Atwasat

حديث السكن والألفة- الصواب والخطأ في الزواج

حنان عبدالرحيم الثلاثاء 07 نوفمبر 2017, 08:52 صباحا
حنان عبدالرحيم

15- الصواب والخطاء في الزواج
الزواج هو الزواج سواء أكان في باريس أو في التبت، أو في ليبيا. هو ارتباط قد يكون بالتراضي، أو تنفيذا لعادات أو ثقافات أو ديانات. له مشاكله ونجاحاته ولحظاته السعيدة والحزينة أيضا. هناك أخطاء من دون شك بسيطة أو معقدة، وهناك صواب. قد يكون سببه طرف واحد أو قد يشترك فيه الطرفان. السلوك الخطأ قد يفسد هذه الشراكة والسلوك الصائب قد يدعمها؛ شوائب وبهجات طبيعية بل إن عدم حدوثها هو بالتأكيد أمر غير طبيعي.

أهم نقاط الصواب، مثلما يقول المتخصصون، يتصدرها الالتزام؛ الالتزام بالعهود والمواثيق العاطفية على وجه الخصوص، تلك التي تبنى على مشاعر وأحاسيس واقعية. ويؤكد البُحاث أن الزواج السعيد لا يستمر من دون القناعة بهذا الالتزام.

ثم تعد المرونة والتفهم، وقياس الأمور برؤية الآخر، أمر غاية في الأهمية، آخذين في الاعتبار أنه لا أحد يريد أن يشقى في حياته، ولابد أن هناك سببا لسلوك الطرف الآخر وبالتالي يتعين أن يتسع البال، وقبول الأمر والتفكير فيه وإيجاد مخرج له وبالتأكيد علاجه. ذلك كله يتطلب المرونة وعدم الإصرار على وجهة نظر أحادية.

قد تكون طبيعة عمل أحد الطرفين منهكة له، فتتسبب في ابتعاده عن شريكه فيقل التواصل بينهما. وفي مثل هذه الحالة لابد من مكاشفة صريحة والعمل على أن يجدا وسيلة لتفادي هذا الابتعاد، فأجدادنا بالتأكيد لمسوا هذه المساءلة وإلاّ ما قالوا: "بعيد عن العين هين على الخاطر".

التوقعات الكبيرة، ونستطيع القول أنها أكبر عند الزوجة، فطبيعة الأنثى التي تغلب عليها الرومانسية التي تجعلها تتوقع من زوجها أن يكون هو الآخر رومانسيا، في حين أن الزوج غالبا، خصوصا الليبي، لا يكون رومانسيا بقدر ما يكون عمليا، ولذلك ينبغي تحجيم التوقعات بحسب المتاح، فلا تتوقع الزوجة تلك الرومانسية التي تحلم بها منذ بدأت تشعر بأنوثتها، ولا يتوقع الزوج، أن أحلامه كلها ستحققها بالدرجة التي تنامت عنده منذ أن شاهد فاتنات السينما.

هناك واقع يفرض نفسه خصوصا من بعد أن يصبح لهما شركاء في بيتهم، يحتاجون إلى رعاية كاملة ومتواصلة ومعقدة أثناء رضاعتهم، وألعابهم، ومدرستهم وعطلاتهم، عليهم أن يفهموا أن أطفالهم يرون أن البيت كله بيتهم، بما فيها غرفة أبويهم الخاصة، فهم يرون أن قاطنيها مُسخرون لرعايتهم باتصال الليل والنهار. ولذلك يتعين على الزوجين تقنين حق أطفالهم هذا، وتنظيمه، من البداية، بما يفسح لهم لقاءاتهما الخاصة، وذلك لا يتحقق إلاّ بتنظيمه من بداية حركتهم المبكرة.

وتظل قوة التعاضد في مواجهة الأزمات أمرا غاية في الأهمية، فليس هناك حياة تخلو منها، فالمرض، وفقدان مصدر الدخل والكوارث هي حالات لا يتوقعها المرء في الغالب، ولكن مواجهتها، باتحاد الزوجين أمر بالغ الأهمية فهو الخطوة الأولى لانضمام الأطفال وتعاضدهما مع أبويهما.

هناك دراسة ضمت أكثر من 700 زوج وزوجة، كان منهم ما نسبته 90% يقضون وقتا مع أسرهم أكثر مما تقضى البقية، وتبين أن غالبيتهم سعداء في حياتهم، أما بالنسبة الباقية كانت نسبة الطلاق مرتفعة، فرجعوا سبب ذلك إلى أنهم لا يقضون وقتا طويلا مع أسرهم. ومن أفضل ما سجل من آراء من الذين شملتهم الدراسة أن زوجة قالت: "ليس فكرة أو نصيحة أو قول من شريك حياتك ينفذ إلى القلب إلاّ ذلك الذي يقال على مهل وفي متسع من الوقت، حياتنا جميلة لأننا نقضى وقتا طويلا معا، أو لأننا نقضي معا وقتا طويلا أصبحت حياتنا أكثر سعادة" وقالت سيدة أخرى: "سر سعادتنا أن نقضي جل وقتنا معا لدرجة أننا ألغينا فكرة العشاء الأسبوعي الذي اعتدنا تناوله خارج البيت".

صحيح أن الكثيرين يقضون أوقاتا ممتعة ومتميزة في منتجعات فخمة، ولكن وقتها محدد، وبالتالي لا تضاهي الأوقات البسيطة العادية اليومية التي تقضيها الأسرة معا، وذلك يعني أن الأهم هو طول الفترة، وليس نوعيتها وترفها.