Atwasat

الفقه القانوني يسبق حكم المحكمة العليا

فاطمة الحمروش الأربعاء 05 نوفمبر 2014, 09:48 مساء
فاطمة الحمروش

الكثيرون في انتظار جلسة الغد للمحكمة العليا الليبية بخصوص النطق في الحكم، بالدعوى المرفوعة من بعض النواب المقاطعين لجلساته بعدم دستورية انعقاد البرلمان؛ لمخالفته للإعلان الدستوري فيما يتعلّق ببعض الإجراءات الشكلية.

يقول الفقه القانوني في هذه المسألة إنَّ أمام المحكمة العليا خيارين:

الأول يسير في اتجاه الحكم بشرعية انعقاد البرلمان بمدينة طبرق، ويؤسّس أنصار هذا الرأي فيما ذهبوا إليه إلى أنّ المخالفة الشكلية التي حصلت بعدم التسليم والاستلام ومكان الانعقاد ليست من قواعد النظام العام الذي يترتّب على مخالفتها البطلان، ولا سيّما أنّ شرعية البرلمان مصدرها نتائج الانتخابات البرلمانية، وليس محاضر التسليم والاستلام، والتي في العادة تُعهد للعمل الإداري الذي يقوم به ديوان رئاسة المؤتمر الوطني وديوان البرلمان الجديد.
هذا بالإضافة إلى أنّ هذه الإجراءات الشكليّة لا تؤثِّر ولا تُنقص من السلطة التشريعية للبرلمان الذي اتّخذ بصلاحياتها جملةً من القرارات ذات الطابع الإداري والتشريعي.

أما أنصار الاتجاه الثاني فقد ذهبوا إلى أنّ المحكمة العليا سوف تحكم بشرعية انعقاد البرلمان حتى مع مخالفة الإجراءات الشكلية في التسليم والاستلام، استنادًا إلى نظرية القوة القاهرة التي تعرفها نصوص القانون الليبي، وبنت عليها المحكمة العليا الكثير من أحكامها في الماضي.

ويؤسس هذا الاتجاه رأيه على أنّ الحروب والصراعات المسلّحة تحول أحيانًا بين السلطة التشريعية وبين اكتمال الإجراءات الشكلية التي تتطلبها القوانين في الظروف العادية، إذ أنَّ الغاية من هذه الإجراءات الشكلية هي التنظيم الإداري وإظهار الجانب الشكلي لإجراء قانوني لا يستمد شرعيته من الشكليات. وبما أنَّ هذه الغاية ليست متوفّرة طالما حالت القوة القاهرة دون تنفيذها، فإن أنصار هذا الاتجاه يرون أنَّ حكم المحكمة العليا بشرعية انعقاد البرلمان سوف يكون مشروطًا بالتزام الجانب الشكلي فور انتهاء ظرف القوة القاهرة، وغنيٌ عن البيان أنّ بسط الأمن والأمان في بنغازي وطرابلس يعتبر انتهاءً لحالة القوة القاهرة، وبالتالي انتهاء للأحكام الاستثنائية التي تأسّست عليها (الأحكام تدور وجودًا وعدمًا مع مسبباتها)، وبالتالي فإنَّ الفقه القانوني يرى في حكم المحكمة العليا ليوم الغد مقررًا لشرعية البرلمان ومن ثَمَّ قراراته.

ومما ورد أعلاه، فإن كلا الاتجاهين يتفق في حقيقة أنه لا توجد أسانيد في كافة الدساتير والقوانين تؤيِّد الحكم ببطلان انعقاد جلسات البرلمان لمجرد مخالفة إجراءات شكلية فُرِضَت نتيجة القوة القاهرة.