Atwasat

هل يستحق الوطن كل هذا؟

محمد عبعوب الخميس 06 فبراير 2014, 07:23 مساء
محمد عبعوب

على الرغم من الإرهاب الذي يحصد يوميًا الأرواح في بلدي شرقًا وغربًا، وعلى الرغم من سيل الدماء الذي يهدر في أكثر من منطقة، وعلى الرغم من تصاعد التهديدات، وقطع الطرق، وقفل مصادر الطاقة، ومصادرة الأرزاق، وفتح أبواب هذا الوطن لكل أفَّاق مرتزق، على الرغم من كل ذلك، ألوح لكم، أبناء وطني يا ممن أعمت القوة الغاشمة وأوهامها عيونكم وعطلت عقولكم، بغصن الزيتون مناشداً ضمائركم أن تمنحوا أنفسكم ووطنكم لحظة سلام، تستعيدون فيها أنفاسكم وتراجعون فيها عقولكم، وتجربون السلام والحوار، ولو لأيام معدودة، علّكم تدركون روعته وتستطعمون عذوبته وتختارونه طريقًا جديداً للحياة وحل كل خلافاتكم.

بني وطني، يا من تدعون أنكم لا ترضون بغيره بديلاً، وتقدمون أرواحكم فداء له، فيما تمارسون في حقه أبشع الجرائم وأحطها وأخطرها. لقد أوصلتم ليبيا إلى هاوية الاندثار والزوال باندفاعكم وراء خيار القوة والعنف لتحقيق مطالبكم، وكأن كل السبل قد سدت في وجوهكم لتحقيق مطالبكم، ولم يعد هناك مشترك يجمعكم، وتحولتم إلى قطيع ضباع تتناهش جثة هذا الوطن، كلٌ يريد احتكارها لنفسه.

ما أزهقتموه أيها السادة من أرواح، بعد إطاحة النظام، وما أهرقتموه من الدماء، وما دمرتموه ، يوازي ويفوق، ما ضيعه القذافي وبدده طيلة 42 سنة من حكمه!

ما أزهقتموه أيها السادة من أرواح، بعد إطاحة النظام، وما أهرقتموه من الدماء، وما دمرتموه من مرافق وبنيات تحتية ومساحات خضراء، وما بددتموه من موارد، من أجل مطالب وهمية وأطماع فردية وأحلام أسطورية، يوازي ويفوق، في بعض الميادين، ما ضيعه القذافي وبدده طيلة 42 سنة من حكمه!

قفوا للحظة أيها الليبيون، من كل الأطياف السياسية والعرقية والقبلية، وتأملوا ما اقترفته أيديكم في حق هذا الوطن.

أين الأمن والأمان؟ ألستم، أنتم وأبناءكم، من يمارس الإرهاب والخطف والسلب والنهب والابتزاز والسرقة بالإكراه وتحت تهديد السلاح؟ ألستم أنتم من يستنزف موارد البلاد بتقاضيه لأكثر من راتب، بل البعض يتقاضى عشرات المرتبات وهو نائم في بيته؟ ألستم أنتم من يعمل لصالح دول أجنبية وينفذ أجندتها لتمزيق هذا الوطن تحت لافتات سياسية وأجندات عرقية مقيتة لم نعرفها قبل ذلك اليوم الذي تدفعوننا إلى الكفر به ولعنه؟ ألستم أنتم من يحتل الموانئ والحقول النفطية ويقطع عنّا مصدر الرزق الوحيد، بل ذهبتم إلى حد قطع إمدادات الطاقة عن محطات توليد الكهرباء لتحولوا حياتنا إلى ظلام دامس!

عشرات الأسئلة التي تدينكم، أيها السادة، وتحملكم، وأنا منكم، مسؤولية ما سيحل بنا. والسؤال الأخير الذي يلخص كل هذه الأسئلة هو: هل يستحق هذا الوطن منكم، أيها السادة، كل الذي تقترفونه في حقه من جرائم، المتضرر الوحيد منها، في نهاية المطاف، هو أنتم، دون غيركم، دون غيركم، دون غيركم، ممن تعولون عليهم من أحزاب وتنظيمات سياسية وعرقية ودينية، لا ترى في ليبيا إلا خزينة تفيض بالمال السائب الذي يجب الاستيلاء عليه!