Atwasat

وثائق تكشف تعاون بريطانيا مع القذافي في أعمال خطف وتعذيب

القاهرة - الوسط: ترجمة: هبة هشام الجمعة 17 نوفمبر 2017, 12:58 مساء
WTV_Frequency

نشرت جريدة «ذا غارديان» البريطانية تحقيقًا مطولاً كشفت فيه العلاقات السرية بين المخابرات الليبية إبان عهد معمر القذافي ورئيسها موسى كوسا، والمخابرات البريطانية «إم آي 6» ورئيسها مارك ألين، وكيف اتفق الطرفان على تسليم معارضي القذافي واستجوابهم، وذلك بهدف استئناف وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

«ذا غارديان»: التقارب بين نظام القذافي والغرب، وبشكل خاص حكومة توني بلير، بعد هجمات 11/9 في الولايات المتحدة، كان أعمق بكثير من الأهداف المعلنة

وقالت الجريدة البريطانية إن تحقيقها قائم على تفاصيل لقاءات واتفاقات بين وكالات مخابرات بريطانيا وأميركا وليبيا تم الكشف عنها من خلال حوارات مع مسؤولين حكوميين وضحايا الترحيل السري ووثائق للحكومة البريطانية تم الكشف عنها بموجب قانون حرية تداول المعلومات، وجزء كبير من المعلومات يعتمد على وثائق سرية من المخابرات البريطانية والأميركية والليبية ظهرت خلال الفوضى التي أعقبت ثورة 2011.

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وبناء على الوثائق والمعلومات المتاحة، قالت «ذا غارديان» إن التقارب بين نظام القذافي والغرب، وبشكل خاص حكومة توني بلير، بعد هجمات 11/9 في الولايات المتحدة، كان أعمق بكثير من الأهداف المعلنة.. ولم يثمر التعاون بين حكومتي ليبيا وبريطانيا فقط عن تخلي معمر القذافي عن طموحاته لصنع أسلحة دمار شامل وأسلحة نووية، أو توقيع اتفاقات بقيمة ملايين الدولار لاستكشاف الغاز والنفط، لكن امتدت لتشمل الاتفاق على اختطاف واحتجاز وتعذيب معارضي نظام القذافي بمساعدة جهازي «إم آي 6» و«سي آي إيه».

البداية 11/9
بدأت القصة مع هجمات 11 سبتمبر العام 2001 في الولايات المتحدة، إذ قررت أجهزة مخابرات الولايات المتحدة وبريطانيا إقامة علاقات وثيقة مع أجهزة المخابرات في العالم العربي للتعرف على أهداف وقيادات تنظيم «القاعدة»، ومن هنا بدأ التعاون بين جهازي «سي آي إيه» الأميركي و«إم آي 6» البريطاني مع نظام معمر القذافي.

وقالت الجريدة: «عقب خمسة أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، خرج مجموعة من مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) من مقر الوكالة متوجهين إلى السفارة البريطانية، لإطلاع جهاز المخابرات (إم آي 6) ورئيسه مارك ألين، حول خطتهم للرد على الهجمات».

الفريق كان بقيادة كوفر بلاج، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في «سي آي إيه» وقتها. وخلال ثلاث ساعات، أطلع الفريق المسؤولين في السفارة البريطانية على خطتهم للرد على الهجمات، التي تضمنت بشكل رئيسي زيادة نطاق برنامج بدأته (سي آي إيه) في منتصف التسعينات لاختطاف «الجهاديين» في البوسنة والتحقيق معهم.

خطة «سي آي إيه» تضمنت تعريف واختطاف والتحقيق مع مشتبهين من تنظيم «القاعدة» حول العالم. وبدا رئيس جهاز «إم آي 6» البريطاني مارك ألين قلقًا

وتضمنت خطة «سي آي إيه» تعريف واختطاف والتحقيق مع مشتبهين من تنظيم «القاعدة» حول العالم. وبدا رئيس جهاز «إم آي 6» البريطاني مارك ألين قلقًا، وعلق قائلاً: «يبدو ذلك مثيرًا للذعر»، وتساءل عما قد تفعله «سي آي إيه» و«إم آي 6» بعد أن انتشر تنظيم «القاعدة» في كثير من الدول حول العالم.. وقال ألين: «وما الذي سنفعله بمجرد أن نقضي على الزئبق في أفغانستان؟». وأضاف، وفق محضر الاجتماع، قائلاً: «على الأرجح ستتم محاكمتنا جميعًا».. وخلال العام التالي للهجمات، اجتمع رؤساء أجهزة المخابرات في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا ونيوزيلاندا وأستراليا، وأكد رئيس جهاز «سي آي إيه» جورج تينيت أن فهم طبيعة تنظيم «القاعدة» وهزيمته لن تتم سوى بالعمل بشكل مقرب مع أجهزة المخابرات في الدول العربية، على أن يتفق الجميع على تنفيذ كافة ما يلزم من أجل الرد على الإرهابيين.

ومن هنا، كان إنشاء علاقات قوية مع أجهزة المخابرات في العالم العربي من الضرورات الملحة. وانطلاقًا من هذا الهدف، بدأ «سي آي إيه» و«إم آي 6» التعاون مع جهاز الأمن الخارجي في ليبيا.

وكان الهدف من التقرب من النظام الليبي والتعاون مع أجهزته هو التعرف أكثر على «الميليشيات الإسلامية»، لكن مارك ألين والقيادات السياسية في بريطانيا رأوا في ذلك فرصة للدخول في مفاوضات مع القذافي حول برنامجه لتطوير أسلحة دمار شامل، بحسب «ذا غارديان».

وكان القذافي يسعى لتطوير قدرات نووية منذ 1970، عبر الحصول على أسلحة هندية الصنع، وعبر الوصول إلى خام اليورانيوم وتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم.

وفي 2003، بدأت الحرب في العراق تأخذ منحنى سيئًا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، إذ بدا واضحًا أن أجهزة صدام حسين للدمار الشامل، السبب الأول للحرب، لم تكن موجودة، ولهذا رأى «إم آي 6» أن إقناع معمر القذافي بالتخلي عن برنامجه النووي، سيقدم مبررًا جديدًا للحرب ضد العراق.

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وبينما أخد «سي آي إيه» و«إم آي 6» في بناء علاقات مع ليبيا، ساعد الجهازين الجواسيس الليبيين في اختطاف أعداء القذافي. وتم اختطاف اثنين من أبرز قيادات المعارضة في ليبيا، أحدهما من هونج كونغ، سامي السعدي، والآخر من تايلاند، عبدالحكيم بلحاج، وتم إعادتهما إلى ليبيا مع أسرتيهما. وتعرض الشخصان للتعذيب في سجون ليبيا، ووفر عملاء «إم آي 6» أسئلة استجوابهما، كما وفرت معلومات عن معارضين ليبيين آخرين.

«ذا غارديان»: الشرطة البريطانية احتجزت أعداء القذافي، منهم من أقام في بريطانيا بشكل قانوني لسنوات، وحاولت الحكومة البريطانية ترحيلهم إلى طرابلس

وذكرت «ذا غارديان» أن الشرطة البريطانية احتجزت أعداء القذافي، منهم من أقام في بريطانيا بشكل قانوني لسنوات، وحاولت الحكومة البريطانية ترحيلهم إلى طرابلس. وتعرض طالبو اللجوء الليبيون والمواطنون الليبيون–البريطانيون في مانشستر ولندن للتهديد على يد عملاء القذافي، الذين تمت دعوتهم لدخول بريطانيا والسماح لهم بالعمل بحرية في شوارع المملكة بمساعدة جاهز «إم آي5».. ووفرت المخابرات البريطانية تفاصيل مكالمات هاتفية أجراها هؤلاء لجهاز المخابرات الليبي، تم بموجبها اعتقال أقارب وأصدقاء المعنيين في ليبيا وتم تهديدهم.

الاجتماع الأول
وسردت «ذا غارديان» بعض تفاصيل الاجتماعات بين رئيس جهاز المخابرات الليبي موسى كوسا ومارك ألين ومسؤولين من المخابرات البريطانية. ففي 20 سبتمبر من العام 2001، بعد أيام قليلة من هجمات 11/9، التقى موسى كوسا ومارك ألين، وكان من المعروف وقتها أن القذافي «مذعورًا» من الهجمات، نظرًا لتاريخ ليبيا بصفتها «راعي للإرهاب» بعد هجوم طائرة لوكربي العام 1988.

ونقلت «ذا غارديان» عن وثيقة من مكتب السفير الأميركي في القاهرة ديفيد ويلش إن «القذافي كان مذعورًا بعد هجمات 11/9، وربما هذا ما دفعه لإدانة الهجمات بشكل سريع، لكنه كان يعلم أن تلك الإدانة السريعة لن تكون كافية لإنقاذه من غضب واشنطن، فهاتف جميع القادة العرب، وترجاهم لأجل عقد قمة سريعة لإثناء واشنطن عن شن هجوم ضد بلاده». وكتب ويلش: «عندما هاتف ملك الأردن الملك عبدالله، القذافي بدا مذعورًا بشكل هستيري».

وقالت «ذا غارديان» إن موسى كوسا ومارك ألين بينهم كثير من العوامل المشتركة، كلاهما في العقد الخامس من العمر، حظوا بتعليم جيد، جميع تصرفاتهم دقيقة ومتدينون إلى حد ما، وتعامل الاثنان بواقعية كبيرة فيما يتعلق بتنظيم «القاعدة».

وذكرت الجريدة أن الوثائق كشفت أن كوسا عرض على ألين إمداده بمعلومات حصل عليها من معتقلين، أدلوا بها تحت وطأة التعذيب في السجون الليبية، واتفق الرجلان على ضرورة أن يلتقي خبراء مكافحة الإرهاب من البلدين «لمناقشة كيف ستتم مواجهة العدو المشترك».

وبعد هذا اللقاء بأسبوعين، أرسل ألين مذكرة كتب فيها: «مهتم جدًا بعمليات الاختراق المشتركة ضد مجموعة تسمى (الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا). ورغم انضمام بعض أعضاء الجماعة لـ(القاعدة) في أفغانستان، إلا أن قيادة الجماعة في ليبيا رفضت أفكار أسامة بن لادن وأبقت على هدفها بإطاحة القذافي».

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وكتب ألين بوضوح أن «أعضاء (الجماعة الليبية المقاتلة) قد يوفرون معلومات حول تهديد (القاعدة)» وأبدى اهتمامًا خاصًا بالقيادي بالجماعة عبدالحكيم بلحاج.

وخلال تلك الفترة، وقع الرئيس الأميركي جورج بوش قرارًا عسكريًا يسمح باستخدام أساليب الترحيل القسري والتعذيب. وعقد مسؤولو المخابرات الليبية و«إم آي 6» عدة لقاءات أيضًا.

ومع حلول شهر أغسطس من العام 2002، تم استئناف العلاقات بين بريطانيا وليبيا بشكل مبدئي، وكان الهدف هو التعاون الأمني مع المخابرات الليبية، أو كما وصفه توني بلير بـ«الجائزة الكبرى». وزار مسؤول بريطاني القذافي في مدينة سرت للمرة الأولى منذ 1984.

«ذا غارديان»: رغم ما عُرف عن القذافي في الشرق الأوسط، وأنه «رجل مجنون»، هؤلاء في الدوائر العليا من حكومة بريطانيا خلصوا إلى أنه من الأفضل أن يكون القذافي «رجلنا المجنون»

وقالت «ذا غارديان»: «رغم ما عُرف عن القذافي في الشرق الأوسط، وعن كونه (رجل مجنون)، هؤلاء في الدوائر العليا من حكومة بريطانيا خلصوا إلى أنه من الأفضل أن يكون القذافي (رجلنا المجنون)».

وأشارت إلى أن معظم العمل الذي تم لبناء العلاقات بين البلدين كان على يد رجال المخابرات، وبشكل خاص مارك ألين وموسا كوسا، حيث التقى الثنائي بشكل دوري خلال 2002 ويبدو أن علاقتهما تطورت للصداقة، حيث ظهرت «هدايا وتمر وبرتقال من طرابلس في مقار جهاز (إم آي 6). وفي 20 سبتمبر 2003، دُعي كوسا لحفل غذاء في فندق غورينغ الفاخر في لندن».

وقال مسؤول في «إم آي 6» إن «اللقاءات تركزت حول العلاقات الثنائية، وتبادل المعلومات المخابراتية، ورغبة (إم آي 6) التأكد بأن سيف الإسلام القذافي آمن ومرتاح في إقامته بلندن. وتحول النقاش إلى معارضي القذافي السياسيين الموجودين في بريطانيا».

قائمة «الزنادقة»
«ذا غارديان» تطرقت إلى تاريخ آخر هو 25 نوفمبر 2002، وقالت إن «الليبيين سلموا (إم آي 6) قائمة بأسماء 79 من النشطاء المعارضين»، أطلقوا عليهم لقب «زنادقة» يقيمون داخل بريطانيا، وقالوا إنهم أعضاء في «الجماعة الليبية المقاتلة».

ومع نهاية العام 2002، ومع مزيد من التقارب بين البلدين، تم إيقاف الليبيين المقيمين في بريطانيا في المطارات لاستجوابهم، ونفذت الشرطة مداهمات ضد منازلهم في لندن ومانشستر.

ونقلت الجريدة عن دبلوماسي، لم تذكر اسمه، إنه «مع بداية العام 2003، ومع احتشاد القوات الأميركية والبريطانية عند حدود العراق، خشى القذافي من مهاجمة ليبيا، وهاتف رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني وقال إنه مستعد لفعل كل ما يطلبونه».

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

ومع انطلاق الحرب في العراق وسقوط العاصمة بغداد، كشفت وثائق عن لقاءات متكررة بين مارك ألين ومسؤول في جهاز «سي آي إيه» ستيفن كابيس لمناقشة سبل إقناع القذافي بالتخلي عن طموحاته لإنتاج أسلحة نووية وكيميائية.

ونقلت الجريدة إن «ألين وكابيس التقيا موسى كوسا، ولم يتم مناقشة تطبيق أي عقوبات دولية على ليبيا، فالثلاثة يعلمون بمدى خوف القذافي من أن تغزو القوات الأميركية بلاده. وفي اجتماعات بطرابلس، ناقش مسؤولو (إم آي 6) برنامج أسلحة الدمار الشامل للقذافي، وأيضًا طرق استهداف (الزنادقة) الليبيين حول العالم. وأخبر مسؤولو المخابرات البريطانيون أنهم اعترضوا مكالمات أجراها سامي السعدي من منزله في طهران».

وسلم مسؤولو «إم آي 6» و«إم آي 5» لليبيين قائمة تضم معلومات حول تحركات وأماكن تواجد معارضي القذافي في مدينتي لندن وبرايتون في بريطانيا، ومدينة بيشاور في باكستان، ومدينة لوس أنجليس الأميركية. وبدأت المخابرات البريطانية في تعقب قيادات «الجماعة الليبية المقاتلة».

سفينة الشحن «بي بي سي تشاينا»
وفي 4 أكتوبر من العام 2003، أشارت الجريدة إلى اعتراض سفينة الشحن «بي بي سي تشاينا»، وهي مسجلة في ألمانيا، أثناء توجهها إلى ليبيا، إذ اعترضتها البحرية الإيطالية وأجبرتها على التوجه إلى ميناء تورنتو.

وكانت السفينة تحمل آلاف القطع من أجهزة الطرد المركزي الخاصة ببرنامج القذافي لتخصيب اليورانيوم. وتم تعقب المواد إلى ماليزيا، حيث تم تصنيعها، نيابة عن عالم الذرة الباكستاني، عبدالقدير خان، الذي يعد «الأب الروحي للقنبلة الذرية في باكستان» وشارك في بناء برامج إيران وكوريا الشمالية النووية.

وبعدها، تم استدعاء موسى كوسا مرة أخرى إلى بريطانيا، لمقابلة مارك ألين وستيفن كابيس. وخلال الاجتماع نقل ألين وكابيس رسائل شخصية إلى القذافي من توني بلير وجورج بوش مفادها «أنهم يعلمون أن الليبيين يمضون قدمًا في برنامجهم النووي، بينما يتظاهرون بالعكس». وعندها تعهد كوسا بأن «الحكومة الليبية ستتخلص من البرنامج».

برامج لصنع أسلحة كيميائية
وبعد هذا اللقاء بـ11 يومًا، وصل فريق تدخل أميركي–بريطاني مكون من 13 عنصرًا، بقيادة ألين وكابيس، إلى مطار معيتيقة في طرابلس. ووجدوا دلائل على برامج لصنع أسلحة كيميائية لم تختبر بعد، إلى جانب دليل على وجود برنامج نووي في مرحلة متقدمة.

وبدأ العمل لتفكيك محطات صنع الأسلحة والتخلص من المخططات وأجهزة الطرد المركزي وغيرها من المعدات. وتم نقل ما يقرب من 13 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 80% بمساعدة روسيا. وكان من المقرر أن تنتهي العملية في غضون أربعة أشهر.

وبعدها التقى مارك ألين مع مسؤول مكافحة الانتشار النووي في مجلس الأمن الوطني الأميركي روبرت جوزيف لمناقشة صيغة الخطاب الذي من المفترض أن يلقيه القذافي لإعلان تخليه عن طموحاته لإنتاج أسلحة دمار شامل. وتم الاتفاق أن يلقي القذافي الخطاب على التلفزيون الليبي في 19 ديسمبر. وأن يلقي جورج بوش وتوني بلير بيانات منفصلة.

لكن القذافي قرر في اللحظة الأخيرة أنه لن يلقي الخطاب، لأنه يريد مشاهدة مباراة لكرة القدم، ولهذا ألقى وزير خارجيته البيان بدلاً عنه.

وبعدها أرسل ألين خطابًا إلى كوسا، كتب فيه إن «العمل معه كان امتيازا حقيقيا. وفي هذا الوقت، أقدم لكم خالص الإعجاب والتهنئة». لكن إنهاء طموحات القذافي النووية لم تكن نهاية التعاون بين البلاد الثلاثة، بحسب «ذا غارديان».

عبدالحكيم بلحاج
وورد ذكر عبدالحكيم بلحاج في الوثائق. وقالت «ذا غارديان» إنه من بين الوثائق التي تم الكشف عنها، رسالة من «إم آي 6» بتاريخ 1 مارس 2004، تخبر الليبيين بمكان تواجد بلحاج وزوجته، إلى جانب صور من خطابات بين كوسا والسفير الماليزي في ليبيا يطلب مساعدته بالأمر.

«سي آي إيه» في رسالة حول «احتجاز وترحيل بلحاج»: نخطط لاحتجاز الثنائي في بانكوك ووضعهما على متن طائرة خاصة بنا متجهة إلى بلدكم ليبيا

وهناك أيضًا رسالة من «سي آي إيه»، بتاريخ 6 مارس 2004، حول «احتجاز وترحيل بلحاج»، قالت: «نخطط لاحتجاز الثنائي في بانكوك ووضعهما على متن طائرة خاصة بنا متجهة إلى بلدكم ليبيا».

وفي اليلة التالية، استقل الثنائي، بلحاج وزوجته، طائرة تجارية من ماليزيا إلى لندن عبر مدينة بانكوك في تايلاند. وفي بانكوك، تم إنزالهم من الطائرة، واصطحابهم إلى مركز احتجاز تابع لـ«سي آي إيه» في مطار دون موينج الدولي.

وبعد خمسة أيام، تم نقل الثنائي إلى طرابلس، على متن رحلة استغرقت 17 ساعة. وبعدها تم نقلهم بشكل منفصل إلى سجن تاجوراء، شرق طرابلس. وأرسل جهازا «إم آي 6» و«إم آي 5» أسئلة يريدون إجاباتها من بلحاج، بعضها يخص معارضين آخرين بالخارج. ووصل عدد الأسئلة إلى 1600 سؤال.

«ذا غارديان»: ألين أرسل خطابًا إلى كوسا، يعد من أهم الخطابات على الإطلاق، عبر فيه عن «امتنانه له لجهوده في ترتيب زيارة توني بلير إلى (القائد) القذافي

وبعد وصول بلحاج إلى ليبيا بنحو تسعة أيام، أي في 19 مارس 2004، قالت «ذا غارديان» إن ألين أرسل خطابًا إلى كوسا، يعد من أهم الخطابات على الإطلاق، عبر فيه عن «امتنانه لكوسا لجهوده في ترتيب زيارة توني بلير إلى (القائد) القذافي» وقال إن «بلير سيصل بصحبة صحفيين، وسيقابل القائد في خيمته. والحقيقة أن الصحفيين سيحبون ذلك».

وبعدها «هنأه ألين على وصول بلحاج سالمًا»، وقال: «فهذا أقل ما يمكننا تقديمه من أجلكم ومن أجل ليبيا للتأكيد على العلاقة الرائعة التي أقمناها خلال السنوات الماضية».

وتابع ألين في خطابه قائلاً: «طلب جهاز (سي آي إيه) أن يتم نقل جميع طلبات الحصول على معلومات من بلحاج عبرهم. ولا أنوي القيام بذلك. فالمخابرات كانت بريطانية. أعلم أنني لم أدفع بعد نظير الشحنة. لكن أعتقد أني أملك الحق بالتعامل معكم مباشرة في هذا الأمر».

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وزار توني بلير ليبيا في 25 مارس 2004، وعقد لقاءه الشهير مع القذافي في الصحراء، وأعلن أن «ليبيا لديها نفس القضية المشتركة، وهي الحرب ضد الإرهاب». وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن توقيع شركة «شل» النفطية لعقد قيمته 110 ملايين جنيه إسترليني لاستكشاف الغاز والنفط في ليبيا.

سامي السعدي
وبعد يومين من زيارة توني بلير، تم الإعداد لعملية احتجاز وترحيل جديدة، هذه المرة بحق سامي السعدي، والذي انتقل إلى الصين مع زوجته كريمة وأبنائه الأربعة.

وذكرت «ذا غارديان» أن العائلة انتقلت إلى هونغ كونغ بعد أن تواصل السعدي مع جهازي «إم آي 5» البريطاني عبر وسيط للسماح له بالعودة إلى بريطانيا. وبعدها تم احتجاز العائلة بأكملها في هونغ كونغ.. وسردت خديجة، ابنة السعدي، تفاصيل إلقاء القبض على عائلتها، وترحيلهم على متن طائرة ، خالية من الركاب سوى من بضعة رجال ليبيين. وقالت: «أخبرتني أمي أنهم سيأخذوننا إلى ليبيا. لم أصدق ذلك لبرهة، لكني تيقنت أنها الحقيقة، وكنت خائفة جدًا، واعتقدت أننا سننتقل جميعًا. ثم أخبروني أن أذهب وأودع أبي. لقد كان مكبلاً ومحتجزًا في جزء آخر من الطائرة».. وبعد وصول الطائرة إلى طرابلس، قالت خديجة إنه تم تكبيل عائلتها ووالديها وتغطية رؤوسهم، ونُقلوا جميعًا إلى سجن تاجوراء. وقالت إن «والدها تعرض للتعذيب والصعق بالكهرباء، وكانوا يسمحون له برؤيتنا لبضعة دقائق فقط لزيادة الضغط عليه». وتابعت خديجة: «قررنا بعدها الإضراب عن الطعام، لكن ذلك لم يكن مهمًا». وبعد 10 أسابيع تم إطلاق خديجة ووالدتها وإخوتها.

التحقيق مع بلحاج والسعدي في طرابلس على يد اثنين من مسؤولي المخابرات البريطانية

ونقلت «ذا غارديان» أنه تم التحقيق مع بلحاج والسعدي في طرابلس على يد اثنين من مسؤولي المخابرات البريطانية. وفي إحدى المرات، أشار بلحاج إلى كدمات أُصيب بها في يديه. وأوضح أنه تم تعليقه من يديه وتعرض للتعذيب. وقالت «ذا غارديان» إن بلحاج تحدث معهم من خلال الإشارات لعلمه بأن جميع اللقاءات مسجلة.

جهاز «إم آي 5»
ومن بين الأوراق التي ظهرت خلال ثورة 2011، مذكرة من جهاز «إم آي 5»، تم كتابتها، قبل زيارة إلى طرابلس في فبراير 2005، تحت عنوان «سري، بريطانيا/ليبيا»، تضمنت تقييمًا لعمليات احتجاز بلحاج والسعدي.. وقالت المذكرة إن «احتجاز بلحاج والسعدي وضع (الجماعة الليبية المقاتلة) في حالة فوضى. فالرجلان كانا بمثابة حارسين لاستقلال الجماعة عن الحركة الجهادية العالمية، لكن في غيابهما، وقعت الجماعة تحت نفوذ وتأثير آخرين يدفعونها لفضاء تنظيم (القاعدة)».

ومع اندلاع أحداث ثورة 2011، ذكرت «ذا غارديان» أن موسى كوسا أخبر القذافي أنه بحاجة للعلاج في تونس، ومنها غادر إلى بريطانيا، حيث قابل مسؤولي «إم آي 6»، وبعدها غادر إلى قطر.

ولجأ بلحاج والسعدي وآخرين، تعرضوا للتعذيب والاحتجاز، إلى مقاضاة الحكومة البريطانية وجهاز «إم آي 6»، وذلك بعد ظهور بعض الأدلة حول تورط المخابرات البريطانية.

وفي العام 2012، تم تسوية قضية السعدي مقابل حصوله على 2.23 مليون جنيه إسترليني. بينما واصل بلحاج قضيته القانونية ضد الحكومة البريطانية ومارك ألين ووزير الخارجية السابق جاك سترو. وقال بلحاج إنه سيقبل تسوية مقابل 3 ملايين جنيه إسترليني.

للاطلاع على العدد «104» من جريدة «الوسط» اضغط هنا

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تحذير من رياح مثيرة للأتربة على شمال ليبيا خلال اليومين المقبلين
تحذير من رياح مثيرة للأتربة على شمال ليبيا خلال اليومين المقبلين
بلدية سرت تبحث التصدي للتدعيات على خطوط النهر الصناعي
بلدية سرت تبحث التصدي للتدعيات على خطوط النهر الصناعي
ضبط سيارة مسروقة في صبراتة بالتعاون مع أمن الجفارة
ضبط سيارة مسروقة في صبراتة بالتعاون مع أمن الجفارة
التحقيق مع عنصري أمن تلاعبا بسلاح وسيارة شرطة
التحقيق مع عنصري أمن تلاعبا بسلاح وسيارة شرطة
الكبير وبن قدارة يبحثان توفير التمويل لزيادة إنتاج النفط والغاز
الكبير وبن قدارة يبحثان توفير التمويل لزيادة إنتاج النفط والغاز
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم