Atwasat

حتى لا يتحول الحلم إلى كابوس

البدري محمد الشريف الأحد 17 أبريل 2016, 12:16 مساء
البدري محمد الشريف

أصحابنا في البرلمان ومجلس الرئاسة ومجلس الدولة قريبون جدا من الخروج من عنق الزجاجة وربما ينطلقون مثل عفريت الجن الذى كان محبوسا في الشيشة، ويقولون لنا شبيك لبيك يا شعبنا الليبي نحن بين يديك، ماذا تريد؟

ونحن كل ما نريده هو تطبيق الاتفاق . فالأمور رغم ما يبدو من صعوبتها ورغم محاولات البعض إجهاض هذا الاتفاق السياسي، إلا أنها في الوقت الحاضر هي أقرب للحل والتحرك للأمام. لقد تعب الجميع، حتى الذين هوايتهم الجري في الماراثون تعبوا. مراهنات كثيرة لخلط الأوراق سقطت، ولنقل بشكل واضح إن كثيرا من الشخصيات الجدلية والتي كان مراهنا عليها بأنها ستنسف الاتفاق في أول فرصة إغراء لها بالسلطة والنفوذ انحازت للوطن. بالطبع ذلك لا يعنى أن هناك توافقا تاما مع هؤلاء أو بينهم ولكن المهم أن نصل إلى قناعة مشتركة بأن ليبيا ووحدتها هي البوصلة.

نعم هناك تطور في مسار العملية السياسية رغم كل الصعوبات والعقبات، ويكفي أن ننظر كيف كان الحال منذ سنة مضت وكيف هو الآن. لم يكن أطراف الصراع يقبلون حينئذ اللقاء والحديث المباشر، وكانت الحوارات بينهم تجري عن طريق الوسطاء، حتى وصلنا بقدرة قادر إلى لقاءات حميمة بين أعضاء البرلمان والمؤتمر، بل إنشاء تحالفات جديدة بينهم ضد بعضهم. المحرضون متحفزون ويدفعون للصدام، ويحاولون تذكيرنا في كل حين بما فعل هذا وما فعل ذاك، وماذا قال فلان وعلان في سابق الأيام. دائما يجروننا للماضي ويتعاملون وكأن الزمن ساكن لا يتحرك. ليعلم هؤلاء المحرضون بأنه في زمن الفتن، إن كانوا حقا صادقين ومخلصين لوطنهم، كان عليهم أن يقولوا خيرا أو ليصمتوا ما داموا عاجزين عن طرح بدائل للحل. هذا لا يعني مطلقا أننا ندعو لنسيان الماضي أو تراكماته وأحداثه ومظالمه، ولكن لذلك زمانه ومكانه وآلياته الخاصة، والتي تتم بها معالجة هذا الماضي الصعب، وذلك عند بدئنا في تطبيق العدالة الانتقالية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصالحة الوطنية. أما الآن فعلينا أن ننظر للمستقبل القريب والبحث عما يحقق الوئام والاستقرار لبلادنا والمضي في بناء الدولة التي تجمعنا جميعا ودون أي استثناء.

نتج عن الاتفاق السياسي 5 مؤسسات كل منها لها اختصاصاتها والمطلوب هو التعاون والتنسيق بين هذه المؤسسات

الاتفاق السياسي بني على مبدأ الشراكة في السلطة الانتقالية، وهو أمر أثبت جدواه في حل النزاعات المسلحة في العديد من البلدان التي شهدت حروبا أهلية، وبذلك فعلينا قبول كافة الأطراف التي شاركت في الحوار وقبلته ووقعت عليه. الموضوع لا يتعلق بمشاعرنا وتوجهاتنا ولكنه مسألة وطنية تتجاوز الخلافات الفكرية والرؤى السياسية. بالطبع، متوقع أن قضايا عدة سيكون هناك جدل حولها، وأعتقد بأن هناك من الضمانات الكافية في الاتفاق لكل طرف حتى لا يشعر أحد بالمغالبة لدرجة ربما تكون هذه الضمانات مبالغا فيها نوعا ولكن لا بأس طالما أن ذلك يهدف لتمتين الاتفاق.

لا معنى بعد الاتفاق أن يطعن أحد في الشركاء إلا وفق القانون وعند حدوث التجاوزات للاتفاق، ولكن غير ذلك فجميع المنضوين في هذا الاتفاق هم شركاء ومتساوون في أهميتهم. الحديث الذى يقول به البعض نحو إقصاء بعض الأفراد أو التنظيمات سواء من المجلس الرئاسي أو من الحكومة بسبب مواقفهم السياسية، هو أمر لا يخدم عملية السلام التي نسعى لتحقيقها ويتناقض أساسا مع روح الاتفاق السياسي الذى تأسس على مبدأ الشراكة في الحوار وفي السلطة الانتقالية. نحن تحكمنا المبادئ الحاكمة للاتفاق السياسي وهي المرجعية لحل أي خلاف فلا يجب أن ننجر إلى أولئك الذين يحاولون دفعنا للوراء وعلينا دعم الاتفاق لأنه يمثل خلاص ليبيا من الفوضى وبارقة الأمل لإعادة بناء الدولة الليبية.

دخول المجلس الرئاسي لطرابلس له أهمية كبيرة حيث إنه عمليا يعنى إعلان إنهاء حالة الحرب الأهلية التي اندلعت في شهر يوليو2014 ونتج عنها انقسام البلاد وهو انتصار للسلام ولليبيا كلها وليس انتصارا لفريق على آخر.
لقد نتج عن الاتفاق السياسي 5 مؤسسات كل منها لها اختصاصاتها التي حددها الاتفاق السياسي، وهي الحوار السياسي، ومجلس الرئاسة، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة. المطلوب هو التعاون والتنسيق بين هذه المؤسسات في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي ودعم السلام وحل أي إشكاليات تظهر أثناء التنفيذ.

مجيء المجلس الرئاسي للعاصمة هو بداية تطبيق الاتفاق السياسي على الأرض، ومجلس الدولة يبدو أنه جاهز رغم ما شاب بعض إجراءاته من خلل، والآن المهمة بيد مجلس النواب الذي وللأسف لم يستطع حتى الآن عقد جلسة لمنح الثقة للحكومة وتعديل الإعلان الدستوري. قد تكون لمجلس النواب بعض الملاحظات على تشكيل الحكومة وهذا حقه كسلطة تشريعية، ولكن عليه القيام باستحقاقاته الوطنية والإسراع في اتخاذ ما يلزم لتنفيذ الاتفاق وتيسير الأمور للمجلس الرئاسي والحكومة للقيام بواجباتهم. الوقت لا يحتمل وليبيا في وضع بائس تحت وطأة تهديد الانهيار الاقتصادي والإرهاب.