنكوبة إرهابيًا.

والموقف الدولي هو المسئول، فمصدر السلاح غربي شرقي، لا ينفع إلا لإفناء العرب الخارجين عن طور الأمم التي نأت عن التعصب، فسادت العالم، هذا العالم تمثّله الأمم المتحدة وقرارها الأخير، حافز على هذه السطور، فهو اعتراف بالدولة الليبية، باعتبارها نشأت من رحمها، فالقرار صريح وواضح، يؤكد الانتماء الدولي، وبالعزم على الحضانة، وبإدانة الغزو الإرهابي بشمولية أنصار الشريعة ومناصريهم.

والفصل السابع: (يلزم مجلس الأمن التدخّل في الشؤون الداخلية للأعضاء، تنفيذًا لقراراتها، متى ما اقتضت الضرورة ذلك).
والويل لنا إن لم نعد الكرّة مع الناتو، لئلا يقاتل وحده ونحن هاهنا قاعدون، وفي طياته توظيف الكرامة باسم الدولة سندًا له ضد الإرهاب.

وماذا عن حراك الشعب الليبي في مواجهة الغزو الثلاثي، في حدود القوانين والشريعة، فالإرهاب مكافحته فرض عين، وفي ما هو جرائم فردية، الشريك بالمساعدة أو التحريض، له عقوبة الفاعل الأصلي، واستطرادًا، الغزو الثلاثي 1956 على مصر تحالف بريطاني فرنسي إسرائيلي، إيدن، جيموليه، بنغوريون، أحبطه الرئيس آيزنهاور، فهل من خليفة له؟

* دور الشعب
وددت لو تحرّك المهاجرون اعتصامًا على عتبة البيت الأبيض مناشدين الكونغرس عن حقوق الإنسان بمناسبة عيد الحب الماضي، 14/2 مقالة بعنوان (قدرك كبير يا ليبيا) على ليبيا المستقبل، غير أن المستجد يحتم عليهم مؤازرة أولياء الدم ثأرًا من الإرهاب الدولي المتمثل في الدول الثلاث وهي:

العدو الأول : قطر
كل قطرة دم من 17 فبراير 2011 سفحت اغتيالاً أو تفجيرًا إرهابًا ودمارًا، تلطّخ أيديهم، إنهم يموّلون الإرهاب علنًا، فبعد انعتاق مصر في 30/6/2013 آزروا فلول أعدائها، إخوانًا ومتطرفين في ليبيا، نكاية في فتوى الأزهر، وخروجًا عن ميثاق الجامعة العربية، فما عليهم، ما دامت أطماع الغرب تلعق سخاءً مقدرات العروبة البائسة، فما تقاضاه ديفيد كاميرون، سحت وزقوم يا للعار، صفقات مباشرة مع الأمير القطري، تستر رشاوى (الفيفا) وامتهان العمالة، وهذا ضئيل قياسًا على تمويل الإرهاب، هذا الإرهاب عما قريب، لا كما هو المشهد، وإنما غازات سامة. * والدهر قلّب، فقد تعرّضت لندن منتصف القرن 17 للطاعون ليعقبه الحريق الذي دمر معظم المدينة، وما قاذفات هتلر ببعيد، أما الإرهاب الذي يهدد مبتزي ثروة الشعوب البائسة فله بذرة في طوكيو 1995 عندما استهدفت مترو الأنفاق أكياس بلاستيكية مملوءة بغاز الأعصاب، وأقول لا يتورّع في استعماله الإرهاب، هذه ليست نبوءة وإنما استقراء للتاريخ، بعد بيرل هاربر، و11سبتمبر أبراج منهاتن، (ومن أعان ظالمًا على ظلمه سلّطه الله عليه).

* معنى الكلام تأييد الإرهاب في شخص أمير قطر ضد ليبيا: إعلان حرب، أما قطع جذور الإرهاب، فهو في تدويل البترول (العربي) المنهوب وفي تدويل القدس أيضًا.

* وعلى الفدائيين وبالذات المهاجرين لجوءًا، الأخذ بالثأر كواجب وطني وديني، يتعدى رفع الدعاوى القضائية إلى الأسلوب الانتحاري اغتيالاً وتفجيرًا مثل اعتداءاتهم على بنغازي، وحتى تعترف الدوحة وتتحمل تبعة ما حل بليبيا منذ الإعلان الدستوري الموقّع من رئيس المجلس الذي استدعته والناطق باسمه فاستجابا، والطلب الملح: هو تسليم دكتور علي الصلابي المكلّف بدور راسبوتين، فلم يقدّر له تحرير عقد قران المعتصم القذافي على ابنة اخته الشيخة موزة (من الرضاعة)، فقد رضع الإرهاب، يصول ويجول، على مرأى من الإنتربول.

العدو الثاني : تركيا
عضو الحلف الأطلسي، مطلوب من المقيمين في الخارج إقامة الدعاوى على ما لحق ليبيا من تفكك وفتن، بل تأييد المتطرفين للعمل على إعادة الخلافة، مع الإسلاميين حتى ولو اعتنقوا الإرهاب، فلابد من مخاطبة الأطلسي لتحديد موقفه من الضلوع الرسمي في الاعتداء على عضو في الأمم المتحدة، ابتغاء دمارها، طمعًا في أن تحل بها كدولة للخلافة ذات التاريخ المخجل مع العرب وغيرهم (بعنوان حماس وما أدراكها)، عن الخلافة، موقع ليبيا المستقبل، وباعتبارها دولة عريقة في الإرهاب متسلطة على الأقليات مثل أوجلان وقومه، والتركمان، وإبادة الأرمن، وهناك وثائق يمكن البحث عنها في بنغازي ممن كانوا حتى مجيء القذافي، منهم شفيق خزام وآل كريكوريان و ترزيبيشان وآرماندو، هذه تركيا ينبغي مقاطعتها مالم تكف عن بأسها وتعترف بجريمتها وتعوّض ليبيا عن الأضرار التي ألحقتها بها قديمًا وحديثًا.

العدو الثالث: السودان
نذكّر عمر البشير أن القذافي، حال سماعه باجتماع المعارضة، فقذفهم جوًا، لينهار حكم جعفر النميري، ولا يختلف البشير عن جون فيديل بوكاسا، وبقية من اشتراهم القذافي، وعلى ذلك فهو من مخلفاته التي تباع علنًا، وعلى حكومة الثني حصر وتجميع السودانيين في ليبيا، والشروع في بيعهم، ثمنًا لعلاج جرحى السلاح الذي زوّد به الإرهاب، والبشير وعصاه معه للبيع، سيشتريه أوكامبو، وتقديرًا له سيحظى بخصم 20%، وعليه عتقه حتى يدخله قفص الاتهام، ولا يستغربن أحدكم فالرقيق أقره الإسلام لتنمية الاقتصاد وغير ذلك، أما إبراهام لنكولن، تحريره محل نظر في أفريقيا السوداء، التي جنت عليها بلاده حسدًا للمستعمرين الأوروبيين، فهم يلعنونها مهاجرين شوقًا إلى من يشتريهم بخسًا من البيض.

مجمل القول: على الضمير العالمي، ممثلاً في المنظمات الدولية، والاتحاد الأوروبي، أن ينهضوا في مواجهة أمريكا، الغانية اللعوب، والوصف من تشرشل، من أجل حقوق الإنسان والسلم العالمي.

فكفى استخفافًا بالعالم الثالث، والقرار باعتبار أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة منظمة إرهابية، فهذا معروف، ينسحب بالضرورة على من يمدهم بالمال والسلاح والمعلومات والأبواق، وما تجرأ الأعداء الثلاثة على فعائلهم تلك، إلا اعتمادًا على مرضاة سياسة البنتاغون واستخباراته المتقلبة، وعما قريب ستفضحهم تسريبات عن صفقات قطر وغيرها، والأتراك ميولهم الإسلامي معادٍ للسامية سينقلب وبالاً عليهم والسودان سيلحق بالصومال.

وتنفيذ القرار إن لم يباشر الأطلسي مهامه على الأرض بجمع السلاح، حقنًا للدماء فلا أقل من تمكين الجيش الليبي من حوامات (أباتشي) ومعلومات فضائية، وبطبيعة الحال تحذير هؤلاء وغيرهم من أن يكونوا طرفًا إرهابيًا مستهدفًا، وهذا من واجبه، كما على البرلمان الاعتذار بل استنكار ما فاه به محمود جبريل بوصفهم بالمرتزقة، والتعهد بتغطية كل النفقات، سابقًا ولاحقًا، والعمل على ضم ليبيا إلى هذا الحلف المقدس، والويل كل الويل للإرهاب، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

بنغازي في 1/12/2014