Atwasat

أزمة الدينار الليبي انعكاس لمأزق الاقتصاد

علي الصلح السبت 26 نوفمبر 2016, 01:13 مساء
علي الصلح

إن هناك إجماعاً واسعاً على فاعلية دور السياسات المالية والنقدية في المسار الاقتصادي، وهذا التأثير يكون أعمق وأهم في الاقتصادات النامية ومنها الاقتصاد الليبي.

ويذكر أن الموازنة العامة أهدافها من خلال الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري في ظل الإيرادات العامة التي ترسم معالمها ومكوناتها (ضرائب، رسوم جمارك، حصة نفطية).

فالسياسة المالية التداخلية من خلال (حصة النفط، تغيير حجم الضريبة، تغير قانون الرسوم الجمركية، الصرف الأجنبي الرسمي، إيقاف المشاريع الاستثمارية المقررة) لا غنى عنها في الاقتصادات النفطية ومنها ليبيا.

ولكن لمعيار جدواها شرطين الأول: إن الإنفاق العام مصدره ثروة نامية، والثاني: ألا يتجاوز التدخل أو يعطل أدوات السياسة الاقتصادية التلقائية (سعر الفائدة، ضرائب نسبية) بل يحفزها عبر الزمن.

العوامل الداخلية والخارجية أجبرت الدينار على الانخفاض اعتباراً من نهاية العام 2012 إلى 2016

وأظهرت العديد من البيانات وخاصة من البنك الدولي وصول معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، ولاسيما خلال العام 2015 إلى (- 10.2%)، في حين كان معدل النمو السنوي المركب للإنفاق العام نحو ( 46% ) مما يعكس بطء مسارات نمو الناتج المقارن بسرعة مسارات نمو الإنفاق العام.

هذه الظاهرة واضحة في الاقتصاد الليبي. وهنا يجب الإشارة إلى تأثر الاقتصاد الليبي بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية، منها أسعار وكمية النفط وعلاقتها بالتضخم وسعر الصرف، وعوامل داخلية خاصة بالإنفاق العام وعلاقتها أيضاً بالتضخم وسعر الصرف.

بمعني أن استقرار الأسعار يقتضي أن يكون هناك بعض التوازن بين الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وكمية النقود في الاقتصاد التي يتم بواسطتها تداول ذلك الناتج، لذلك يستخدم معيار الإفراط النقدي لتحديد كمية النقود الفائضة عما يسمى بالمستوى الأمثل الذي يحافظ على الاستقرار السعري، وهو يعني ضرورة حساب الحجم الأمثل لكمية النقود.

وقد أجبرت هذه العوامل الداخلية والخارجية الدينار على الانخفاض اعتباراً من نهاية العام 2012 إلى 2016، إذ يصرف بسعر يقل بنسبة 20% إلى خمسة أضعاف قيمته في المصارف الليبية 2016. كما هبطت قيمة الدينار في السوق الموازية حتى كسرت حاجز 7 دينارات لكل دولار (فك الارتباط بالقواعد)، وذلك نتيجة لعدم قدرة المصرف المركزي على بيع النقد الأجنبي، وهذا ناجم عن عدم إتاحة الحصول على أصوله الأجنبية.

رغم تضاؤل الفارق بين الدينار والدولار في فترات متباينة خلال الفترة المذكورة، إلا أن المتابع يلاحظ عدم قدرة الاقتصاد على الصمود، في ظل فوضى وتخبط، وثم انقسام في السياسات الاقتصادية والتحاق البعض بخصومات سياسية لا تخدم الصالح العام.
كل ذلك يشير إلى معركة اقتصادية حادة تحتاج إلى عقول اقتصادية تخدم وطناً فقط.