Atwasat

حلقة مفرغة!؟

صالح الحاراتي الإثنين 16 أكتوبر 2017, 10:44 صباحا
صالح الحاراتي

الحلقة المفرغة في تعريفها المبسّط وبغض النظر عن مكان استعمالها هي عبارة عن مجموعة من الأسباب والتأثيرات التي تتسلسل مُشكّلة حلقة يتدهور فيها الحال مع نتائج كل سبب وآثاره حيث تتوالى الآثار السلبية ليزداد الوضع سوءاً. وعلى العكس من ذلك هناك ما يسمى بالحلقة الإيجابية أي عندما يكون هناك مجموعة من الأسباب والآثار الإيجابية مجتمعة ومتتالية وراء أي تحسّن في أية حالة عامّة أم خاصّة وتسمّى حينها "بالحلقة أو الدائرة الحميدة" *

* يحدث ذلك على عدة مستويات، خاصة على المستوى الاقتصادي، أما سياسيا وفي مراحل التحول في المجتمعات أى في المراحل اﻻنتقالية بعد اﻻنتفاضات والثورات يكون "الصراع على السلطة" سببا مهما لدخول المجتمع لحالة الحلقة المفرغة "الخبيثة" التي تستمر في توالدها حتى تتأتى أسباب ومؤثرات إيجابية لتتحول إلى الحلقة "الحميدة" - سلما أو حربا، حيث تتباين المؤثرات اإيجابية في العقول.. من الحلم والتوهم بالبطل المخلص إلى الفكرة المنقذة.

الجدير بالملاحظة هنا هو أنه في المراحل اﻻنتقالية يصعب تطبيق المعايير والمعطيات نفسها لو كان المجتمع مستقرا.. بل يصبح من العبث إسقاط قيم ومعايير مجتمع ديمقراطى راسخ على مجتمع تسوده الفوضى على كل الأصعدة الفكرية والنفسي.

الحلقة المفرغة أوجدها الصراع على السلطة والحرب الأهلية، التي تركت لنا ما نراه اليوم غابةً من الأسلحة والعصابات والأفكار المتطرّفة المؤدّية إلى دمار قاس. بل إن ما ينتشر في هذه الأيام من كرهٍ وتعصّبٍ وحقدٍ، ما شهدنا مثله من قبل في حياتنا، يؤسّس لخراب البلد وقتْلِ الأنفس من غير حساب.

نتابع اليوم حواراتٍ ومناظراتٍ تحمل في طيّاتها الكثير من كراهية بعضنا لبعض، وتضمر من الشرّ والبُغض ما لا يمكن أن نتصوّره في مجتمعٍ سليم. وكيف يكون المجتمع السليم ما لم يكن قبول الآخر، واحترام رأيه ، ومناقشة الأفكار للوصول إلى قيمٍ مشتركة تضبط إيقاع المجتمع وتنظّم سيره في الطريق الصحيح والسليم... حيث لا مجال إلا الإيمان بالتنوّع والتعدّد والاختلاف، مكمن سرّ التقدّم والحضارة والرقي.

نحن اليوم نعيش حالة انغماس في حياة مقفلة بل في حياة متطرّفة، وليدة لقراءة دينية متطرفة، فمعظم الجماعات المتكاثرة تلجأ إلى مرافعات التخوين والتجريح والقمع ضد كل فكر يناهض فكرها، وتسعى إلى اقتراح وفرض رؤيتها بأي شكل من الأشكال، ونحن نعلم أنّها تزعم كونها الدين عينه مجسداً في صورة تعاليمها وإرشاداتها وأفرادها، بينما نعي تماماً أنّ الدين - وهم - شيئان مختلفان.

الحلقة المفرغة تمضى مشحونة بالأحداث والقتل ورائحة الدم ، يكبر القهر، وتتعاظم رقعة العذاب والألم، والأسى ليذلّ جبروت الأمل فينا، وتتراجع أحلامنا مستسلمة، اخرجوا من مستنقع الوهم، فعندما ينتهي ذلك العبث سينظر بعضنا إلى بعض فاغرين أفواهنا من هول المفاجأة صارخين ماذا فعلنا بأنفسنا ولما دخلنا حلقتنا المفرغة؟