Atwasat

أخاف أنكم داعش!

عاطف الأطرش الإثنين 30 يناير 2017, 08:23 صباحا
عاطف الأطرش

مع الضجة الحاصلة حول الحادثة الأخيرة التي أسفرت عن مصادرة الكتب العربية والمترجمة وتكفير محتواها، من قبل مؤسسات حكومية بحجج عفَّى عليها الزمن منها مخالفة العقيدة الإسلامية والترويج للانحلال والانحراف، لا يحضرني سوى ذلك المقطع الذي يظهر فيه مواطن عراقي مسن يحيط به عناصر الجيش العراقي، وهو خائف منهم ويردد: أخاف أنكم داعش!.

وأقول ذلك لأن ما حدث قد تكرر سابقاً، مع جماعة أنصار الشريعة في بنغازي وسرت، التي تعاملت مع مثل هذه الكتب بنفس الحجة والمنطق، ولا يخفى على أحد ما آلت إليه تلك الجماعة التي أصبحت نسخة محلية من داعش.

المؤسسة الأمنية تعاملت مع الموقف بحس أمني بحت، فتشت عن إجراءات التوريد والإقرار الجمركي فلم تجدها، فحجزت البضاعة كأي بضاعة أخرى مخالفة، إلا أنها تعاملت مع الأمر بشكل لا يليق بهذا المجال، لكن حل هذا الإشكال يكمن من خلال التثقيف والتعليم والتوعية من خلال الدورات التي تشرف على تخريج هؤلاء الأفراد كي يكونوا على مستوى المسؤولية المطلوبة منهم.

لكن أن تأتي مؤسسة بحجم هيأة الأوقاف لتقوم بإعلان أن هذه الكتب هي كتب شيطانية تحمل أفكاراً هدامة ومضللة ضد العقيدة الإسلامية، فهنا علينا أن نقف بكل حزم أمام هذه المهاترة، وأن نراجع أفكار من يديرون هذه المؤسسة التي على ما يبدو تريد الاستئثار بالتفكير نيابة عن الجميع، وتمثيل دور الأخ الأكبر.

صحيح أن مجتمعنا مجتمع غير قاريء، لكن لا يعني ذلك أن نهضم حق من يريد القراءة بمثل هذه الحجج، فما نعانيه من أفكار ظلامية تنتشر هنا وهناك لدينا ما كانت لتوجد لو كنا مجتمعاً قارئاً. أليس كذلك؟

ويؤسفني مطالعة ردود ما يسمى بالجماعة السلفية التي تصف مخالفيها بالحمقى والمغفلين فقط لأنهم عبروا عن احتجاجهم حول التدليس الذي مارسته هيأة الأوقاف في توصيفها لتلك الكتب، الأمر الذي يذكرني بنفس ردود ومنطق أنصار الشريعة حول الحوادث المشابهة.

هذه الجماعة الآن لديها القوة المسلحة وتحظى بقاعدة شعبية فقط كونها تحارب "داعش"، إلا أن من يتفكر الخطوات التي قامت بها أنصار الشريعة وأخواتها سيجد تشابهاً كبيراً، وأن المسألة مسألة وقت وندعي أننا متفاجؤون بأن "الإخوة" صاروا مثل سابقيهم.

لذلك... أخاف أنكم داعش... كما قالها ذاك العراقي المسكين.