Atwasat

الشكري بطـلًا قبل المداولة

محمد المغبوب الخميس 11 يناير 2018, 12:12 صباحا
محمد المغبوب

لم يكن محمد الشكري الوحيد والفريد الذي لَمَّ بكلِ علوم الاقتصاد والمالية حتى أنه ليس دكتورًا تخرج من جامعة هارفارد أو كامبريدج أو السربون على سبيل المثال، كما أنه ليس الوحيد الذي يهمه الوطن ويسمع أنات المتعبين وآهات النسوة عند عتبات المصارف ،ولا هو بالذي يملك قلمًا سحريًا من ذهب حين يمهر به توقيع قرار له يصير نافذًا وبنسبةٍ سحرية، هي واحد فاصلة ستة التي خلق الله بها كل شىء فأحسن خلقه ،وهذا من باب الحطِّ بقدر الناس وبقدراتهم كي لا أثير حفيظة أحد فكل (الليبيين باهيين) وملاح كثير، وكل منا أكثر من مهنة يمارسها ويتـقن جودتها فأنا هنا لا أمدحه بقدر ما لا أنقص من قدرته على ممارسة وظيفة محافظ لبنك ليبيا المركزي يعمل بالقانون ووفق اللوائح، مع علمي بأن أدوات الضغط العالي كثيرة منها قوى حاقدة ومنها الطامعة ومنها لإثبات أنها السوبر مان ،أو هو فتى أبوحيان التوحيدى ماوكلي وكلها قوى تضرب في الأرض ولا تستريح حتى أيام العطلات الرسمية، أو الأعياد الدينية حيث ينصرف غيرهم إلى إرتداء الزي التركي والساعة والخاتم في القلم يتباهون وهم في المساجد، بمظاهرهم وفي الشوارع بسياراتهم وفي بيوتهم بالرفاهية والسلاح.

خارج نطاق الضغط العالي يمكن إصدار القرارات واللوائح المنفذة لها بخطوتين عن الضغط القبلي والجهوي والأسري والزمالة والصداقة والنساء أحيانًا حيث الجميع أمام القانون سواسية.

محمد الشكري موظف عام بمرتب ميتين دينار ثم وصل إلى ثلاثة أو أربعة مع بعض الفكة من مجالس إدارية وجمعيات عمومية ربما ومثله كثرهنا وهناك وما بين هذا وذاك.

لكن الشكري امتهن عمل المصارف بعد شهادة جامعية من بنغازي وترقى حتى وصل نائبًا للمحافظ بعد أن كان رئيسًا ومديرًا لمصرف الجمهورية وبعد عمله في المصرف الخارجي.

هو ليس الفريد والوحيد لكنه ،أحد الأسماء التي يمكن طرحها ليفوز باختيار النواب محافظًا للبنك المركزي.

وقد كان.
فقد أصدر البرلمان المنتهية ولايته والذي يعمل ضمن الوفاق السياسي وله الشرعية في إصدار قرارات تهم الدولة، أو تتماشى مع مصالح الناس في المدن والقرى بل حتى مع البلاد المجاورة والقصية أيضًا في وقت فراغ الكرسي والحديث حول جالسه كان قرار الشكري بنسبة أربعة وخمسين صوتًا مكنت له من أن يصير محافظًا وقد أعلن عن حزمة اقتراحات مجدية وجدها الذي عنده علم بالمال أنها صائبة ولها جدوى جيدة لتحل المسائل العالقة في الشارع الليبي الذي يئن تحت وطاة حزمة كبيرة من المشاكل، أثقلت كاهله وسوّدت الحال في عيونه وولدت له مشاكل أخرى فيما لو اتحدت مع بعضها لصارت أزمة معيشية تجر معها مشاكل مش كويسة خالص.

على هذا النحو لم يكن المجلس الأعلى للدولة في حاجة إلى رفض القرار بوضع العصا في دولاب المصرف المركزي، سواء كان الاسم المرشح محمد الشكري أوغيره في حين أن المماحكات بين البرلمان وبين الأعلى لا تصب في صالح الناس ولا ترفع معاناتهم عنهم وأي منهما لا يبدو للجميع حرصه على تحسين حال الناس بل كأن الأعلى يقف كنيرون في أعلى ضفة يستمتع بحريق يشب في قلوب الناس حيث لم يعد في وسع الجميع الوقوف في طوابير المصارف ومحطات الوقود وتحت المصابيح المعتمة وأمام الأسواق يفترشون قهرهم وينفثون غصتهم يسمعون ما لا يطيب لهم سماعه من كلام أبصر كيف وبين حين وآخر وسط لعلعة السلاح وتحت سحب الخوف.

لا أحد من الهياكل الرسمية بأسماء عدة يمكن كسب الشارع لها حين يصل الأمر إلى معاش يومهم وهو فقير جدًا.

الملفت للنظر أن رفض القرار أو طلب التفاهم عليه وفق آلية جديدة بدا وكأنه القرار الوحيد الذي أصدره البرلمان ورفضه المجلس الأعلى خاصة أن البعض يشي بأن كله وأجمعه في يد رئيسه يتحكم فيه كيفما شاء، وهذا أمر ليس في صالح الرئيس وليس من السياسة والكياسة ورشد العمل، أن يقف أي أحد ضد مصالح الناس وعلى وجه أخص حين يتعلق الأمر بالكرامة وناموس الناس، ومن جهة مقابلة، أن لا أحد بقادر على إلغاء شعورنا بعيشنا في بلاد ثرية وأرض شاسعة وشعب قليل العدد لا يمكن أن يقنعنا أحد بضرورة افتقارنا، وحتمية مكابداتنا لشظف العيش وضنك الحياة وحدوث ذلك إنما يتم بفعل فاعل حاقد وكاره وحسود كبير.

هكذا يكون الشكري بطلًا في عيون الناس حين تلا باقة اقتراحاته، وهكذا يكون المجلس الأعلى صغيرًا في عيون المجتمع بسبب حالة سائدة وأنه لمن مصلحة الأعلى أنه وبناءً على اعتبارات عدة أهمها المصلحة الوطنية ضرورة وسرعة الموافقة على القرار إبداءً لحسن النوايا وخدمة للمجتمع، بالموافقة على الشكري الذي خرج علينا يمنّينا بحل مشاكلنا في السيولة وسعر الصرف والمحروقات والسلع الاستهلاكية وغيرها وحين يفشل لعدم قدرته،هو يكون الأعلى مصيبًا ونكون نحن أمام البنك المركزي نطيح بحمد الشكري من على كرسيه وننادي باسم آخر في بلاد مليئة بالقدرات والكفاءات نبني بلدًا ونقيم صرحًا لنا لا يهدمه طامع ولا ينال منه هرواك.